لاتستهروا بالموت !!
عرف مجتمعنا السوداني واشتهر بطبعه ، بصناعة النكتة في لجة الأزمات ، ويحاول دائما ان يجعل من كل بلاء طرفة ، وماحدثت كارثة اجتماعية او اقتصادية او سياسية ، الا وتبارى الناس في ميادين النكات والحكايات والقصص الطريفة ، وجاءت الروايات لتسخر من كل شي يحدث ، مهما كان حجم خطورته ، ومكونات المجتمع السوداني وتركيبة شخصيته وإنسانه ، بنيت على أساس متين ينطلق من مبدأ التوكل على الله والإيمان به ، وان هذه البلاد محمية بدعوات الصالحين ، وشيوخ الطرق الصوفية ، الذين ترتفع اكفهم ليل نهار بالدعوات الصالحات وتهمس أصوات (السبح ) تهليلا وتكبيرا ، وتوسلا لله ان يحفظ هذه البلاد من كل شر لطالما ان كل من فيها يستودع الله نفسه واهله وأحبابه ، هذا ما يميزنا عن غيرنا
ولكن رغم ذلك يجب ان الا نعيش في دائرة ( اللاجدية ) والتعامل السلبي في عدم التعامل بحذر مع القضايا وان نستشعر الخطر الذي يحيط بنا من كل النواحي ، ونحن نعيش في بلاد العالم يموت أمام أعينها وهي تتابع الأخبار يوميا وعلى رأس كل ساعة بل دقيقة ، ترتفع نسبة الوفيات وانتشار كورنا بدأ بصورة مزعجة ومخيفة ، ولابد ان نتعظ ونأخذ العبرة من الدول الكبرى التي هزمتها الجائحة ، ( إيطاليا نموذجا ) فهي واحده من اكبر الدول قدرة واستطاعة ولا مقارنة بيننا وبينها ولكنها رفعت راية الاستسلام للمرض بطريقة تدعو الي الخوف
وتحدثت طبية إيطالية انهم في إيطاليا تجاوزا الخوف من انتشار المرض ودخلوا مرحلة أخرى وهي مواجهة الموت ، وان عملية التخلص من جثث الموتى هي التي تمثل هاجسا كبيرا لهم ، وهذا يعني ان إيطاليا أصبحت فقط تحت رحمة الله ، فان لم نكن شعب ينظر للأمور بجد واعتبار سنكون نحن في قائمة الدول التي ربما تبتلعها الكورنا ، ولن تقف عند الانتشار والتفشي ، ويحكي مقيم في مدينة تورينو شمال إيطاليا المنطقة الأكثر تضررا بالفيروس في القارة الأوروبية ، وان هذه الأرقام المخيفة حدثت بسوء تصرف الإيطاليين ، واستهتارهم بالتحذيرات التي أطلقتها الحكومة في بداية ظهور الفيروس وأنهم رفضوا الامتثال للأوامر لتي طلبت منهم الالتزام بالحجر الصحي، وأضاف للجزيرة نت نحن في حجر صحي منزلي إجباري منذ 8 مارس الجاري، بعد أن أصبحت أعداد الإصابات والوفيات تزداد يوميا بالعشرات، والسبب كان استهانة المواطنين بالخطر، وعدم تصديقهم لما كانت ستؤول إليه الأوضاع وأضاف (كان من الممكن السيطرة على انتشار كورونا في إيطاليا لو التزمنا بدعوات البقاء في المنزل عندما أطلقتها الحكومة مع بداية ظهور الفيروس، لكن ما حدث هو أن الإيطاليين تعاملوا مع هذه الدعوات وتعليق المدارس والجامعات على أنها إجازة، فخرجوا للحدائق وازدادت نسب الاختلاط، ومن هنا وجد الفيروس فرصته للانتشار )
واخشى من هذا المصير فبعض السودانيين هذه الأيام يظهرون ذات السعادة بتوفر المواصلات وعدم ازدحام الأسواق وان الشوارع خالية من المارة ، فالبعض اتخذ من هذه الأشياء فرصة له للخروج الي الأسواق للتسوق لطالما ان هذا الانفراج لن يتكرر قريبا ، وبدأت الزيارات العائلية في تزايد وكأننا في عطلة عيد الفطر نسبة لخلو الشوارع ونقص حالة الازدحام وهذا امر خطير ينذر بالخطر وعدم الالتزام بأوامر الدولة ، ووزارة الصحة التي طالبت بعدم التجمعات وطالما ان الحافلات مازالت مكتظة بالمواطنين وان الخروج من المنزل ليس حصريا على اصحاب الوظائف الضرورية وان هنالك من يخرج لأسباب غير ملحة وضرورية ، اذن نحن نقف على شفا جرف هار يجب الانتباه اليه
كورونا تعني الموت ، ولا توجد منطقة وسطى لذلك يجب ان لا تستهروا بها ، أجعلوا من بيوتكم مطارحا للأمان والتزموا بقواعد الوقاية وانظروا الي كورونا من زاوية أخرى بعيدا عن التعامل السلبي والعفوية والبساطة اعلموا ان كورونا اكبر من انها مزحة ونكتة …لا تستهتروا بالموت ، فالخطر اقرب إلينا مما نتوقعه عافانا الله واياكم وحفظ البلاد وشعبنا.
طيف أخير:
يا من يرى مافي الضمير ويسمع أنت المعدُّ لكل ما يتوقع
صباح محمد الحسن
الجريدة