محمد وردى آخر !
* أصدرت أسرة الفنان الراحل (صلاح بن البادية) بيانا شديد اللهجة أدانت فيه تشويه قناة (النيل الأزرق) لأغنياته والأداء الموسيقى والغنائي الباهت للموسيقيين والمطربين الذين قاموا بالأداء في الحلقتين الخاصتين بأغنيات الفنان الراحل في برنامج (أغاني وأغاني) اللتين أذاعتهما القناة يومي الاربعاء والخميس الماضيين (الثلاثين من أبريل، والأول من مايو، 2020 )، وقالت إنها ستعيد حساباتها مع القناة، ومنعت ترديد أغنياته عبر الأجهزة الإعلامية!
* يقول البيان: “تابعنا بكل لهفة شوق واشتياق لنرى ارث الملك وهو يُقدم على شاشة النيل الازرق، ولكن خيبة امل وحسرة اصابتنا وألبت كل الماضي وارجعتنا لنرى الفقيد امامنا وهو يوبخ حفيده (معاذ) عندما يخطئ في لحن أو اداء، واليوم نرى قناة النيل الازرق تقدم لنا فنانين لا يرقوا لأداء الملك، وقد شُوهت الاعمال امام اعيننا بأداء باهت وفرقة موسيقية لا ترقى للمستوى شوهت كثيرا من الجمل الموسيقية”
* ويضيف: “قناة النيل الزرق ظلت تقف معنا في افراحنا واتراحنا فهذا جميل لن ننساه لهم، ولكن لن نترك الحبل على الغارب وتشويه اعمال الملك بأنصاف حلول، فهذا ولله لا نرضه ابدا، وما تعرضه قناة النيل الازرق من تشويه لأغاني الملك يجعلنا نعيد حساباتنا نحو القناة”
* وينتهى البيان بالقول: ” تنويه لكل الفنانين الشباب، لكم ان تغنوا اغاني الملك في الحفلات والجلسات، ولكن لا نسمح لكم بترديد اغانيه في القنوات والاجهزة المسموعة الا بعد الرجوع للأسرة ” (انتهى).
* يعيدنا هذا البيان مرة أخرى للانتهاك والاعتداء الصارخ الذى ظلت تمارسه قناة (النيل الأزرق) وبرنامج (أغاني وأغاني) لحقوق المبدعين من شعراء وملحنين ومطربين منذ أكثر من خمسة عشر عاما، والحصول من ورائها على الاموال الضخمة مع حرمان أصحاب الحق الأصلي منها، بالإضافة الى تشويه الأغاني بأداء موسيقى وغنائي ضعيف في كثير من الأحيان، ولقد ضربت عدة امثلة لهذا التشويه من قبل، وها هي اسرة الراحل الكبير صلاح بن البادية تتحدث في بيانها عن التشويه الكبير الذى لحق بأغنياته في البرنامج!
* المتتبع لمسيرة (أغاني وأغاني) يلاحظ الهبوط الكبير في المستوى من عام لآخر، وعدم وجود رؤية واضحة او إضافة جديدة تجتذب المشاهد وتقدم له المادة الغنائية التي يتوق إليها ممثلة في الإرث الغنائي السوداني الجميل الذى تغنى به عمالقة المطربين ورسخ في الوجدان، ولقد ظل الهبوط يتسارع إلى أن انحدر البرنامج في سنواته الأخيرة الى حكايات مكررة وضحكات زائفة وأداء باهت، وتحول الى مجرد وسيلة لاجتذاب الإعلانات التجارية والتكسب على حساب الآخرين !
* ما من شك أن القناة نجحت في السنوات الأولى للبرنامج من اجتذاب المشاهد الذى حُرم من الاستمتاع بالإبداع الجميل عبر الاجهزة الرسمية التي سيطر عليها الفكر الظلامي بعد اغتصاب نظام الجبهة الاسلامية للسلطة في يونيو 1989، وأوقف تسجيل وبث الأغاني ونظام تصنيف المبدعين بالدرجات الذى كان متبعا في الماضي وكان له الفضل في ظهور العديد من الشعراء والملحنين والمطربين الكبار، حيث كان الابداع الحقيقي هو المعيار الأساسي لدخول الاجهزة الاعلامية وبالتحديد الإذاعة السودانية والظهور من خلالها على المستمعين والترقي من الدرجة الأدنى من الدرجة الأعلى، الأمر الذى أشعل روح المنافسة الصادقة وأثرى الساحة بالمبدعين الحقيقيين وليس المقلدين العاطلين عن الإبداع، ولكن توقف كل هذا بعد سيطرة المجرمين الظلاميين اللصوص على السلطة وسيطرة المتزلفين والمقلدين والجواسيس التابعين على ساحة الغناء !
* ولا بد الآن، بعد أن سقط النظام الفاسد المجرم واستعاد الشعب حريته وقراره، من تصحيح المسيرة وإلغاء الظواهر الشاذة ومنع الاعتداء على الابداع وحقوق المبدعين، وعودة الاجهزة الاعلامية لممارسة الدور المطلوب في تشجيع الإبداع الحقيقي وإعطاء الفرصة لمن يستحق حتى تتواصل مسيرة الابداع ويظهر في بلادنا عبد الرحمن الريح آخر وكابلي آخر وأم بلينة السنوسي أخرى ووردي آخر بدلا عن البوم الذى ينعق في آذاننا ويفسد أذواقنا !
زهير السراج
الجريدة