مقالات متنوعة

لا تنسوا زيادة الرواتب

يعلم الجميع الانهيار الجنوني في سعر الجنيه السوداني مقابل الدولار و الذي بدأ انحداره منذ أمد بعيد في عهد المخلوع ، و يتواصل الآن في ظل الأوضاع الانتقالية المعقدة التي تعيشها البلاد ، ما يؤسف له أن انهيار الجنيه تدفع ثمنه أهم شريحة يعتمد عليها الحكم الانتقالي في استعادة وتطوير بنية الدولة السودانية وهم الموظفون.
انهيار الجنيه يترافق مباشرة مع ارتفاع في الاسعار ، هذا الارتفاع تتضرر منه بصورة مباشرة شريحة الموظفين لأن راتبها لا يزيد مع انخفاض قيمة الجنيه و ارتفاع الأسعار ، وهو ما لا نجده في شرائح التجار وأصحاب الأعمال وحتى الباعة المتجولين والفريشين وعمال الاورنيش وستات الشاي وغيرهم ، فهؤلاء بمجرد ارتفاع الاسعار يقومون مباشرة بوضع( طاقيتهم ) فوق سعر السلعة او الخدمة التي يقدمونها ، وبالتالي هم اقل تضررا من ارتفاع الأسعار ، فقط الموظفون أصحاب الراتب الثابت هم المتضررين ، مما يقودهم في كثير من الأحيان لمواجهة غول السوق الى البحث عن مصدر دخل إضافي او ترك الوظيفة بالكامل والذهاب في طريق آخر مثل التجارة او الاغتراب.
آخر دراسة في عهد المخلوع لمقارنة الراتب مع متطلبات الأسرة، وجدت أن راتب الموظف لا يكفي سوى ٧% من احتياجات الأسرة ، مع التدهور الذي حدث مؤخرا في سعر الصرف يمكننا القول بأن راتب الموظف الآن لا يكفي سوى ٥% اول أقل من متطلبات الأسرة. وهو ما يجعلنا نتسال من أين يسد الموظف النقص في المرتب والبالغ ٩٥% !!
الثورة جاءت لتبني الوطن و تنهض به ، عملية بناء الوطن و نهضته تعتمد بصورة اساسية على الموظفين ، المعلمين والأطباء والمهندسين والعمال المهرة في كل المجالات هم أساس التطور و النهضة، و لكن كيف يقود هؤلاء الموظفون النهضة و هم و أسرهم جوعى ومعوزين !! النهضة تحتاج للتركيز الجيد من الموظف على هم البناء و التطوير ، وعلى اندماجه الكامل في هذه العملية والابتكار في الحلول والعمل ، و لكن ضعف الرواتب لا يحفز الموظف ويشغله عن هموم المهنة الى هموم اسرته وأطفاله والخبز واللحم والمواصلات والمنزل المنهار وديون صاحب البقالة والمخبز والخ ، و بالتالي سيكون في وادي وهم التطوير والنهضة في واد آخر تماما.
إعادة الروح للخدمة المدنية واستعادة دور الموظفين المهم ، هي الخطوة الاهم والأساس في النهضة ، إعادة هذه الروح تتطلب تحقيق الاكتفاء للموظفين ، وإشعارهم بالرضا ( satisfaction ) في وظائفهم ، وهذا يتأتى في المقام الأول بالراتب المادي المجزي الذي يغطي كل نفقات واحتياجات الموظف واسرته .
مجلس الوزراء انتبه وأعلن عن زيادة في الرواتب بنسبة ١٠٠% ابتداءا من أبريل، وبما أننا في منتصف أبريل الآن فهذا تذكير للحكومة للوفاء بوعدها والالتزام بتنفيذه ، نعلم أن الوضع الاقتصادي منهار وأن كورونا زادت الطين بل ، ولكن هذه الخطوة دونها خرط القتاد .
يوسف السندي

الراكوبة