أفريقيا ترتدي طواقي (الحاخامات)
الطريقة التي اصطف بها زعماء أفريقيا جلوساً بالقرب من رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو في دولة يوغندا لها معانٍ ودلالات لا تخطئها العين، خاصة وأن سلفاكير رئيس دولة جنوب السودان جلس يميناً ويوري موسيفيني رئيس يوغندا شمالاً.
جاء التفسير الوحيد لذلك الموقف بأن التركيز الإسرائيلي خلال المرحلة المقبلة سيكون على دولتي يوغندا وجنوب السودان ،نظراً للدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه تلك الدول لتنفيذ أجندة إسرائيل في المنطقة الأفريقية.
حيث دعمت إسرائيل مؤخراً حكومة الرئيس سلفاكير أثناء الاضطرابات الأخيرة. كما أن موسيفيني يُعدُّ المحرك الأساسي لدولة الجنوب، وحينما رفض سلفاكير القوات الأممية في دولة الجنوب يأتي تنفيذاً لتوجيهات موسيفيني، بإعتبار أن القوات الأممية تتسم بالحياد، وهذا ما لم يقبلهُ موسيفيني مطالباً في ذات الوقت بالقوات الأفريقية التي تنتفي فيها صفة الحيادية، لأنها تنبع من دول غير محايدة في الأساس. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي قد زار مطلع يوليو الماضي عدداً من الدول الأفريقية، على رأسها يوغندا وإثيوبيا ورواندا وكيني.” الرئيس الإسرائيلي نتنياهو قدَّم دعماً يقدر بـ 13 مليار دولار للقارة الأفريقية لصالح خمس دول أفريقية زارها، بجانب دولة جنوب السودان والتي تشكل أساساً لمجرى النيل من ضمن دول حوض النيل البالغة 10 دول منها السودان ومصر، إلى جانب رواندا وكونغو وتنزانيا وبورندي وجنوب السودان، وإريتريا بصفة مراقب. حيث وصفت الأجهزة الرسمية الإسرائيلية الزيارة بأنها الأولى من نوعها في القرن الحادي والعشرين للقارة الأفريقية حيث تحقق مكاسب عديدة وخطوة لإحياء التمدد الإسرائيلي الموجود أصلاً في أفريقيا وقد قدَّم الرئيس الإسرائيلي نتنياهو دعماً يقدر بـ 13 مليار دولار للقارة الأفريقية لصالح خمس دول أفريقية زارها، بجانب دولة جنوب السودان وتعاني تلك البلدان من التنمية البشرية والقدرات لتوظف تلك المبالغ في هذا الاتجاه.
ومن المؤكد أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتيناهو سعى إلى بناء علاقات مع الدول التي تسيطر على منابع النيل.
وترى الأجهزة أنه وبالرغم من زعم المحللين العرب بأن إسرائيل تسعى وراء مياه النيل، إلا أنها تشير إلى ضعف ذلك الزعم. حيث تسعى إسرائيل إلى إمساك مصر من شريانها الأساسي لما لها من تأثير على ملف الصراع العربي الإسرائيلي عبر سعيها إلى بناء حلف أفريقي قوي. حتى ترسل إشارة إلى مصر بأنه في حال سعيها لحسم أي ملف في ما يتعلق بالمياه بدول المنبع فإسرائيل مستعدة على أن يكون ذلك مشروطاً بملف التعاون العربي الإسرائيلي لما لمصر من دور كبير على الملفات العربية الإسرائيلية. ووفق المعطيات العملية، فإن مصر تُعدُّ الدولة الوحيدة في أفريقيا التي تمتلك مخزوناً استراتيجياً للمياه الجوفية في أفريقيا. وترى هذه الأجهزة أنه حال دخول تقنيات حديثه، فإنها ستبصح الأولى التي تحوز على مياه جوفية.
وتُربطُ تِلكَ الـمُعطيات بتراجُع شركات النفط عن إقامة خطوط أنابيب لنقل النفط من دولة جنوب السودان لعلمها التام أنه وبعد سنوات سيكون السودان الدولة الوحيدة التي تحوز على نفط الجنوب وترى أن معيار الانحدار هو الغالب في ذلك إذا استحدثت التقنيات المستخدمة ولكن دخول الصين بقوة في أفريقيا وتراجع أميركا الملحوظ في أفريقيا بصورة عامة والشعور الأفريقي بسعي الإدارة الأميركية إلى التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأفريقية جعل من إسرائيل أن تعلب الدور الأميركي في القارة الأفريقية .
والبحث أيضاً في سوق يمكن أن يكون رائجاً لها عقب الشعور الأفريقي المتنامي بأن إسرائيل مفتاح الانطلاقة نحو العالمية. خاصة أن قارة آسيا ليست سوقاً رائجة للسلع الإسرائيلية نتيجة للمنافسة من كبريات الشركات الآسيوية وغيرها.
