أرض القاش حزينة !!
ما كانت مدينة كسلا يوماً رمزاً للعنف والاحتراب والعنف واعلاء صوت العنصرية البغيضة، التي مهما شرقت شمسها نصرا وتفاخراً واستعراضا للبطولة غابت معها كثير من الاشياء القيمة والنفيسة والسمحة والمنتصر فيها خاسر، وحلقت على فضاءات الوطن غمامات الجهل والتفرقة وعدنا الى الخلف دون أن ندري
وحرام علينا ان ننشد التقدم والنجاح والسمو والازدهار ونحن مازلنا نحترب بسبب التفاخر بالأنساب والألقاب والقبيلة، فبنهاية كل معركة يجب ان نتوارى استحياء اننا ندمر سمعتنا ونقطع علائق الأخاء بيننا ونحن ابناء الوطن الواحد الذي بزغت شمسه حرية وتحرر من قيود نظام كرس لهذه المفاهيم وأشعل نيران الفتنة بين القبائل لمكاسب سياسية وخلق مناخاً جيدا لمثل هذه المفاهيم حتى تكون واقعا معاشا سهل الحدوث في أي وقت لا يزول بزوال الأنظمة والحكومات
وكسلا ارض القاش مرتع الفراشات ومهد التلاقي العاطفي ملهمة الشعراء والفنانين وجهة السياحة واللوحة المرسومة على جدار الإبداع بسهولها وجبالها، لا تشبه رمالها الدماء فقط بسبب مشاجرة بين اثنين من البني عامر والنوبة، فيجيء كل منهما مستنصراً بأفراد قبيلته، وأكد شهود عيان ان الشرطة أطلقت قنابل صوتيّة وطلقات في الهواء، في محاولة لتفريق تجمّعات من الجانبين
وانتظر المواطنين خطاب رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان الذي وجه فيه القوات النظامية بالتصدي “لكل من أراد أن يعبث بأمن المواطن” دون أن يسمي أي جهة. وأضاف البرهان أن مجلسي السيادة والوزراء، وأجهزة الدولة التنفيذية تتابع بقلق شديد الأحداث القبلية المؤسفة مشيراً إلى أن الاحتراب القبلي سيعوق مهام الفترة الانتقالية. وختم البرهان خطابه بالتشديد على “الاصطفاف ضد المتآمرين، يداً واحدة في وجه أعداء ثورة الشعب المجيدة
ولكن وبالرغم من أهمية الخطاب وتوقيته المناسب إلا أننا كنا ننتظر خطاباً اشد صرامة من المسؤول الأول للجيش وكلمات أقوى تتعهد باغلاق هذه الثغرات الأمنية والفراغ الكبير الذي خلفه الغياب التام لدور حكومة الولاية وقصورها الذي هو السبب الأول في نشوب مثل هذه الخلافات.
فكلمة البرهان جاءت باردة ومثلجة لا تناسب هذا الحدث الفظيع الذي راحت ضحيته ارواح طاهرة بريئة وليس هناك خطورة على المجتمع والوطن والمواطن اكثر من الانفلات الأمني، الذي يتطلب حسماً وقرارات قوية تؤكد أن المساس بالمواطن وأمنه خط احمر، وهو مساس بالقوات المسلحة والأجهزة الأمنية يكشف عن هشاشة القبضة الأمنية هناك، فلابد من محاسبة والي الولاية والجهات الأمنية التي تفرط في أرواح المواطنين فكيف لدماء تسيل وبيوت تحرق لأسباب سطحية تحكمها دوافع عنصرية أليس هذا امراً مؤسفا ً للغاية ؟! .
طيف أخير:
خليك بالبيت
صباح محمد الحسن
الجريدة