نجحت العملية وتوفي المريض
*أتاح لنا الأخ الزميل عبد الرحمن العاجب عبر تقاريره المترعة المتقنة التي تدفقت من فاشر السلطان، أتاح لنا أن نقف على مجريات (فعاليات السلم الاجتماعي) التي تقيمها (السلطة الإقليمية لدارفور) هناك هذه الأيام.
* وأطربني جداً أن تنتهي قناعات رجلين جهيرين في قامة الدكتور التيجابي، رئيس السلطة، والأستاذ الوالي كبر كأحد أشهر وأعرق الولاة في الإقليم الدارفوري، أن تنتهي قناعة الرجلين إلى اعترافين باهظين..
* الاعتراف الأول بأن معظم كروت هذه اللعبة القاتلة هي بيد (أولاد دارفور) أنفسهم، فالذي نهنئ أنفسنا كسودانيين للبحث عنه في العواصم من لدن أبشي وسرت وأبوجا حتى الدوحة، هو بالكاد نتركه وراءنا بالإقليم، مثل تراجيديا قصة غلام بسطام، إن الذي خرج لأجله تركه وراءه ببسطام.
* فلو تواضع اليوم أبناء دارفور، الذين يحملون البندقية ويتسوروا المدن والبلدات، والذين يحملون غصون الزيتون داخل السلطة الإقليمية والولايات، لو تواضعوا اليوم لوضعوا البندقية وانخرطوا في بناء أطر السلام لأمن الوصول إلى حل ناجع في ساعتين اثنتين.
* فعلى الأقل قد تساقطت كل الحجج والمسوغات على أن الحركات المسلحة التي قد خرجت عن سياق الدولة لأجل مبررات عمليات الأعمار والبناء والتنمية ثم تدارك إنسان الإقليم، فإن أول شيء تفعله هذه الحركات عند خروجها أن تهزم أجندتها التي خرجت لأجلها، فالبنيات المتواضعة القديمة ازدادت تدميراً، وكل محاولة جادة لإقامة بنية جديدة تنتظرها الحركات بالمرصاد، ترفدنا خلال الاختطاف والاختراقات العديدة للعمال الصينيين والاعتداء والنهب على قوافل التنمية والغذاء، أما عن حالة المواطن الذي خرجت الحركات لأجله فحدث ولا حرج، فقد ازداد بؤساً وتشريداً وتنكيلاً وتقتيلاً، وتكمن المفارقة المذهلة هنا في أن المواطن هو أول ضحايا الحركات التي خرجت لانتشاله.
* والاعتراف الباهظ الآخر الذي قاله الرجلان السيسي وكبر، هو أنه إن لم يستعصم الأبناء العاقون لإقليمهم وأهليهم بقيم دارفور النبيلة ومن ثم يضعوا السلاح، فإن الحل الآخر يكمن في أن تكون الدولة أقوى من القبيلة وأقوى من الأفراد والحركات، أن تفرض الدولة هيبتها وسلطانها بقوة القانون، أن يوضع الإقليم تحت قبضة هيبة القانون ولا شيء غير القانون.
* هذه هي الأوتار والأناشيد التي طالما عزفنا عليها هنا كثيراً فاستسهال عمليات ارتكاب الجريمة في الإقليم ناتجة عن ضعف سطوة القانون فهنالك عدة سيناريوهات تمكن الجاني من الإفلات، أولها أن يهرب دون أن يلقى القبض عليه، وإن قبض عليه أن يأتي إخوانه ويحرروه بقوة السلاح من سجنه، والثالثة أن يخرج بشهادة مناضل عبر واحدة من نسخ دوحات الدكتور أمين حسن عمر القطرية بل في هذه الحالة ربما يكافأ بوزارة وسلطة وثروة!
*وأحيلكم إلى آخر نسخة موقعة من نسخ العدل والمساواة، نسخة الأخ دبجو لاحظت أنها ما إن وطئت قدماها الخرطوم حتى طالبت (بإطلاق سراح ثوارها ومنسوبيها) وظلت تطالب لدرجة التهديد بالخروج عن الدوحة وتعهداتها وبطبيعة الحال تم مؤخراً الإفراج عن منسوبي الحركة.
* في هذه الحالات تمنيت دائماً، أن يقتصر الإفراج عن السياسيين على أن يبقى مرتكبو الجرائم الجنائية في المحاكم فيفترض أن (الدوحة) لا تلغي (أحكام الله) فكيف بالدوحة وهي لها أن تسقط عقوبة امرئ روّع وقتل وقطع الطرقات.
* أخي دكتور السيسي صحيح يجب ألاّ نيأس في تنشيط ذاكرة الإقليم بالقيم والأخلاق الموروثة، لكن في النهاية يجب أن نعلي من قيم (سطوة دولة القانون).
* أخشى أن نصل إلى عمليات سلام بعد اغتيال الإقليم وفوات الأوان.
[/JUSTIFY]ملاذات آمنه – صحيفة اليوم التالي