منوعات

اختفاء واحتفال.. عادات مثيرة للزواج و الطلاق بصحراء المغرب

تختلف العادات والتقاليد المرتبطة بالزواج من بلد إلى آخر، إلا أن المشترك في ما بينها هو ارتباط الزواج بمظاهر الفرح و الاحتفال و ارتباط الطلاق بمشاعر الخيبة والحزن. و هو ما لا ينطبق بالضرورة على معادلة الزواج والطلاق في منطقة الصحراء المغربية، حيث يحتفل الناس هناك بالزواج مثلما يحتفلون بالطلاق.

ويعتبر الاحتفال بالطلاق الذي يسمى في المعجم الحساني “التحراش” من بين العادات التي يتفرد بها الصحراويون، وهي عادة قد يستغربها البعض، لكن أهلها يعتبرونها تقليدا يمنحهم الاختلاف والتميز، وطقس يكرم المرأة المطلقة وسط النساء.

والاحتفال بالطلاق عادة ورثها الصحراويون عن الأجداد، كما ورثوا معها عادات وأسرار مثيرة ترتبط بأيام الاحتفال الطويلة بالزواج، تميز المنطقة عن باقي مناطق المغرب.

اختطاف العروس وإخفائها

من أكثر العادات الصحراوية غرابة، هي اختطاف العروس من طرف صديقاتها وإخفائها عن العريس في مكان يصعب الوصول إليه، وهو ما يضفي نوعا من الحماس والتشويق والمرح على تفاصيل العرس الصحراوي. وهو ما يطلق عليه “التراوغ” بالحسانية وهي لهجة أهل الصحراء في المغرب، ويعد اختبارا لمدى تعلق العريس بعروسه ومدى حبه لها وسعيه المضني خلال تلك الليلة للبحث عنها بهدف العثور عليها بكل الطرق.

وجرت العادة أن يساعد أصدقاء العريس صديقهم في البحث عن العروس المختطفة، وما يزيد من صعوبة العملية هو تنكر إحدى صديقات العروس في ملابس هذه الأخيرة واختبائها في مكان يسهل على العريس العثور عليه لتعقيد مهمته و زيادة تمويهه، ليحملها إلى مكان العرس وفور إزالة الخمار عن وجهها يكتشف أنها “العروس المزيفة”.

وبعد دخول أهل العروسين والمدعوين في حالة من الضحك والسخرية مما وقع للعريس، يعاود الأخير محاولة البحث عن عروسه مرة ثانية بمعية أصدقائه، ويعود بها إلى الخيمة التي يقام فيها العرس في جو من الحماس والفرح وإن لم يفلح في العثور عليها يتوجب عليه حينها دفع فدية لتحرير زوجته من صديقاتها.

يقول محمد سالم الشافعي المتخصص في الموروث الحساني: “هذه العادة تعطي نكهة خاصة للزفاف الصحراوي، و متعة للضيوف الحاضرين في ليلة العرس، ويضيف: “تختلف تفاصيل هذه العادة من قبيلة إلى أخرى في ما يتعلق بالعادات إلا أن العريس الشاطر غالبا لا يترك زوجته تقع في قبضة صديقاتها وأقربائها خلال تلك الليلة المميزة”.

تقاليد حفل الزفاف الصحراوي كثيرة ومختلفة وبعضها غير مألوف، من ضمنها عدم كشف العروس الصحراوية عن وجهها أثناء مراسيم الزفاف، وتطل على ضيوفها بخمار شفاف تضعه على وجهها ولا تزيله إلا بعد انتهاء العرس.

يقول سالم الشافعي “سابقا لم يكن متاحا للعريس التعرف على وجه العروس قبل ليلة الدخلة، حيث يوكل للأهل مهمة البحث عن الزوجة المناسبة وخطبتها.

ورغم هذه العادة، فإن عقد القران في الصحراء تحكمه مقولة : “لا لاحقة ولاسابقة” و التي تشترط على العريس عدم الزواج سابقا وعدم اقدامه على الزواج مستقبلا، و وهو شرط الزواج الذي ينصف به المجتمع الصحراوي المرأة، و يمنحها الحق في تطليق نفسها إن علمت بوجود امرأة سابقة لزوجها أو اقدامه على الزواج من غيرها “.

يقول المتخصص في الموروث الحساني: “التقاليد الصحراوية في المغرب مشبعة بالقيم والأخلاق، و الشق المتعلق منها بأعراف الزواج يختلف من قبيلة إلى أخرى، ولكل عشيرة طقوسها الخاص، وكان الزفاف قديما يستمر7 أيام حينما يتعلق بالفتاة البكر وتتخلله مجموعة من الطقوس والعادات، فيما كان يخصص ثلاتة أيام لحفل الزفاف بالنسبة للمرأة التي سبق لها الزواج”.

احتفال بالطلاق

فلسفة الطلاق في الصحراء تختلف عن باقي مناطق المغرب، حيث دأبت النساء الصحراويات من العائلات الميسورة والمتوسطة على إقامة حفل راقص مباشرة بعد انتهاء عدة الانفصال، للتعبير عن الفرح بطلاقهن ودخولهن في مرحلة انتقالية قد تنتهي بزواج جديد.

و تحتل المرأة المطلقة مكانة خاصة داخل مجتمعها، وتستشار في أمور الحياة اليومية من طرف أهلها وأقاربها لما خبرته في تجربتها من زواجها الأول.

ويعتبر حفل الطلاق بمثابة إشهار للراغبين في التقدم لخطبة المرأة المطلقة، وتكون لها حظوظ أكبر في الزواج للمرة الثانية والثالثة، حيث يفضل بعض الرجال في الصحراء الارتباط بامرأة مطلقة نظرا للخبرة التي كسبتها خلا تجربتها الأولى عن الحياة الزوجية وهو ما يؤهلها لتحمل المسؤولية داخل البيت.

كما يعتبر حفل الطلاق في أحيان كثيرة تعبيرا عن الفرح من قبل أهل المطلقة بعد عودة ابنتهم إلى منزل العائلة، وتشجيعها على تجاوز أزمتها النفسية بعد تجربة زواج فاشل، وفي أحيان أخرى يقام هذا الحفل لإغاظة الطليق.

يقول المتخصص في الموروث الحساني “في المجتمع الصحراوي إذا وقع خلاف يحصل الطلاق كباقي المجتمعات، لكن ما يميز عاداته، إذا طلقت المرأة الصحراوية من قبل زوجها السابق غالبا ما يتم إعلام ساكنة الجوار و الحي والمقربين من العائلة بالأمر لكي يتسنى لمن يكن لها حبا او ودا التقرب منها”.

وبحسب الشافعي ” يقوم الرجل المتودد إلى المرأة المطلقة بنحر بعير أو جمل أو ذبح شاة وبتقديم مال يمكنها من إعلان طلاقها والإفصاح عن هوية المرشح الجديد المبادر بالخطوة، كعربون عن صدق نيته في الارتباط و الزواج منها مستقبلا. و هو ما يتخذ شكل احتفال بالنسبة للزوجة الطليقة والمقبلة على الزاوج مرة اخرى”.

سكاي نيوز