مقالات متنوعة

سَتصْرُخِين

بالبساطةِ ذاتها ، ونقاء المشاعر كانَ الحديث يدور .. فجأةً صارَ وجهه أزرق ، بل صارَ أسوداً كالفحم ، عيناهُ تطفحان بالدمع ، وتحمرَّان كالدم ،أصابِعُه تشنَّجت ، وارتجفت .. خُيِّل إليَّ للحظة أنَّهُ سيقع ميِّتاً .لكنه تماسك ، ثُمَّ استجمع كُلَّ قُواه ، وبدأَ يروي مأساته ..

عم يحي, دارفوري بيحكي إنو لما هجموا على قريتهم ، وتصاعدت النيران من تحت ،ونزلت من فوق ، وهو عنده خمسة أطفال .. ف شال اتنين والمرة شالت اتنين .. والنار خلاص وصلتهم .. خلوا الطفل الخامس للنار ..ولكن ما كادوا يبتعدون خطوات حتى انفجرت طلقة في صدغ الطفل..ومرقوا بالأربعة .. يتنفَّسون الموت المتجمد ..

الشهيد هزاع انتاشته رصاصة في جمجمته ، وأمه جنبه ، وتطايَر مُخُّه في ثيابها ..

هل رأَيْتُم عينين كأنَّهُما قد ذُرَّ عليهما الرماد ، وقد امتلأتا حُزْناً عُضالاً مُمِيتاً ، حتى ليصعب عليك أن تنظر إليهما .?.!.. هكذا كانت عينا النقابي عكاشة عبد الرحمن وهو يحدثنا أنه كان في الزنزانة المُجاورة لزنزانة علي فضل .. ويحكي لما دَقُّوا مسمار في رأس علي ، إنو صرخ صرخة اهتزَّت ليها الأرض وجدران الزنازين كلها ، كأنّما ضربها زلزال ..لدرجة غاب المعتقلين عن وعيهم ، ودخلوا في غيبوبة هستيرية ..

فيا أيَّاً تكوني , علياء أو ست النساء ..هذا غَيْضٌ من فَيْض , والدُكِ مجرم وحرامي ، عضو وقيادي في عصابة مجرمة .. في طقطقة النار بقاعِ جَهَنَّم ..كتلة من النذالة والوساخة والفجور .. سفالة إنسانية كم زحفت فأبكت الأرواح وأدْمَت القلوب .. تزوَّج أُمَّكِ بالحرام ، وأطعمكِ وسقاكِ وغذَّاكِ وربَّاكِ بدماءِ المظاليم ،ودموع الأبرياء .. ولذلك , فالشئ من معدنه لا يُسْتَغْرَب .. إذا كُنْتِ هكذا أشدَّ برودةً من الثلج ، وأكثر جفافاً من الطوب .. وستصرُخِين ..

شكري عبد القيوم

الراكوبة