(إغلاق) شارع القيادة .. سيناريو مُتكرِّر ..!!
ارتبط شارع القيادة والطرق المؤدية إليه بكثير من الأحداث التاريخية التي جعلته من الممرات المُهمّة للحركة السياسية السودانية للتعبير عن آرائها سواء كانت سلباً أم إيجاباً، ربما لأن الشارع يقود إلى مؤسسة تُشكِّل محل إجماع غالبية أهل السودان ومحطة من محطات التغيير، بالتالي تلجأ إليه كل القوى السياسية عندما يسد أمامهم الأُفق السياسي.
ومع مرور الوقت وتعقُّد الأزمات السياسية الداخلية، أصبح موقع القيادة وما حولها من شوارع وطرق، محط أنظار الكثيرين، ليس فقط لجمال المباني وزينتها، ولكنها ساحة للتغيير والحماية والاحتماء، وبالتالي شارع القيادة أصبح محور حديث الرأي العام اليوم، خاصة بعد التغيير الذي حدث في أبريل وإسقاط نظام الإنقاذ والحديث بأن المدير السابق لجهاز الأمن والمخابرات الفريق صلاح عبد الله الملقب بـ(قوش) هو الذي أمر بفتح شارع القيادة للمتظاهرين.
نقوشٌ على الجدران
ومثلما لجأت الثورة السوانية الى مبنى القيادة واحتمت بها، جعلت كل طرقها المؤدية إليه ساحة للاعتصام، ونقشت على جدرانها ووثّقت لتلك الحقبة للتاريخ، وذلك خلال أيام الاعتصام ويعبر عن تلك الفترة التي امتدت لأشهر عملية فض الاعتصام التي جعلت من شوارعها ساحة للكر والفر والدماء والدموع، وللشباب الثوار ذكريات خلت لتلك الشوارع. رغم ذلك فإن شوارع القيادة اصبحت قبلة للجميع لكل الاحتجاجات والمسيرات والتظاهرات العديدة التي تريد إيصال رسالة محددة للمكون العسكري.
تكدُّسٌ واختناقٌ
ورغم محدودية الطرق والمداخل التي تقود إلى مبنى القيادة، فإن إغلاقها أصبح يقود الى أزمة مرورية واختناق كبير وتكدُّس للمركبات بكل طرق الخرطوم، مما يجعل عملية الحركة مستحيلة.. ومع تزايُد حركة الاحتجاجات والتظاهرات المُتكرِّرة تلجأ اللجنة الأمنية بالولاية الى عملية إغلاق كامل للطرق والمداخل التي تقود إلى مبنى القيادة العامة مِمّا يُشكِّل أزمة للمواطنين خلال تحركهم من والى الخرطوم. وارتبط كذلك عملية الإغلاق بوجود تحرُّكات لنعاصر تريد التظاهر أمام مبنى القيادة وبالتالي يتم الإغلاق لدواعٍ أمنية، ولكن يتساءل الناس عن الإغلاق المتكرر؟ والى متى يظل ذلك ويتسبب في تعطيل مصالح المُواطنين؟ البعض يقول لماذا لا يتم إبعاد مبنى القيادة من هذا المكان حتى لا تلجأ قيادة الجيش إلى إغلاق الطرق إليها ويتسبب في اختناق مروري وتعطيل مصالح الناس.
فوضى المكان
عندما أصدرت السُّلطات في وقتٍ سابقٍ، قراراً قضى بإغلاق شارع القيادة العامة في الخرطوم على نحوٍ مفاجئ، قال الناطق الرسمي باسم القوات المسلّحة في ذلك الوقت العميد ركن عامر محمد الحسن في تصريحٍ لـ(باج نيوز)، إنّ إغلاق شارع القيادة العامة يأتي ضمن التدابير الاحترازية لمعالجة تأكُّد نية البعض من التجمُّع على شارع الطابية، وأشار إلى أنّ ذلك لا يتوافق مع رؤية القوات المسلحة بأن يبعد حرم القيادة العامة من التجمعات ذات الصبغة السياسية، وأضاف: (هذه التجمُّعات قد تؤدي لإحداث فوضى في هذه المنطقة العسكرية).
رمز للتغيير:
طبيعي أن تأمر قيادة الجيش وتوصِّي اللجنة الأمنية بإغلاق الطرق المؤدية إلى المقار الأمنية سواء كانت القوات المسلحة أو الشرطة أو جهاز المخابرات، ربما لأنها جهات مطلوبٌ منها الاستقلالية والنأي عن الصراعات السياسية, بيد أن مصدراً أمنياً طلب عدم ذكر اسمه قال لـ(الصيحة) إن بعض القوى السياسية أصبحت تستغل حالة السيولة السياسية والانفتاح وأجواء الحرية في تحريك الشارع والاتجاه به نحو مقر القيادة، واكد ان ساحة القيادة اصبحت رمزاً ومكاناً للتغيير ولذلك يتجه اليه الناس، وقال: من المؤسف كلما تجمّع عدد من المتظاهرين أرادوا التوجه نحو مبنى القيادة وهذا لا يستقيم، واضاف: (اذا كان ذلك في الوقت السابق خلال الأيام الأولى للثورة سمحت بتواجد المتظاهرين أمام القيادة العامة، فإن الظروف الآن اختلفت ولا يمكن استدراج الجيش للدخول في مُواجهة التظاهرات، ولا يُمكن أن تسمح أو تفتح تلك الطرق إلا لاعتبارات خاصة تقدرها الجهات الامنية)، وذكر ان لجوء المتظاهرين لمبنى القيادة تأكيد على قوميتها، وانها حامية البلاد وبيدها صمام أمان الدولة وتماسكها، ولكن التخوُّف أن تستغل جهات مناوئة في إحداث فوضى بالمكان، ولذلك تلجأ إلى إغلاق الطرق المؤدية لمبنى القيادة كإجراءٍ احترازي.
تقرير- صلاح مختار
صحيفة الصيحة