مقالات متنوعة

وين ..أراضيك ؟

كنا في الماضي الجميل عندما نلتقي شخصا غاب عنا زمنا طويلا ..نسأله بعد التحايا والترحاب (وين أراضيك ياخ) ..والسؤال لا محل له من الاعراب ولا توجد له اجابة ولا حتى لا يوجد له تفسير مباشر ..اغلب الظن ان المقصود عن مكان اختفاء الشخص الغائب او اسباب جفائه المدة الفائتة ..فلم اسمع احدا يرد عليه غير بكلمة (موجود والله ..او مشغول وكدا) ..ولا اعتقد ان هناك شعب آخر يسأل فيه الفرد عن الآخر بهذ العبارة ؟ ..متفردين نحن ياخ.
قفزت العبارة الى ذهني وانا اتابع قرارات لجنة إزالة التمكين الاخيرة ..والتي ما فتئت تنزع الاراضي من منسوبي النظام السابق ..والسؤال ليس هو ترى لماذا يجتهد السودانيون في حيازة الأراضي ؟ يعني الواحد بمجرد ما تكثر امواله لا يفكر في استثمار صناعي او زراعي او في مجال التعدين او الثروة الحيوانية ..طوالي يمشي يشتري اراضي ..وبس ..هذا السؤال نطرحه كدا على الماشي لاختصاصي النفساويات السودانية (لكن اكيد هؤلاء الأثرياء أصحاب الأراضي سيردوا بثقة على سؤال وين اراضيك )..لكن السؤال الذي شغل عقلي واخذ حيزا لا بأس به من تفكيري ..هو الا يوجد حد اقصي للتملك ؟ يعني لا يوجد قانون يقول لا يحق لاحد ما تملك ما يزيد عن كذا من الامتار السكنية او كذا من الأفدنة الزراعية ؟ او بمعنى ثالث هل كان من الممكن نصحو في احد الأيام ونلقى السودان ملك شخص واحد او اثنين ؟
كل الذين اختلفوا مع الرئيس المصري جمال عبد الناصر ..لم يستطيعوا الا ان يرفعوا له القبعات تحية على مجانية التعليم وقانون الاصلاح الزراعي والذي بموجبه جعل هناك حد أقصى للملكية ونزع بقية الأراضي ووزعها على الفلاحين المصريين ..وقد كان باشوات مصر يمتلكون الالاف المؤلفة من الفدادين التي يعمل فيها الفلاحون كاجراء ..فجعلهم جمال شركاء وملاك اراضي .
عود على بدء ولجنة ازالة التمكين تطل علينا مساء كل خميس لكي تتلو علينا نبأ الذين تملكوا الأراضي من قبلنا ..هل يمكننا طرح اقتراح يتمثل في الآتي: مراجعة قانون التخطيط العمراني والذي يسمح بالتملك غير المحدود من الاراضي لشخص واحد طالما هو قادر على الشراء !!..وايضا يسمح بتحويل اراضي صالحة للزراعة الى مناطق سكنية في وقت تزحف فيه الصحراء وتحول الاراضي الخصبة الى اراضي جدباء جرداء..نقوم نحن نحول الاراضي المزروعة الى اراضي سكنية ..شفتوا العبقرية؟
نحتاج الى قانون عاجل يحمي الاراضي المزروعة ويجرم نزعها وتحويلها لأراضي سكنية ..ياخ ما في اكتر من الاراضي الخالية التي يمكن استثمارها وجعلها مدن سكنية بكامل الخدمات ..ونحتاج الى قانون يوقف جشع الانسان ويحدد سقف للتملك سواء اراضي زراعية او سكنية وتبقى فعلا (هذه الأرض لنا ) .. لو لم يصدر قانون ينظم هذه المسألة اقول صادقة اننا سنستبدل احمد بحاج أحمد وسيأتي اثرياء آخرون يشترون ويكنزون …. والساقية لسه مدورة ..وما حنخلص من قصة (وين أراضيك ).
الجريدة

ناهد قرناص
الجريدة

تعليق واحد