زهير السراج

شيوخ المال !

* فى اطار الاجراءات الاحترازية لمكافحة انتشار وباء الكورونا، اعلنت المملكة العربية السعودية عن فرض حظر التجوال الكامل خلال عطلة عيد الفطر المبارك ما يعنى اغلاق كافة المساجد والاماكن الدينية المقدسة بما فى ذلك الحرمين المكى والنبوى واداء صلاة العيد وجميع الصلوات الاخرى فى المنازل.

* فور الاعلان عن فرض الحظر الكامل خلال عطلة العيد، شرع الفقهاء وعلماء الدين وائمة المساجد السعوديون فى نشر الارشادات وبث التسجيلات الصوتية والمصورة لشرح كيفية اداء صلاة العيد فى المنازل وحث المواطنين على التقيد بحالة حظر التجوال واداء الصلوات فى المنازل منعا لانتشار الوباء، ولم نسمع عن إمام مسجد او فقيه او عالم دين سعودى خالف ما ذهبت اليه السلطات السعودية واحتج على اغلاق المساجد ايام العيد وحرمان المصلين من اداء صلاة العيد فى المساجد عملا بسنة الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) وسنة خلفائه من بعده، وقام بتحريض الناس على التمرد على قرار السلطات السعودية والتوجه صبيحة العيد لاداء الصلوات فى المساجد .. كما فعل عدد كبير من ائمة المساجد فى السودان عندما فرضت السلطات حظر التجوال واصدر وزير الاوقاف قرارا باغلاق المساجد لمكافحة الوباء وحماية المواطنين.

* سمعنا العجب العحاب حينئذ وتفنن البعض فى ايراد الادلة الدينية والسوابق للتحريض على اداء الصلوات فى المساجد مهما كانت الاسباب التى دعت لمنعها .. وافتى البعض بانه لا يجوز منع الصلاة فى المساجد بينما يصطف الناس امام المخابز للحصول على رغيف الخبز، وقالوا انه كان الاوجب غلق المخابز قبل المساجد فى مقارنة سطحية لاتجوز بين الضرورتين، الطعام والصلاة، متجاهلين ان الاصطفاف للحصول على رغيف الخبز الذى لا يمكن الاستفناء عنه كان ادعى لاغلاق المساجد لتقليل الضرر وليس العكس، خاصة مع جواز اداء الصلاة فى المنزل !

* ومن الغريب ان عددا كبيرا من الائمة والفقهاء الذين تسارعوا لانتقاد الحكومة ووزير الوقاف على اغلاق المساجد ونعتهم بالضلال واتهامهم بالانتماء للشيوعية والعلمانية ومحاربة الدين، من الذين ينتمون فكريا ومذهبيا للفكر الوهابى السلفى السائد فى السعودية، ولكن لم يفتح الله عليهم بكلمة واحدة لانتقاد حكومة المملكة عندما اغلقت المساجد، بل ان بعضهم اصدر بيانات التاييد لها والمباركة على ما قامت به من اجراءات لحماية المؤمنين، بينما استأسدوا على الحكومة السودانية وتفننوا فى انتقادها والتحريض عليها عندما فعلت نفس الشئ، وكأنه حرام على السعودية والسعوديين الكورونا، حلال على السودان والسودانيين !!

* وكما لم نسمع منهم كلمة واحدة ضد الحكومة السعودية عندما اغلقت المساجد من قبل، لم نسمع منهم كلمة ضدها الان عندما اعلنت حالة حظر التجوال الكامل وغلق المساجد ومنع صلاة العيد وبقية الصلوات فى المساجد خلال ايام عيد الفطر المبارك، واراهن بانهم لن يجدوا فى انفسهم الجرأة والشجاعة لفتح افواههم بكلمة واحدة ولو أغلقت الحكومة السعودية المساجد الى الابد وليس فقط خلال ايام العيد!

* غير انهم لن يترددوا ابدا فى اظهار فلاحتهم على الحكومة السودانية وتكفيرها ونعتها بكل النعوت، والمطالبة بشنقها فى ميدان عام اذا طلبت من المواطنين فقط اداء صلاة العيد فى المنازل !

زهير السراج
الجريدة