السودانيون منقسمون بين الهلع واللامبالاة من «كورونا»
أعلنت وزارة الصحة السودانية تسجيل حالات مشتبه بإصابتها بفيروس كورونا المستجد، وعدم وجود حالات اشتباه بين القادمين للبلاد، في وقت تسود حالة ممزوجة بين الهلع لدى بعض السكان واللامبالاة بين آخرين.
وقالت وزارة الصحة في تعميم صحافي إن الساعات الأربع والعشرين الماضية، شهدت إدخال عدد من المشتبه بإصابتهم بكورونا إلى الحجر الصحي، بانتظار نتائج الفحوصات. وأضافت أن السلطات أعدت العدة لاستقبال باخرة تحمل مواطنين أعادتهم المملكة العربية السعودية على خلفية إجراءاتها التي قضت بمنع الدخول والخروج منها. وتابعت قائلة: «سيتم الكشف على القادمين وحجز المشتبه بهم (…) الوزارة جاهزة من خلال الكادر الطبي الذي تم إعداده للعملية».
وغادر وفد برئاسة عضو مجلس السيادة محمد الفكي سليمان الخرطوم إلى المعابر الحدودية السودانية ـ المصرية، للوقوف على أوضاع زهاء ألف سوداني محتجزين هناك، ولتوفير المستلزمات اللازمة للتعامل مع حالتهم، سيما على خلفية ارتفاع الإصابات في البلدان القادمين منها.
ومنذ انتشار فيروس كورونا في الصين في ديسمبر (كانون الأول) الماضي في مدينة ووهان الصينية، ظل السودان يعلن أنه بمنأى عن الوباء لمدة قاربت الثلاثة أشهر، وظلت الدوائر الصحية السودانية تكرر على الدوام «السودان خال من كورونا».
وواجه وزير الصحة السوداني أكرم التوم، انتقادات تقول إنه لم يفعل الإجراءات الاحترازية من وقت مبكر، بيد أنه أعلن في مؤتمر صحافي يوم 11 مارس (آذار) الجاري تقديم توصية لمجلس الوزراء تطالب بتوفير الإمكانيات اللازمة من أماكن عزل وكوادر وأجهزة فحص، واكتمال التجهيزات القياسية بدعم من منظمة الصحة العالمية، لمواجهة الفيروس، وفي ذات المؤتمر الصحافي أكد «خلو البلاد» من أي إصابات مؤكدة بفيروس «كوفيد 19».
لكن بعد يومين من تصريحه بخلو البلاد من «كورونا»، اضطر الوزير لعقد مؤتمر صحافي آخر يوم الجمعة الماضي يعلن من خلاله «وفاة مواطن بكورونا»، وسارع عن إعلان إجراءات مشددة لمواجهة الفيروس.
واستجاب مجلس الوزراء السوداني بسرعة لطلب وزارة الصحة، وأصدر السبت الماضي، قرارات تشمل «إغلاق الجامعات والكليات والمعاهد العليا وكل مؤسسات التعليم العالي الحكومية والخاصة والأجنبية لشهر، إضافة لرياض الأطفال والمدارس السودانية والأجنبية والخلاوي والمعاهد الدينية بجميع المراحل لمدة مثيلة، وتأجيل امتحانات مرحلة الأساس في الولايات التي لم تجر فيها».
وإنفاذا لهذه الإجراءات أوقفت الخارجية المعاملات القنصلية والورقية بما في ذلك توثيق الشهادات باستثناء الطوارئ، وعممت الهيئة القضية قراراً علقت بموجبه المحاكمات جزئياً، وأصدرت وزارة الشباب قراراً قضى بإقامة المنافسات الرياضية بدون جمهور، وتعليق بعض المنافسات المحلية، ووقف الأنشطة مثل السباحة في المسابح العامة والخاصة، كما قضت القرارات بتقليل ساعات دوام العاملين في الخدمة المدنية غير الطبية، فضلاً عن إجلاء السودانيين العالقين على الحدود السودانية ـ المصرية، وإقامة معسكرات عزل لهم بواسطة فريق طبي متكامل.
لكن مقابل هذه الإجراءات نشطت حملات مناوئة لتلك الإجراءات، أنكرت فيها أسرة المتوفى بكورونا إصابته بالمرض، ونقلت صحف ووسائط تواصل اجتماعي عن الأسرة، أن الحكومة «تتاجر» بموته للحصول على دعم، مستغلة في ذلك تأكد الإصابة بعد وفاة ابنها، وكان وزير الصحة قد ذكر في مؤتمر صحافي أن اثنين من الفحوصات التي أجريت عليه كانت نتيجتها سلبية، وأن المرض تأكد بعد الفحص الثالث الذي ظهرت نتيجته بعد الوفاة.
ورغم الانقسام الذي تسبب فيه التشكيك من قبل ذوي المتوفي، وتهديدهم بمقاضاة وزير الصحة على المعلومات التي وصفوها بأنها «غير صحيحة»، فإن الشارع السوداني استجاب لتعليمات وزارة الصحة والجهات الأمنية، فخلت الشوارع من المارة وقلت حركة السير، وخفت طوابير الخبز والوقود، فيما ارتفعت أسعار الكمامات الطبية والمعقمات والمطهرات والصابون الصحي بشكل جنوني، كما خلت رفوف الصيدليات والمحال التجارية منها.
واختلت الحياة في السودان بشكل كبير، لكن اللافت أن هناك كثيراً من اللامبالاة بين البعض، إذ لا يزال هؤلاء يتحركون في الشوارع ويواصلون أعمالهم كأن شيئا لم يحدث ولن يحدث، وإن قلت نسبتهم بشكل كبير.
وسائل الإعلام بدأت بنشر معلومات توعية بمخاطر الوباء وكيفية تجنبه، ودعوة الناس لعدم دخول الأماكن المزدحمة، ووقف تناول المأكولات والمشروبات في الأماكن العامة، والبقاء في المنازل قدر الإمكان، ووقف المصافحة والاحتضان والتقبيل، وإبلاغ الجهات الصحية حالة الشعور بأي أعراض، وتناول فيتامين سي لتعزيز جهاز المناعة، ومساعدة الأجهزة الصحية.
صحيفة الشرق الأوسط