محمد يحي بشير “دسيس مان”: هناك تمييز ضدي أخر خروجي من السجن و لحظة خروجي من السجن بكى المساجين
محمد يحي بشير “دسيس مان” :
** هناك تمييز ضدي أخر خروجي من السجن.
** رجال الشرطة في سجن الهدى مبسوطين مني شديد.
** لحظة خروجي من السجن بكى المساجين
** حزنت كثيراً لوجودي داخل السجن في ذكرى الثورة
63 يوماً قضاها محمد يحي الشهير بـ”دسيس مان” داخل سجن الهدى بام درمان، وهي تعادل نصف مدة حكمه، بعد أن حكمت عليه محكمة جنايات الخرطوم بالسجن 4 أشهر في فبراير الماضي بتهمة تهديده لأحد عناصر الشرطة بالفصل، وخرج دسيس مان ضمن قرار العفو العام عن بعض المساجين بسبب جائحة كورونا، ” الجريدة” التقته بعد خروجه من السجن وقلبت معه أوراق السجن فماذا قال:
** لماذا تأخر خروجك من السجن رغم صدور القرار قبل فترة ؟
خرجت بعد جهود كبيرة قام بها المحامين، على رأسهم المحامي معز حضرة، وكذلك النائب العام، أمضيت 63 يوماً في السجن، هي نصف مدة الحكم، قرار العفو العام خرج بموجبه 4217 شخص من أصحاب الجرائم الكبرى، لكن ما يزال أصحاب الجرائم الصغرى في السجن ولم يطلق سراحهم، وأنا أتسائل لماذا يتم التمييز في إطلاق سراح البعض وترك الآخرين، هناك اشخاص بسبب 1000 جنيه موجودين لمدة ستة أشهر، اطلقوا سراح أصحاب الجرائم الكبرى من اغتصابات ومخدرات والنفقات وجرائم القتل شبه العمد.
** هل تقصد أن هناك تميييز في اطلاق سراح المعفو عنهم ؟
هناك تمييز طبعاً، وأنا لا أعرف سبب التمييز تجاهي ، المفروض الافراج يبدأ بالجرائم البسيطة، وسجن الهدى الآن به أكثر من 3 ألف، وإذا كان هذا عفو عام، يجب أن يطلق سراح جميع أصحاب الحق العام، وأن يترك فقط الحق الخاص.
** كيف كان يومك الأول في السجن ؟
أول يوم أدخلوني سجن أم درمان، وكان هناك استفزاز وضرب، وأدخلوني زنزانة فردية، وربطوا لي قيد حديد على أرجلي، أمضيت يوم واحد، ثم حولوني إلى سجن الهدى، بعد وصولي، تم فك القيد الحديدي، ورحب بي مدير سجن الهدى وقال لي: ” الدار دارك وإذا احتجت أي شيء انا موجود ”
** كيف استقبلك المساجين هناك ؟
من أول يوم رحب بي المساجين ورجال الشرطة أحسن ترحيب، رجال الشرطة كانوا مبسوطين مني شديد، وقالوا لي لو احتجت أي شيء نحن معاك، ومن هنا أشكرهم جميعاً من أقدم عسكري لأحدث جندي، وكان تعاملهم جيد، لدرجة انك لا تستطيع التمييز بين النزيل والعسكري، وحتى خروجي، عاملوني أحسن تعامل.
** ماذا أضافت لك تجربة السجن ؟
تجربة السجن زادتني قوة، وأعطتني أفكار جديدة فيما يخص المجال الفني، وزادتني إحساس بقضايا الناس والظلم الواقع عليهم، وجدت كثير من الأبرياء في السجن، وهذا ما جعلني أفكر في طريقة عمل القضاء، وأنه لابد اعادة النظر في المؤسسات العدلية، لأن أغلب المساجين محكومين ظلماً، وأتمنى من السلطات أن تعيد النظر في الأحكام.
** هل لديك جمهور داخل السجن ؟
جمهوري كبير جداً هناك، ووجدت أناس لم يشاركوا في الثورة، لكنهم معها ومؤيدين ليها، وقالوا لي إنهم لحظة فض الاعتصام، كانت قلوبهم معنا، الجماهير في السجن حافظين شعارات الثورة وهتافاتها، رغم أن السجن ممنوع فيه ترديد الهتافات، لكن بعضهم يرددها، ولسوء الحظ لم أصادف أيام الترفيه التي يقام فيها حفلات للمساجين، لكنت شاركتهم الكثير من الهتافات والأغاني.
** كيف استقبل المساجين خروجك من السجن ؟
تأثر كثير منهم وبكوا، وأنا كذلك بكيت من شدة تأثري بهم، كنا نعيش أيام جميلة، وتعرفت على اناس من مختلف الولايات، بعضهم من الجزيرة ومن بورتسودان ومن الغرب، ومن الخرطوم والشمالية، ولم أحس بأني غريب، كأننا خارجين من رحم واحد، في السجن إذا مرضت حتى ملابسك يغسلونها لك.
** هل تأثرت بقضايا بعض المسجونين ؟
تأثرت بقضايا عدد كبير من الناس، هناك مرضى، وهناك مجانين مختلين عقلياً، ووجدت رجلاً كبيرا يعمل استاذ، تم تلبيسه بقضية سرقة سيارة، ، بسبب تشابه في الأسماء، انتظر 3 سنة ولم يقدم للمحكمة، وبعدها حوكم بستة شهور والآن هو في سجن الهدى.
** ما هي رسالتك للقضاة ؟
رسالتي للحكومة أن هناك الكثير من المظلومين في السجن، وأن هناك أناس خارج المحكمة يحلفون زوراً، يجب أن يطلق سراح البقية في سجن الهدى في جرائم الحق العام، و أقول للقضاة، مثل القاضي الذي حكمني حكم انتقامي ولم يتجاوب معي، كان لدي فرصة شاهد حتى آتي به، والقاضي لم ينتظر مجيء الشاهد، نتمنى ان أي شخص يحاكم، يجب أن يتم التحري معه بشكل دقيق حتى لا يظلم، ومثلي هناك مظاليم كثر.
** ما هي رسالتك الأخيرة في ذكرى الثورة والاعتصام ؟
أشكر كل الذين وقفوا معي ، من مجلس السيادة والنائب العام، والمحامين على رأسهم معز حضرة، وحركات الكفاح المسلح، وهيئة محاميي دارفور، والصحفي منعم سليمان الذي زارني في السجن، أنا كنت متأثر جداً بعدم حضوري ذكرى الثورة واحتفالي بها، الثورة ما تزال مستمرة، وعندما خرج بعض الشباب شعرت بسعادة أن الثورة ما زالت بخير، لأن المطالب لم تتحق، دم الشهداء والسلام، وأوضاع الناس المعيشية، حزنت جداً بعد عام من الثورة، ما تزال الجماهير في الصفوف بحثاً عن الرغيف، وأمهاتنا في الميادين ينتظرن أنابيب الغاز، وهناك مشاكل في الحصول على السكر لمواجهة احتياجات رمضان.
حوار: حافظ كبير
صحيفة الجريدة