لذا تسعى إسرائيل إلى إيجاد سوق بديلة لها في أفريقيا لتصدير منتجاتها إليها.
خاصة وأن أفريقيا قارة صاعدة تم تصنيف سبع دول فيها من بين أعلى عشر دول في العالم من حيث معدلات النمو وهناك نمو اقتصادي بحاجة ماسة إلى استثمارات وتمويل إضافي في ظل الأزمات الاقتصادية التي يمر بها العالم.
كما يتطلع الأفارقة إلى الدخول إلى أسواق المال العالمية عبر بوابة إسرائيل فإسرائيل تعتقد أن ثروة أفريقيا هي جزء من الذراع الأميركية بدليل أن ترامب المرشح لرئاسة الولايات المتحدة الاميركية، قال إن إسرائيل هي حليف لأميركا في الشرق الأوسط.
ولذا تتصرف من هذا المنطلق بطريقة مكشوفة مع العرب بحكم عداء العرب لإسرائيل عكس أميركا. ويجزم كثير بوجود شراكة حقيقة بين إسرائيل وإثيوبيا في مجالات متعددة منها المياه والري والتعاون في مجال الفضاء وتوطيد العلاقة في المجالات التكنولوجية والأكاديمية.”
دولة كينيا من أوائل الدول الأفريقية التي استفادت من إسرائيل عبر الاستفادة من برنامج تدريبي لموظفي البنوك بمساعدة معهد الإدارة الدولية الإسرائيلي ويبلغ رأس المال الإسرائيلي المستثمر في إثيوبيا نحو مليار و57 مليون دولار أميركي في281 مشروعاً 11 منها تحت التنفيذ وفقاً لما جاءت به الأجهزة الرسمية في إسرائيل،فأفريقيا بها ما يزيد عن الطبقة السطحية من أرضها حتى اليوم.
ومع ذلك، فإنها تنتج ما يقرب من 98% من إنتاج العالم من الماس و55% من ذهبه و22% من نحاسه مع كميات ضخمة من معادن جوهرية كالمنجنيز والكروم واليورانيوم.
كما تنتج أفريقيا نحو ثلثي كاكاو العالم وثلاثة أخماس زيت النخيل وتضم أرضها احتياطيات لا نهاية لها من القوة المائية.
حيث ترى دولة كينيا من أوائل الدول الأفريقية التي استفادت من إسرائيل عبر الاستفادة من برنامج تدريبي لموظفي البنوك بمساعدة معهد الإدارة الدولية الإسرائيلي. بجانب توفير خدمات تحليل متعمق ساعدت البنك المركزي الكيني على صياغة سياسات أفضل للمعاشات التقاعدية والتدريب وإدارة الموارد البشرية.
وقدمت إسرائيل لسكان القرى الريفية في إثيوبيا وتنزانيا وملاوي ويوغندا وجنوب أفريقيا نموذجاً باستخدام خلايا الطاقة الشمسية في شحن الهواتف ،مما ساعد على تحسين حياة الناس في الدول النامية الأفريقية.
وتعاقدت شركة (نتافيم) الإسرائيلية مع شركة إنتاج السكر الحكومية في إثيوبيا في مارس المنصرم من العام الحالي لتنفيذ مشروع ري وزراعة قصب السكر بتكلفة 200 مليون دولار في مساحة 70 ألف متر.
ومن المقرر أن تتولي شركة كهرباء إسرائيل إدارة كهرباء سد النهضة وإقامة محطات توليد الكهرباء الخاصة به. كما وقعت يوغندا هي الأخرى اتفاقاً مع إسرائيل في مارس من عام 2000م، أثناء زيارة وفد من وزارة الزراعة الإسرائيلية ينص على تنفيذ مشاريع ري في عشر مقاطعات يوغندية، في وقت سعت فيه إسرائيل إلى تنقية مياه بحيرة فكتوريا بالتعاون مع كينيا، حين اتفقت في أغسطس من العام 2012م على إطلاق مشروع لتنقية مياه بحيرة فكتوريا لتحسين حياة خمسة ملايين شخص، إضافة إلى توقيع وزير الخارجية الإسرائيليي السابق (أفيجدور ليبرمان) في سبتمبر من عام 2009م مع كينيا على اتفاقية لإدارة مصادر المياه والري.
وعندما وقعت حادثة انفجار في خط الغاز سبتمبر 2011م بكينيا، قدمت إسرائيل مساعدات بما في ذلك معدات التضميد والأدوية، وقد تم تنسيق حزمة المساعدات من خلال السفير الإسرائيلي في كينيا ووكالة مشاف الإسرائيلية.
وخلال معرض التكنولوجيا الزراعية الذي أُقيم بمدينة تل أبيب في العام 2012م اتفقت إسرائيل مع جنوب السودان على بدء مشروع إسرائيلي لاستغلال الأراضي الخصبة في جنوب السودان لإقامة قرية زراعية نموذجية.
