محمد عبدالقادر: (نفاج) البرهان- نتنياهو .. اي سؤال؟!! (1)
لبيت دعوة كريمة لحضور اللقاء التنويري الذي عقده سعادة الفريق اول عبدالفتاح البرهان رئيس المجلس السيادي امس في مباني القيادة العامة لقوات الشعب المسلحة بهدف الاستماع الي تنوير حول لقائه برئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ، هذا الزلزال الذي احدث هزة كبيرة في الساحة السياسية تتفق او تختلف مع ما فعله البرهان من منطلق مسؤولياته وصلاحياته السيادية ، ولكن الصدق يقتضي القول ان الرجل كان مرتبا وواضحا وراكزا في تبيان دوافع لقائه مع رئيس الوزراء الاسرائيلي ، لم يلجا للمساحيق السياسية او يتعاطي حبوب منع الخجل مثلما يفعل الساسة في توضيحاتهم المرتجفة لعلاقاتهم السرية مع اسرائيل ، شرح البرهان في لقاء استمر زهاء الساعتين بلا تلجلج الظروف والملابسات والحيثيات التي دعته للقيام بالخطوة، لم يقرا من ورقة ولم يشب طرحة غبش ولا تاتاة او غموض ، اجاب علي جميع الاسئلة باالرغم من سخونتها بهدوء كبير وقلب مفتوح ، كان هادئا حتي مع الذين حاوروه رافضين ومستنكرين ، استمع للجميع حتي اكتفوا وكان يسال عن المزيد ، وختم اللقاء بسؤال الجيش التقليدي حينما ينتشي وينتصر، اي سؤال؟!كان البرهان موفقا وهو يعلي من شان الاحساس بالظروف الاقتصادية الضاغطة التي يواجهها الشعب السوداني في معاشه، هذا الحصار الخانق الذي الذي ظل يكتم انفاس السودانيين يوميا يستوجب البحث في كافة الخيارات المتاحة لاخراج الناس من الضيق الي حيث الرفاهية والامان عبر الاندماج في المجتمع الدولي وتوظيف الاستفادة من انتمائك لوطن لا تحاصره العقوبات ولا تشيعه اللعنات.هم المواطن السوداني ومصلحة البلد العليا كانت المعطي الحاضر في اقدام البرهان علي الخطوة مثلما شرح وافاض وقال ان اللقاء جاء بمثابة ( نفاج )فتحه ومن حق الجميع المضي عبره الي الغايات التي تحقق امن وسلامة ورفاهية الشعب السوداني، او اغلاقه ان لم تجن منه البلاد الثمرة المرجوة.المحرك الاساسي للخطوة حسب البرهان كان حرصه علي امن السودان الوطني الشامل ودمجه في المجتمع الدولي وانهاء معاناته الاقتصادية من الواضح ان البرهان يسعي لاعانة الجهاز التنفيذي علي انهاء وجود السودان في لائحة الدول الراعية للارهاب بتاكيده علي ان القاء تم بترتيب امريكي، وان اتصالات سبقت خطوته بثلاثة اشهر كان طرفاها رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو ووزير الخارجية الامريكي، هذا الدخول المباشر لواشنطن مقروء بالدعوة التي تلقاها لزيارة الولايات المتحدة ربما فسر توقعات البرهان بان اللقاء سيقود الي رفع العقوبات الامريكية عن السودان وازالته عن قائمة الارهاب في اي وقت.نعم من حق السودان ان يعمل من اجل مصالحه العليا دون ان يتعارض هذا الامر مع مواقفه من القضية الفلسطينة ، دفعت بلادنا اثمان باهظة لمواقفها المبدئية الرافضة للتعامل مع اسرائيل ومن منطلق حرصها التاريخي علي حقوق الشعب الفلسطيني ، ان الاون ان تبحث الخرطوم عن مصالحها بطريقة لا تخصم من مواقفها المعلنة شانها مثل كثير من الدول التي تحتفظ بعلاقات دافئة مع تل ابيب وتدافع عن حق الفلسطينيين المغتصب.البرهان كان واضحا في الحديث بان سياساتنا تجاه اسرائيل مازالت محنطة في ارشيف اللاءات والشعارات والمواقف الايدلوجية، المطلوب ان نبحث بذكاء عن ما يفيد بلادنا التي يتقدم العالم بينما تتراجع وتتاخر في كل ، نعم الشعارات لن توفر الخبز والوقود ولن تزيح ما يجثم علي صدر شعبنا من ضغوط اقتصادية وفقر وتخلف.ولكن يبقي السؤال الي اي مدي يمكن ان تسهم العلاقات مع اسرائيل في اعانة بلادنا علي تجاوز محطات الجوع والحصار والازمات ، هنالك كثير من الدول تتمتع بعلاقات متميزة مع تل ابيب لكنها تواجه واقعا اسوأ مما يعيشه السودان، لقد سئمنا بالفعل ان نعطي بلا مقابل لذا فانه من الواضح ان السودانيين في الشارع العادي تجاوزوا مرحلة الشعارات العاطفية وبداوا يشكلون مواقفهم من منطلق المصالح، لذا فمن المهم ان نبحث عن ما يحقق مصالحنا دون التعارض مع عدالة القضية الفلسطينية.
محمد عبدالقادر
صحيفة اليوم التالي