السودان بين الأحلام الوردية والمخططات التدميرية
في ظل وجود المهددات الأمنية المتكررة وعدم ارتكاز القرار السياسي على البعد الأمني بأبعاده الوطنية ستستمر معاناة الشعب خلال الفترة الانتقالية وستتعثر الفترة الانتقالية في الوصول لأهدافها المنشودة. إن التحول الديمقراطي الراسخ يحتاج إلى استراتيجية أمنية وطنية راسخة.. نحن في العالم الثالث ينبغي ألا ننسى.. الحديث عن الأحلام الوردية دونما نظرة فاحصة للواقع يكون محض خيال.. البلاد مقبلة على أيام أصعب إذا لم نحكم صوت العقل. إن ما حدث في كسلا من فتن ومحاولات اغتيال وتصفيات الهدف منه تأجيج حرب أهلية لا تبقي ولا تذر. هناك أيادٍ ضالعة في مشكلاتنا الأمنية ولديها مصالح في السيطرة على البحر الأحمر والموانئ، فالصراع في هذا الاتجاه الاستراتيجي (الشرقي) واضح والدليل على ذلك تكرار نفس الأحداث المتشابهة في نفس المدن، وما يحدث في كسلا يمكن أن يحدث في بورتسودان وما يحدث في بورتسودان يمكن أن يحدث في القضارف. فالشرق الذي يعاني من ثالوث الفقر والمرض والجهل يحتاج إلى استراتيجية خاصة ورؤية حكيمة تستوعب الواقع والمكونات والجغرافيا، استراتيجية تحقق السلام والتنمية والأمن المجتمعي. إنه من مصلحة الأعداء انشغالنا بالفتن والمشكلات الداخلية هنا وهناك، ومن مصلحتهم أيضاً استنزاف القوات المسلحة والمنظومة الأمنية وتمزيق الجبهة الداخلية لإعطاء صورة ذهنية للرأي العام العالمي أن السودان دولة فاشلة تهيئة لأشياء منظورة مستقبلاً بخطة مرسومة مسبقاً، هذه ليست نظرية مؤامرة وإنما هو الواقع. مخطط تقسيم السودان وإضعاف قواته المسلحة هو الأساس الذي يعتمد عليه هذا المخطط والتجارب أمامنا ماثلة وكثيرة. نحن في العالم الثالث والتطور الديمقراطي فيه دونما أمن وطني صلب وقوات مسلحة رادعة لا تتعرض للحرب النفسية من عملاء شعبها ولا تطعن من الخلف ولا تكون مكان مزايدات، ولا شك في غياب كل هذه الأشياء يصبح التحول الديمقراطي ضرب من الأحلام. إننا نحتاج إلى سياسة حكيمة واستراتيجية محكمة تضع كل هذه القضايا نصب أعينها ثم تلتفت لبقية الأشياء الثانوية، يمكن أن يصبر الناس على الفقر والعدم والمعاناة لفترات لكنهم لن يصبروا ولو دقائق على الانفلات الأمني والانزلاق نحو الهاوية.
العميد د/ الطاهر أبو هاجة