قلمي.. وقلم المخابرات!
منذ أن كتبنا قبل نحو عشرين عاماً تحليلنا الشهير.. والموسوم بـ (من يفتي فى أمر…..؟!) والرجل صدره موغَر علينا.. كان صاحبنا في ذلك الزمان ذا سلطة وسطوة و نفوذ فى حكومة الإنقاذ.. يفعل ما يشاء.. بمن يريد.. ولم تكن السلطة في ذلك الزمان قد إعتادت أن تسمع من الصحافة ما لا يعجبها.. كان ذلك في نهاية الألفية الثانية أو مطلع الثالثة.. حين اضطرت الحكومة اضطراراً.. وتحت الضغط الدولي والحصار العالمي.. للاعتراف بوجود حالات إختطاف قسري.. بفضل جهود المناضل السوداني آنذاك جيمس أقوير.. أقول آنذاك لأن أقوير الآن مواطن من جنوب السودان.. يتقلد منصباً مرموقاً في برلمان بلاده.. أما وقتها فقد كان جيمس أقوير ورفاقه يحفرون الصخر لإنقاذ الأطفال والنساء من براثن الاختطاف القسري.. بينما كان.. آخرون.. لا يرون فى الأمر إلا استثماراً يجنون منه المواقف الكذوبة.. وحين لجأ إلينا أقوير شاكياً لم نخيب ظنه.. مما أثار حفيظة أولئك الآخرون وحتى اليوم..!
فوجئت بمن يعرض بي دونما مناسبة.. بأنني لم أعلق على موقف السودان الذي أعلنه وزير الري المكلف مؤخراً معترضاً على إعلان إثيوبي يتعارض مع تفاهمات سابقة..وأننى عوضاً عن ذلك كتبت عن جلود الأضاحي.. مصدر مفاجأتي الأولى.. أن صاحبنا قد ظن أنني كاتب (مأجور) أكتب بالأوامر.. وأن علي أن أسبح بحمد وزير الري.. إن تنحنح مصبحاً.. أو تمطى ممسياً.. كما يفعل البعض مع أولياء نعمتهم.. أما المفاجأة الثانية.. فهي أن كل ما ذكره وزير الري في خطابه للخارجية الإثيوبية لا جديد فيه.. فهذا هو موقف السودان الذي عبر عنه وزير الري السوداني في أكثر من مناسبة.. ولئن راجعت خطاب وزير الري السوداني إلى وزير الخارجية الإثيوبي.. لن تجد فيه غير التأكيد على مواقف السودان الثابتة.. عكس ما يحاول أن يصور البعض.. ويروج البعض الآخر..!
بل لن تجد غير أن الموقف الإثيوبي هو الذي تجاوز التزاماته السابقة.. أو المفروضة.. فلم يكن من مناص لتذكيره بذلك.. وعن نفسي.. فقد كتبت في ذلك عدة مرات.. بل وأصبحت معتمداً في كثير من الفضائيات المحلية منها والخارجية.. لا لشيء إلا لإصراري على التعبير عن موقف السودان الواضح والمعلن والتأكيد على إستقلالية موقف السودان.. لا حياده.. عليه فلم أكن في حاجة للتعليق على خطاب وزير الري.. فلا أحد يحمل لي (كرباجاً) على ظهري.. فأنا أكتب بقناعاتي.. وبمزاجي.. أكتب حينما أريد أن أكتب.. لا حين يريد لي أحد أن أكتب.. وفي كل هذا فإنني أكتب فقط لصالح بلادي.. لا لصالح أية جهة أخرى.. مهما كانت إغراءاتها..!
أما المفاجأة الثالثة بالنسبة لي.. والمحيرة حقاً.. فكانت حين اطلعت على ما كتب من عيرني بأنني لم أكتب.. فقد ظننت.. وبعض الظن إثم.. أن يبدأ كتابه باستعراض موقف السودان وإبرازه باعتباره الأهم والأساس لأي موقف وطني.. ولكن المفاجأة الصاعقة لي كانت أن الرجل طفق يتحدث عن دولة أخرى ممجداً دورها ومشيداً بخطواتها..إن خطاب صاحبنا الذي جاء في تسعة بنود خصص منها صاحبنا ستة بنود لتلك الدولة الأخرى.. ثم بنداً واحداً للسودان..!! أما البندان الأخيران فقد حملا توجيهات للسودان.. تعبر.. في ظني.. عن الدولة إياها.. أكثر من تعبيرها عن الكاتب.. وإن لم ينسَ.. ذراً للرماد في العيون.. أن يقول إن موقف السودان متقدم على..!
محمد لطيف
السوداني