كما ذهب فريق (إسرائيل أيد) إلى جنوب السودان في عام 2012 لتدشين برنامج تدريب للاختصاصيين الاجتماعيين المتخصص في ضحايا العنف الجنسي بالتعاون مع منظمات صهيونية غير حكومية منها منظمة (فريست) الإسرائيلية (وبلاسينج إسرائيل). وشارك في المشروع مستشارو منظمة (ثقة الأطفال) ضحايا الصراعات، وهي المنظمة التي توفر منزل آمن لأكثر من 400 طفل تعرضوا لاستغلال جنسي أو فتيات عرضة لمخاطر في الأحياء الفقيرة في جوبا عاصمة جنوب السودان .
وطلبت وزارة التربية والتعليم في كينيا مساعدة مشاف في تعزيز وتنفيذ برنامج التعليم من أجل التنمية المستدامة وتولى معهد التعليم من أجل التنمية المستدامة في أكاديمية دافيد يلين للتعليم في (القدس) إعداد المناهج الدراسية، بالإضافة إلى عقد جلسات تدريب للمعلمين في كينيا، وفي إسرائيل أيضاً، حيث وفرت كذلك مؤسسة (انيرجيا) العالمية لشركة (جيجاوات جلوبال كوبيراتيف) 23 مليون دولار قروض تمويل.
بالإضافة إلى منح نحو 710 آلاف دولار لإنشاء محطة للطاقة الشمسية بقدرة 8.5 ميجاوات في رواندا. والتي تُعدُّ أول محطة للطاقة الشمسية في شرق أفريقيا، حيث توفر 8% من احتياجات البلاد من الطاقة.
وفي ساحل العاج تعمل إسرائيل على إنجاز محطة للطاقة الحرارية باستخدام الغاز الطبيعي بكلفة 500 مليون دولار. وضعت إسرائيل استراتيجية وسياسة محددة إزاء حوض النيل، تهدف بشكل عام إلى تطويق مصر والسودان، عن طريق صلاتها مع دول حوض النيل. وأعلنت إنشاء ثلاثة سدود على مياه النيل لصالح (بنشام- الليبرد- ستيد) بدواعي توليد الكهرباء ناهيك عن قيام إسرائيل بنشاط في جنوب السودان، حيث أوقفت مشروع قناة (جونقلي) التي كانت ستوفر لمصر كمية إضافية قدرها خمسة مليارات متر مكعب من المياه .
والعمل على وضع استراتيجية سياسية تهدف إلى إعادة تشكيل منطقة البحيرات العظمي بما يخدم مصالحها في السيطرة على الموارد المائية، وإبقاء المنطقة كلها في صراعات طائفية مستمرة.
فشهدت منطقة البحيرات، منذ بداية عقد التسعينيات، صراعات مسلحه نجمت عنها مذابح بشعة راح ضحيتها آلاف الأرواح، في رواندا وبورندي.
ويشار إلى أن اعتماد دول المنبع على مياه النيل منخفض نسبة لاعتمادها على مياه الأمطار الغزيرة لسد احتياجاتها المائية رواندا تعتمد على مياه النيل بنسبة 15.4 % وبورندي 2.8 % وكينيا 6.6 % وتنزانيا 1.3 % ويوغندا 0.8 % والكنغو ذات النسبة، أما مصر تعتمد عليه بنسبة 97 % والمتابع لأطماع إسرائيل المائية، يتأكد أنها قامت بطرح قضية مياه النيل مرات في ندوات ومؤتمرات ودراسات متخصصة،ربطاً مع حاجاتها المائية المتزايدة، وطالبت بحصولها على 10% من مياه نهر النيل، أي نحو ثمانية مليارات متر مكعب سنوياً لحل مشكلة الطلب المتزايد على المياه بسبب زيادة السكان في فلسطين المحتلة، نتيجة الهجرة اليهودية وحاجات القطاع الزراعي.
ولهذا سعت المؤسسات الإسرائيلية المختلفة، منذ الستينيات من القرن المنصرم إلى التغلغل بشكل كبير في دول حوض النيل، وخصوصا يوغندا وتنزانيا وكينيا وإثيوبيا من خلال إرسال عشرات الخبراء في مجالاتٍ عديدة، مثل الزراعة والري والخبراء العسكريين وغيرهم لتلك الدول.
فقد استطاعت إسرائيل مع غيرها من الدول أن تلعب دوراً بارزاً في دول حوض النيل. وتغيير أفكار دول منابع النيل حول كيفية إدارة واستغلال مورد مياه النيل، لإقامة مشروعات تدر دخلاً قومياً لبلادهم،فضلاً عن إمكانية بيع المياه للدول التي تعاني من الفقر المائي.
. وهو ما دعا دول حوض النيل إلى إعادة التفكير في حصة دول المصب (مصر والسودان) من مياه النيل التي تأتي إليهم دون مقابل، على حد تفكيرهم.
الخرطوم: الهضيبي يس