رأي ومقالات

محجوب عروة: حوار مع البرهان

على مدى الساعتين ونيف جلسنا في لقاء خاص مع الفريق أول رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان واعترف بأنه رجل خلوق يجبرك على احترامه حتى لو اختلفت معه في بعض الآراء فهو يتمتع بنفس سمحة ومنفتح في تواضع جم وهذه شيمة رجل الدولة والنظامى المهنى الحقيقى وهذا ما حدث لى معه أمس عندما كان لى رأيا آخر حول التعامل مع الدولة العنصرية الاحتلالية المتعصبة إسرائيل ولى حيثياتى في هذا الخصوص واختلاف الرأي لا يفسد للود قضية فاحترامى للبرهان وجيشه الذى انحاز لثورة الشعب لا تحدها حدود.

كانت لاآآت الخرطوم عام 1967 عقب هزيمة العرب في حرب الأيام الستة هي أيقونة السياسة الخارجية للسودان وهى التي مكنت دول المواجهة (مصر، سوريا، الأردن ولبنان) ان تنجو من الانهيار والذهاب خانعين لوزير الدفاع الاسرائيلى موشى ديان آنذاك الذى تبجح قائلا انه ينتظر الزعماء العرب بعد هزيمتهم أن يـأتوا اليه منكسرين خانعين يقبلون أرجله ويعلنون توبتهم بأنهم لن يعادوا ويحاربوا دولة إسرائيل مرة أخرى..

في بحثى التمهيدى لنيل الماجستير عام 1973 بعنوان (دور السودان في القضية الفلسطينية) كانت قتاعتى أن دولة الاحتلال الاسرائيلى ما كان لها ان تتسلل الى أفريقيا لولا نتائج العدوان الثلاثى على مصر عام 1956 الذى حصلت بموجبه إسرائيل لمنفذ على البحر الأحمر وقد أيدنى الممتحن الخارجي الذى أشرف على بحثى د. بطرس يطرس غالى في ذلك ومنحنى درجة عالية.

من المؤسف أن الصراعات العربية الغبية ومؤامرات هذه الدولة الاحتلالية الإرهابية حتى اليوم حبست الشعوب العربية داخل سجون كبيرة بحجم الأوطان في أنظمة ديكتاتورية بوليسية سلطوية تتحكم فيها الشعارات والهتافية والكذب والوصاية والتدخل في الشئون الداخلية العربية فأضعفت المناعة و المقاومة العربية وبددت الموارد وجعلت الشعوب العربية تعانى الفقر والبطالة وتقع في مصيدة الأجندة الدولية الضارة في حين استغلت إسرائيل سبعين عاما ونيف في امتلاك القوة العسكرية والاقتصادية والعلمية.. النتيجة الطبيعية هو هذا اليأس والإحباط و من الصمود والمقاومة .. هل الخبز كل شيئ؟

هناك سؤال مفصلى لماذا حدث كل ذلك منذ وعد بلفور ويحدث الآن عبر خطة ترمب الظالمة لفرض رؤية أقلية متطرفة تستغل الدين السياسى والعنصرية باسم الحركة الصهيونية لتحتل أراضى العرب في فلسطين وتتحكم لوحدها في القدس التي هي لكل الأديان من يهود ومسيحيين ومسلمين وليست لأقلية متطرفة عنصرية؟ أليس هو استمرار للتسابق الاستعمارى منذ القرن التاسع عشر حتى اليوم؟

ان ما يحدث من اسرائيل هو مجرد استعمار وفصل عنصرى جديد

مثلما ما حدث في جنوب افريقيا فلماذا لا نعامل إسرائيل الاحتلالية العنصرية مثلها؟

اننى احترم اجتهاد السيد البرهان بأن ما فعله هو من اجل حفظ الأمن القومى ومصلحة البلاد اقتصاديا ولكن يبقى السؤال كيف نثق في دولة مثل إسرائيل لم تلتزم حتى الآن بأى عهود مع الفلسطينيين والعرب

وقرارات الأمم المتحدة؟ كل الذى أتمناه ألا يحدث انقسام وطنى وانهيار للنظام القائم فيقفز مستبدون جدد.. اذا اختلفنا دعونى أقترح استفناء شعبى حول ما حدث يلتزم بنتائجه الجميع… هذا هو الحل الوفاقى وبالله التوفيق.

محجوب عروة