عندما يصبح التعليم وهم إفتراضي..
العبد لله اول من حذر من الإنبهار بالشهادات التي تراكم عليها الغبار، و التي خُلقت لزينة الجدران، و الوهم الكبير بالقادمين من وراء البحار.
لدينا سؤال مفتاحي في الجغرافيا علي ما اذكر في المرحلة الإبتدائية، لماذا لا يستفيد السودان من الثروة الحيوانية؟
الإجابة.. لأن الثروة الحيوانية عند الرعاة في السودان هي للتباهي، و الطقوس الإجتماعية.
بذات القدر التعليم، والشهادات في السودان هي للتباهي، و “المنجهة” و لا علاقة لها بسوق العمل، او تطور الاداء العام في دولة كسيحة كحال بلادنا.
امريكا اكبر قوة في العالم من كل النواحي الإقتصادية، والعسكرية، والإجتماعية، والثقافية، لا يتجاوز حملة الشهادات الجامعية فيها نسبة 10% من عدد سكانها.
التطور الحقيقي هو عندما يلبي التعليم حاجة سوق العمل، في الغرب الكل يتجه إلي الدراسات المهنية، و الحرفية، حتي حملة الشهادات الجامعية حتماً مروا بهذه المعاهد لأنها ببساطة تُعتبر الاساس في ” اكل العيش”، والحياة العملية.
تُعتبر الدراسات الحرفية في الغرب شبه مجانية، و تذهب اكثر من 90% من قروض و اموال دعم التعليم لهذا المجال الحيوي الذي يلبي حاجة التطور، و عجلة الإنتاج.
إن اردنا ان ننهض من ركام السنين، و الماضي التعيس علينا ان نوجه كل طاقات الدولة الي التدريب المهني، والدراسات الحرفية، التي تُتعتبر في مجتمعنا هي مكان للفاشلين اكاديمياً، و الإلتحاق بها وصمة.
اما الإنبهار بحملة الشهدات القادمين من وراء البحار فتلك قصة فشل اخرى.
عن قناعة تامة، و خبرة عملية في اكثر من دولة غربية مجتمعنا في هذه البلاد يعاني تشوهات نفسية كبيرة نتيجة للفراغ الإجتماعي الناتج من صعوبة الإندماج في المجتمع الغربي، و مواكبته، و يرجع ذلك لإختلاف الثقافات، والعادات، وهو امر طبيعي.
علي المستوى الشخصي لي قناعة بان يخضع القادمين من الغرب لتولي مهام في الدولة إلي تأهيل نفسي حتي نضمن السلامة النفسية التي يتطلبها الاداء في مجتمعنا، و دولتنا الوليدة، و انا منهم.
إليكم مثل يواكب الحال الذي نعيشه ” بالكربون” ايقونة الربيع العربي الشاب المهندس المصري وائل غنيم، الذي راح ضحية للفراغ، و العالم الإفتراضي الذي لا يعتمد علي خطة واقعية علي الارض، فوجد نفسه من موظف مرموق في اكبر الشركات العالمية “google” إلي مريض نفسي يتعاطى الحشيش امام جمهوره من علي المنصات الإجتماعية، و ظل ملازم الكاميرا بشكل دائم، و لم تستوعبه الثورة التي كان من صناعها، و لا الدولة الوليدة التي تحتاج الي واقع يختلف عن العالم الإفتراضي الذي جاء منه.
ارى هذه المتلازمة تقترب من شبابنا، و تأثير ادوات التواصل الإجتماعي، و الحياة الإفتراضية، التي عوضت حالة الفراغ في وقت ما، و يبقي السؤال ماذا بعد؟
في المسافة بين العالم الإفتراضي، و الواقع تسكن تفاصيل الفشل، فكل تجارب الربيع العربي فشلت لأن البون شاسع بين العالمين، و لو لم ندرك الخطر فسننزلق جميعاً إلي المجهول.
بيان بالعمل حميدتي رجل البادية البسيط الذي لا تزين جدرانه شهادة اساس، و يصطف خلفه طابور الكفاءات، و الشهادات من اعتى الجامعات، و يقود البلاد عسكرياً، و إقتصادياً، و سياسياً، بصورة واقعية، و ليس له نصيب في وسائل التواصل الإفتراضية “يبقي دا ما علم يا متعلمين يا بتوع الجامعات، و الدراسات الغربية”!
مثل مصري علي ما اعتقد بسيط و واقعي ” المية تكذب الغطاس”
حمدوك لا يزال في الوقت متسع، و إلا القاع اوسع من القِمة.
” المية في السنة الماضية كذبت كل الكفاءات، اقصد الغطاسين”
خليل محمد سليمان
الراكوبة