رأي ومقالات

لقاء (حمدوك – غازي) .. أول عمل سياسي لرئيس الوزراء

لقاء رئيس الوزراء الدكتور “عبدالله حمدوك” برئيس الجبهة الوطنية للتغيير رئيس حركة (الإصلاح الآن) الدكتور “غازي صلاح الدين”، هو بلا شك أهم خطوة سياسية يخطوها “حمدوك” في الاتجاه الصحيح المفضي إلى حوار وطني حقيقي يتجاوز مربع الهياج والتشنج والضجيج الذي لا ينتج قمحاً ووعداً وجازولين .

عندما وصل “حمدوك” البلاد لأول مرة قبيل أدائه القسم رئيساً للحكومة الانتقالية صرَّح بمطار الخرطوم ما تناقلته الصحف ووسائل الإعلام المختلفة قائلاً :(سأكون رئيس وزراء كل السودانيين) ، فاحتفينا في (المجهر) بهذا القول ورفعناه (مين شيت) على واجهة الصفحة الأولى .

لكن أداء “حمدوك” السياسي خلال الشهور الماضية التي أعقبت تسلمه الأمانة، لم يكن متسقاً مع إعلانه الأول وتعهده الجهير بأن يكون رئيساً لحكومة كل السودانيين، فاستهلك وقته وطاقته في إصدار قرارات الفصل الجماعية للمئات من كبار وصغار موظفي الدولة ، بـ(شبهة) الولاء السياسي للنظام السابق، وفيهم الكثير من الكفاءات التي كانت وما تزال حكومة الانتقال في أمس الحاجة لها .
كان لابد للدكتور “حمدوك” أن يسمع رأياً آخر مغايراً لما يرى قادة تيار (التشنج) في قوى الحرية والتغيير، وهؤلاء أعجز مِن أن يقدموا للحكومة ما يفيدها، لا على الصعيد السياسي ولا على الصعيد التنفيذي.

لا بديل للحوار غير الحرب، ولا حصاد للإقصاء السياسي غير المزيد من التوترات السياسية والانهيارات الاقتصادية، وسقوط الحكم الانتقالي في كل الامتحانات.

كل ما يبذله الناقدون للقاء (حمدوك -غازي) من جهد وطني ، لا يزيد عن (بوست) على (فيس بوك) ، أو (تغريدة) على (تويتر) ، ولكن ليس في جعبتهم ما يقدمونه من فعل يساعد الحكومة الانتقالية ويقيل عثراتها .

الغريب أن يكتب أحد قادة (قحت) عبر وسائل التواصل الاجتماعي مُستوضِحاً رئيس الوزراء .. كيف تقابل “غازي صلاح الدين” ؟!
ولأن صاحب الاستيضاح كان مهاجراً خارج السودان قبل الثورة ، فإنه لا يعلم أو لا يريد أن يعلم مدفوعاً بغبينة عمياء ، أن “غازي” عارض (الإنقاذ) من داخلها، ثم من خارجها بعد فصله من المؤتمر الوطني عام 2013 ، أكثر مما فعل هو متقلباً في نعيم الغرب ، متمتعاً بعطاياه !

“غازي صلاح الدين” فصله الرئيس “البشير” وأيده المكتب القيادي لحزب المؤتمر الوطني، في قرار خاطئ ، سببه الأساسي رفض “غازي” تعديل الدستور لإعادة انتخاب “البشير” في انتخابات عام 2015 ، وليتهم سمعوا صوت “غازي” وفهموا رسالة الشارع الأولى في هبّة سبتمبر 2013 ، لكنهم لم يفهموا وكابروا وغالطوا الوقائع حتى بعد يناير 2019 !! بعد (6) سنوات من اعتراضات “غازي” الشهيرة من داخل البرلمان.

بالتأكيد.. لم يكن أحد في الشارع العام يعرف “إسماعيل التاج” في ذلك الوقت ، لكن الجميع في كل القوى والقواعد السياسية كان يعرف “غازي العتباني” ويحترم مواقفه الداعية للحوار مع القوى السياسية المعارضة، وفتح المجال لانتخابات حرة ونزيهة، مع عدم التجديد للرئيس “البشير”.
أحسنت يا دكتور “حمدوك” .. إلى الأمام .

الهندي عزالدين
المجهر