رأي ومقالات

ضياء الدين بلال: حتى لا يفشل حمدوك!

-١- لو أعدتَ النظر مرتين وأكثر، لن تجد قيادياً سياسياً سودانياً معاصراً، وجد تأييداً ومؤازرة جماهيرية، مثل رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك.
لأول مرة في التاريخ المعاصر، تتوافر لقيادي سياسي سوداني حماية جماهيرية من النقد.
الهجوم الكثيف الذي تم شنه على الزميل عثمان ميرغني في حواره مع حمدوك، عبر عن تلك الحالة الحمائية.
ورطة عثمان في تلك المقابلة، أنه قام بطلعة جوية دون معرفة مواقع منصات الحماية لدكتور حمدوك، ومدى قوتها النارية.
في السابق، كانت تسدد إدانة مغلظة للمحاورين، واتهامهم بأنهم يتعاملون بدونية وانكسار أمام كبار المسؤولين.
العكس حدث مع عثمان، حيث كان الاتهام، التعامل مع السيد رئيس الوزراء بتعالٍ وغرور وازدراء (ما كان قاعد كويس)!
لو أن مقابلة عثمان وأسئلته الساخنة وجهت لأي مسؤول رفيع آخر في العهد السابق أو الحالي، لوجدت الإشادة والثناء والوصف بالشجاعة والجسارة!
-٢-
مرد ما حدث مع عثمان، رصيد المحبة والتقدير الذي يحظى به دكتور عبد الله حمدوك لدى قطاعات واسعة من الشعب السوداني.
لماذا حمدوك وليس غيره؟!
تفسير ذلك:
آمال عراض، وتطلعات باهرة، ارتبطت برئيس الوزراء في إنجاز مهام الفترة الانتقالية بنجاح وتميز.
كاد حمدوك يصبح الأمل الوحيد لإنقاذ السودانيين من معاناتهم ونقلهم إلى مراقي التقدم والازدهار(المخلّص).
السودانيون يتوقعون من حمدوك، عطاء يكافئ ما قدمته الثورة من تضحيات وإشراقات، وسيقاتلون على حافة هذا الحلم دفاعاً عن الأمل.
أكثر ما يميز دكتور عبد الله حمدوك، أنه رجل يتحرك بثقة واحترام للآخرين، لا تخرج منه كلمة صادمة أو جارحة.
بكل تأكيد هذا لا يكفي لتحقيق النجاح وإنجاز المهام .

-٣-
العلة المعيقة لتقدم دكتور عبد الله حمدوك ووزرائه، وتمثل خطراً ماحقاً على الفترة الانتقالية، الرهان المفرط على المجتمع الدولي وحسن الظن الأعمى المفضي إلى الخيبة.
صحيح، الأزمة المركزية للنظام السابق ما كان يعانيه من قطيعة دولية، ولكن لا يعني هذا في المقابل أن الحل السحري للنظام الحالي بالكامل خارج حدود الوطن.
كثير هنا وبعض هناك.
-٤-
راهن حمدوك على الأمريكان، وذهب إليهم مسارعاً، فبدلاً من أن يرفع العقوبات ويفتح المسارات، أضاف عبئاً مليارياً بالتزامه بدفع تعويضات تفجير السفارتين!
راهن حمدوك ووزير ماليته، على دعم الميزانية من خزائن المجتمع الدولي، فأصبح الوضع على ما هو عليه من معاناة وبؤس!
راهن حمدوك، على وجود بعثة أممية تحقق السلام وتحمي سلطته الانتقالية، فوجد السخرية والاستياء في الداخل، وسيجد الخذلان من الخارج.
-٥-
حتى الوزراء، تجد غالب قراراتهم وتصريحاتهم، تستهدف كسب دعم ورضا الدول الغربية.
وزير الأوقاف بدأ مسيرته بالتقرب لليهود، وزير الصحة ينتظر دعم المنظمات لذا تجده الأكثر حرصاً على نشر أخبار الأمراض!
وما حدث في الأيام الأخيرة باستعجاله الحديث في مؤتمر صحفي هو ووزير الإعلام، عن وجود اشتباه في حالتي كورونا أوضح دليل.
حتى وزير الإعلام، تجده مهتماً بالتواصل مع السفارات والمشاركة في مناشطها أكثر من اهتمامه بالصحف وأجهزة الإعلام والتواصل مع الإعلاميين!
المفارقة الغريبة، أن أقل الوزراء اهتماماً بالبعد الخارجي وتواصلاً معه، هي وزيرة الخارجية!
-٦-
لو أن دكتور عبد الله حمدوك وحكومته، سعوا لتفجير الطاقات المحلية مستغلين زخم الثورة وحماسة الجماهير وثقتها في الحكومة، لأنجزوا الكثير.
لو أن رئيس الوزراء وجه نداء استغاثة للسودانيين في الخارج، وحثهم على تحويل مساهمات لدعم خزينة الانتقالية، لوجد استجابة غير مسبوقة.
لو أن حمدوك، طلب من الشباب الثائر التوجه لمشاريع الزراعة وإسناد المحليات في الخدمات، لكانت الاستجابة منقطعة النظير.
لو أن حمدوك، خصص مكتباً لتلقي مقترحات المهتمين والمختصين لحل الأزمات، لوجد ما يفيد.
ولو فتح الباب لتقديم سير ذاتية لسودانيين خارج وداخل السودان، لوجد من الكفاءات ما يكفي ويفيض.
-٧-
المجتمع الدولي ليس منظمة خيرية أو إنسانية، والسودان ليس طفلاً مدللاً يطلب فيستجاب له!
تجارب المجتمع الدولي مع النكوص عن دعم الدول، لا يجهلها متابع، وما حدث مع دولة الجنوب يكفي للعظة والاعتبار.
ليس من خيار سوى أن ننجز ما علينا محلياً، ثم ننتظر دعم الآخرين وليس العكس.
-أخيراً:-
على الدكتور عبد الله حمدوك، التعامل بروح القائد والزعيم، لا كموظف دولي في مهمة وطنية.

ضياء الدين بلال
السوداني

‫3 تعليقات

  1. لا حياة لمن تنادي…
    الفشل يمشي برجليه في كل مكان.
    لم نشهد فشل مثلة في السودان.
    كرعينا ورموا من الصفوف وجري وملاحقة المواصلات.
    هي ساقطة وما عايذه يسقطوها مسالة زمن

  2. قال الكاتب ” ولو فتح حمدوك الباب لتقديم سِيَر ذاتية لسودانيين خارج وداخل السودان، لوجد من الكفاءات ما يكفي ويفيض”.
    يقال انه بالفعل طلب في الأيام الأولى لتسلمه الحكم أن يتم إعداد قائمة بـ 200 سوداني يكونوا من أكثر الكفاءات في البلد سواء كانوا سودانيين في الداخل أو في الخارج .. فتم إعداد قائمة بأكفأ 200 سوداني طلع منهم 180 من الكيزان وأغلبهم يعملون في الخارج فى أرفع المناصب وفي أرقى الجامعات العالمية، فصرف النظر عن تلك القائمة”