شرف المهنة.. !
* ظلت السلطات السعودية تعيد المواشي السودانية المرة تلو الأخرى بسبب نقص المناعة بدون أي تحقيق او رد واضح من وزارة الثروة الحيوانية سوى الادلاء بتصريح وحيد غير مقنع هو عدم مطابقة البواخر التي تنقل المواشي للمواصفات المطلوبة، وحتى لو افترضنا أن ذلك هو السبب الحقيقي، فلماذا ظلت الوزارة تسمح بتصدير المواشي في بواخر غير مطابقة للمواصفات أكثر من تسع مرات وتُعرّض البلاد الى خسائر مالية كبيرة، بالإضافة الى تمريغ سمعة البلاد ومهنة الطب البيطري ذات التاريخ الطويل في السودان في التراب!
* أكثر من تسع مرات في أقل من عام أعادت فيها السلطات السعودية شحنات المواشي السودانية بسبب ضعف المناعة، ووزارة الثروة الحيوانية عاجزة عن تحديد الاسباب وايقاف المهزلة والخسائر المتتالية، ولو كان المسؤول عن الثروة الحيوانية مجرد (راعى ماشية) في الخلاء لا يفك الخط، دعك من وزارة بها آلاف الخبراء والباحثين وهيئة ضخمة لبحوث الثروة الحيوانية، لوصل الى نتيجة واضحة خلال بضعة اسابيع، ولكن يبدو ان ما يحدث لا يهم احدا، لا في وزارة الثروة الحيوانية ولا في مهنة الطب البيطري ولا في الحكومة ولا في البلد، ولم يعد هنالك من لديه وطنية أو غيرة ليفعل شيئا، فالجميع يكتفى بالفرجة وكأن البلد الذى يتعرض للخسائر المادية الثقيلة وتتعرض سمعته للإهانة والسخرية، بلد آخر غير السودان !
* لو كنت مكان وزير الثروة الحيوانية و(حدث ما حدث) منذ المرة الأولى، لأوقفت تصدير الماشية فورا، ونزلتُ الى كل المواقع التي تختص بالصادر، وجلستُ على الارض مع كل من له علاقة بالموضوع، وبحثت ونقبت واستخدمت كل الوسائل واستعنت بكل من يمكن أن يسهم في حل المشكلة، من الراعي وحتى أعلى مسؤول، حتى أصل الى تحديد الأسباب ونقاط الضعف، وعملت على معالجتها ومعاقبة المسؤولين عنها واتخذت كل ما يلزم من إجراءات صارمة حتى لا تتكرر، سواء كانت بواخر غير مطابقة للمواصفات، أو لقاحات فاسدة، أو محاجر رديئة أو عدم كفاءة أو فساد في الاتيام البيطرية المسؤولة، وهنالك من يعرف أن بعض المصدرين ووكلائهم يقومون بتقديم رشاوى لضعاف النفوس منن البيطريين والفنيين لكتابة تقارير مخالفة للواقع عن الحالة الصحية للمواشي وإجراء عمليات التحصين التي يرفض بعض أصحاب المواشي إجراءها على مواشيهم وحجزها في المحجر فترة زمنية معينة حتى تصل المناعة الى أقصى درجة لها كسبا للوقت، أو تفاديا لحدوث بعض الأعراض الجانبية للقاح والتي يمكن أن تؤخر أو تمنع سفر المواشي، ودفع رشاوى كبيرة مقابل كتابة تقارير تخالف الواقع وتقر بتحصين المواشي أو احتجازها للفترة المطلوبة بعد إجراء عملية التحصين، مما ينجم عنه ضعف المناعة عند الفحص في الموانئ السعودية، أو أي أسباب أخرى !
* ولو كنت مكان رئيس الوزراء لذهبت الى وزارة الثروة الحيوانية واجتمعت بالوزير والمسؤولين وتجار الماشية والمصدرين والاتحادات وما اكتفيت باستدعائهم الى مكتبي حتى أظهر لهم فائق اهتمامي بالموضوع ، ولقمتُ بزيارة المواقع المختلفة للثروة الحيوانية، وطلبت عدة تقارير من المختصين ومن جهات محايدة ولو استدعى الأمر الاستعانة بخبراء أجانب لمعرفة الحقيقة، واتخاذ القرار المناسب الذى يمكن ان يصل الى درجة إقالة أي مسؤول مهما علا قدره يتضح عدم قيامه بواجبه بالشكل المطلوب، فما يحدث من إعادة الماشية السودانية ليس مجرد وقوع بعض الخسائر المادية وانما اغتيال سمعة السودان وثروته الحيوانية وقفل الابواب الخارجية أمام الاستغلال الاقتصادي للثروة الحيوانية وتنمية وتطوير البلاد !
* ولو كنت مكان نقابة الأطباء البيطريين والمجلس البيطري والجمعية البيطرية، لما نمتُ الليل وواصلت العمل ليل نهار حتى أصل للحقيقة واحمى سمعة وطني واجنبّه الخسائر الفادحة، وأدافع عن شرف المهنة التي أنتمى إليها، إلا إذا كانت تلك التجمعات النقابية والمهنية مجرد محافل للمناسبات والحفلات واستعراض العضلات السياسية وممارسة الحذلقة الكلامية، ولم يكن لوطني قيمةٌ في نفسى أو لنفسي قيمة، وليس لمهنتي شرفٌ أدافع عنه !
الجريدة
زهير السراج