خبراء: رفض السودان للمقترح الإثيوبي بالتوقيع على اتفاق جزئي للملء الأول لسد النهضة خطوة في الاتجاه الصحيح
أكد السودان موقفه الثابت بشأن أهمية التوصل لإتفاق ثلاثي بين الخرطوم وأديس أبابا والقاهرة، قبل بدء الملء الأول لسد النهضة والمتوقع في يوليو المقبل، وإعتبر أن توقيع أي إتفاق جزئي للمرحلة الأولى لا يمكن الموافقة عليه نظرا لوجود جوانب فنية و قانونية يجب تضمينها في الإتفاق ومن ضمنها آلية التنسيق و تبادل البيانات وسلامة السد و الآثار البيئية والإجتماعية.
خطاب حمدوك
وذكر بيان ضادر عن وزارة الري والموارد المائية أمس (الثلاثاء) تلقت (اليوم التالي) نسخة منه أن هذا الحديث جاء فى خطاب للدكتور عبد الله حمدوك رئيس الوزراء في رده على رسالة آبي رئيس الوزراء الإثيوبي، والمتعلقة بمقترح إثيوبي بتوقيع إتفاق جزئي للملء الأول، وأن حمدوك أكد لإثيوبيا أن الطريق للوصول إلى إتفاقية شاملة هو الإستئناف الفوري للمفاوضات والتي أحرزت تقدما كبيرا خلال الأشهر الأربعة الأخيرة، موضحا أن السودان يرى أن الظروف الحالية قد لا تتيح المفاوضات عن طريق القنوات الدبلوماسية العادية ولكن يمكن إستئنافها عن طريق المؤتمرات الرقمية (الفيديو كونفرس) ووسائل التكنولوجية الأخري لإستكمال عملية التفاوض والإتفاق على النقاط المتبقية.
أهمية التنسيق
وأضاف البيان أن الدكتور صالح حمد رئيس لجنة التفاوض رئيس الجهاز الفني للموارد المائية مسئول شئؤن المياه العابرة بالوزارة أوضح أن معظم القضايا تحت التفاوض وأهمها آلية التنسيق و تبادل البيانات وسلامة السد والآثار البيئية و الإجتماعية مرتبطة إرتباطا وثيقاً ليس فقط بالملء الأول وإنما بكل مراحل الملء والتشغيل طويل المدى، وبالتالى لايمكن تجزءتها، وأن حمد كشف عن تحركات تقوم بها الخرطوم لإستئناف عملية التفاوض بمرجعية مسار واشنطن الذي قطع نحو 90٪ من نقاط الخلاف، وأشار في الإتصال التلفوني الذى أجراه حمدوك بوزير الخزانة الأمريكية في مارس الماضي والذي جرت جولات واشنطون التفاوضية تحت رعايته، حيث أكد دعمه التام لمسعى رئيس الوزراء، كما أشار إلى إتصال حمدوك برؤساء كل من مصر وأثيوبيا، وتابع من المتوقع أن نرى نتائج تلك الإتصالات بإستئناف المفاوضات قريباً وصولاً لإتفاق شامل حول ملء وتشغيل سد النهضة الأثيوبى قبل حلول الفيضان المقبل.
مصر ترفض
لاشك أن الرفض السوداني لهذه الخطوة سيضغط على أثيوبيا وهو في صالح القاهرة التي خاطبت مجلس الأمن بشأن الأزمة بداية الشهر الجاري، في وقت فسره الخبراء بانه تهديد أخير لإثيوبيا وقد يكون إنذارا أخير قبل تأزم الأمور وإنتقالها من مربع الدبلوماسية والتفاوض إلى مربع أكثر خطورة، خصوصا وأن موعد التخزين الأول للسد والذي أعلنت أثيوبيا بأنها ستتخذ قراره من طرف واحد قد قرب جدا وأن عامل الوقت يضغط على الجميع، في وقت أكد فيه خبراء مصريون ان المذكرة الإثيوبية التي أرسلت للسودان ورفضها أرسلت إلى مصر منذ أكثر من أسبوعين ورفضتها مصر أيضا. فالى أي مدى ستؤثر هذه الخطوة السودانية المهمة على مسار الأزمة وعودتها مرة أخرى للتفاوض؟
حسابات سودانية
الدكتورة أماني الطويل مديرة البرنامج الأفريقي بمركز الأهرام للدراسات السياسية ترى من جانبها أن الموقف السوداني إلى حد كبير يتماشى مع عدد من المعطيات. وقالت الطويل لـ (اليوم التالي) إن المعطى الأول ألا تكون السودان منحازة إنحيازا كليا لأثيوبيا، مضيفة ان موقع السودان كجسر عربي أفريقي يفرض عليها أن تقوم بدور كبير، وأن الإنحياز الكلي لإثيوبيا سيكون ضد مصالحها الإقتصادية، موضحة أن الظهير العربي للسودان إقتصادي ممثلا في مصر والخليج، وأن ظهيرها الافريقي سياسي، وتابعت أما على المستوى المائي لا يمكن أن يضع السودان كل بيضه في السلة الأثيوبية لأن هذا يهدد مصالحه المائية، لافتة إلى التغول الإثيوبي الإقليمي، وقالت لايمكن أن توقع أثيوبيا إتفاق يضع السودان في مهب الريح، مشيرة إلى إعلان أديس أبابا عن بناء سد جديد، وقالت إن هذا ربما يهدد الزراعة في السودان والتأثير على بعض السدود به، مؤكدة في الوقت نفسه أن السودان لا يمكن أن يضحي بالورقة الأميريكية في هذا الموضوع، وقالت إن السودان ينتظر رفع إسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب، مشيرة إلى طبيعة ترامب في التعامل مع القضايا، وقالت إنها حسابات سودانية وهي التي بلورت هذا الموقف الأخير برفض المقترح الأثيوبي، مضيفة إلى سعي السودان لإتفاق ثلاثي وإحتر ام المطالب المصرية المشروعة من الأضرار التي يمكن أن تطال السودان نفسه.
اليوم التالي