بين اليقظة والأحلام
عَقَدَ رئيس الوزراء أمس، مؤتمراً صحفياً استثنائياً ومُهمّاً، وجّه من خلاله خطاباً تاريخياً للشعب السوداني. وكان بمعيته وزيرة الشباب، ووزراء المالية والاقتصاد، والعمل، والزراعة والثروة الحيوانية، ورئيس اتّحاد أصحاب العمل.
ابتدر رئيس الوزراء خطابه باعتذار للشعب، وقال إنهم تأخّروا في هذه الخطوات نسبةً لانشغالهم بتكوين هياكل السلطة الانتقالية وترتيب بعض الأمور. ثُمّ قدّم خُطةً مُفصّلة للنهوض، تقوم على التحدي. قال حمدوك إنّ هذه الثورة الشعبية العظيمة ستبلغ أهدافها بقوة ووحدة الجماهير. وهدف الثورة الأكبر هو النهوض بهذه البلاد، والخُرُوج بها إلى آفاق التقدُّم والاكتفاء والرفاهية. وقال حمدوك إنّ ذلك كله مُمكنٌ بجهد الشباب وبموارد البلاد الذاتية. وطرح حمدوك تحدياً خطيراً أمام الشباب، حيث قال: نحن نثق أنّنا بكم ومعكم سوف ننجز هذه النهضة الكُبرى. وابتداءً من الغد سوف نشرع في سياسات الاكتفاء الذاتي، وسنُوقف استيراد كل السلع التي لها بدائل محلية، ابتداءً من الأغذية بجميع أنواعها، والملبوسات والعُطُور والكريمات والأثاثات وغيرها، في قائمة تضم 567 سلعة. وسنصل إلى الاكتفاء الكامل خلال ثلاثة أعوام بإذن الله. كما طرح حمدوك خُطة زراعية وصناعية لرفع الصادرات إلى 10 مليارات دولار خلال عامين وإلى 20 ملياراً خلال 5 أعوام. وحذّر حمدوك من الهُرُوب من المسؤولية، خَاصّةً من مسؤولية دفع الضرائب، وأعلن عن ضريبة السيارات، وضريبة العقار وضريبة القيمة المُضافة على السلع الكمالية وغيرها من الضرائب الجديدة.
ومن جانبها، أعلنت وزيرة الشباب، أنّهم قد أعدوا خُطة كاملة لتشغيل الشباب، وذلك عبر فتح مكاتب في كل المحليات والولايات، لحصر وتصنيف الشباب، خاصّةً الخريجين ممن يُعانون من البطالة، وفتح مكاتب للتشغيل تقوم بتدريب الشباب وإعدادهم لسُوق العمل، بالتعاوُن مع القطاعين الخاص والعام، وقالت إنّ الوزارة بالتعاوُن مع وزارة العمل ووكالة الاقتصاد واتّحاد أصحاب العمل، قد أعدّت المئات من المَشروعات الإنتاجية المُوزّعة على جميع الولايات، والتي تم توفير التمويل لها بمحفظة تُشارك فيها المالية والبنوك ومُؤسّسات إقليمية ودولية، بجانب القطاع الخاص السوداني. وسيتم تشغيل قرابة الـ3 ملايين شاب في هذه المشروعات. وقالت إنّ اللجنة المُكوّنة من الوزارات المعنية قد أعدّت مشروعاً للاكتفاء من القمح، ومشروعات أخرى لإنتاج الألبان، ومسالخ لتصدير اللحوم، ومصانع للمُنتجات الجلدية، ومصانع للزيوت العالية النقاء للصادر، ومصانع لإعداد بودرة الصمغ، وغيرها من الصناعات التحويلية.
وأَعلَنَ حمدوك أنّ وزارة التعليم العالي قد قررت تحويل 10 من الجامعات القائمة إلى جامعات تقنية، تهتم بتخريج الكوادر الهندسية والصناعية العالية التدريب، بالتعاوُن مع ألمانيا واليابان وكوريا وماليزيا والفلبين. كما أعلن عن خُطة يتم خلالها فتح 10 جامعات تقنية أخرى خلال العقد القادم. وأعلن أن الحكومة قد تَعَاقَدت مع شركة دي – رايزن الألمانية على تشغيل كَافّة المرافق السياحية في البلاد، وإدخال 5 ملايين سائح سنوياً، وتشمل الخُطة فتح 12 فندقاً “قطاع خاص” في مُختلف المُدن والمواقع، ويتوقّع أن تكون عوائد السياحة حوالي 3 مليارات دولار.
وفي ختام المؤتمر، أعلن حمدوك عن زيادة في رواتب العاملين، يتم احتسابها شهرياً وفقاً لمُؤشِّر الأسواق ومُؤشِّر التضخُّم الذي يصدره الجهاز المركزي للإحصاء، بحيث تكفي الرواتب لضروريات الأُسرة. كما أعلن عن خُرُوج الدولة من دعم السلع نهائياً بجميع أنواعها، وفك الاحتكار وفتح المُنافسة الحُرّة في الأسواق. وقد انخفضت أسعار بعض السلع فور انتهاء الخطاب، وارتفع سعر تبادُل الجنيه في السوق بنسبة تقارب 15 في المائة.
كان ذلك ما رأيته بين اليقظة والأحلام، وما زلت أجلس أمام التلفزيون منذ أغسطس الماضي في انتظاره.
الصاوي يوسف
الصيحة