“الانتقام” لسليماني.. طهران تضرب وواشنطن تهون والعالم قلق
قصفت طهران قواتًا أمريكية في العراق، فجر الأربعاء، وسط احتفاء إيراني لافت وتهوين أمريكي، بالتزامن مع قلق دولي دفع إلى توقف رحلات الطيران إلى العاصمة بغداد، والمطالبة بضبط النفس.
وأعلن الحرس الثوري الإيراني، الأربعاء، استهداف قاعدتين عسكريتين تستضيفان قواتًا أمريكية في العراق، بعشرات الصواريخ الباليستية، ردًا على مقتل الجنرال قاسم سليماني، قائد “فيلق القدس”، في غارة أمريكية ببغداد، الجمعة الماضي.
وتحدثت وكالة “فارس” الإيرانية شبه الرسمية عن وقوع 80 قتيلا على الأقل، في الهجوم الذي قالت إنه ألحق أضرارًا كبيرة بقاعدة “عين الأسد” بمحافظة الأنبار، غربي العراق، وهو ما نفاه مسؤول أمريكي في تصريح لقناة “سي إن إن”.
ولاحقًا أعلن متحدث الحكومة الإيرانية، علي ربيعي، أن طهران لا تملك إحصاءات حول عدد القتلى والأضرار جراء الهجوم، و”لا تؤيد أية إحصائية”.
** احتفاء وتهديد إيراني
المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، قال الأربعاء، إنّ بلاده “وجهت صفعة على وجه الولايات المتحدة”، مشيرًا إلى أن العمل العسكري ضد واشنطن “ليس كافيا”.
وعلق الرئيس الإيراني حسن روحاني على القصف قائلًا “قطعوا يد سليماني، وانتقام ذلك سيكون عبر قطعنا لأقدامهم عن المنطقة”.
وأعلن وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، انتهاء رد طهران على اغتيال سليماني، وأن طهران استهدف القاعدة التي استغلتها واشنطن لشن هجوم على سليماني.
** تهوين أمريكي
على الجانب الأمريكي، قال الرئيس دونالد ترامب، عبر “تويتر”، إن بلاده تجري تقييمًا للخسائر والأضرار التي نجمت عن القصف الصاروخي الإيراني لقاعدة “عين الأسد”، ولقاعدة أخرى في أربيل (شمال).
وكتب ترامب: “كل شيء على ما يرام! صواريخ أطلقت من إيران على قاعدتين عسكريتين في العراق. تقييم الخسائر والأضرار التي تحدث الآن حتى الآن جيدة جدا!”.
ونقلت شبكة “سي إن إن” عن مسؤول أمريكي (لم يفصح عن اسمه) قوله: “لم يقتل أي أمريكي جراء الهجمات الصاروخية، والتحقيقات متواصلة”.
وفي السياق ذاته قال مسؤول أمريكي آخر للشبكة إن القوات الأمريكية تلقت تحذيرًا قبل الهجمات، والجنود دخلوا الملاجئ قبل وقوعها.
**تهديد إسرائيلي
بدوره قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الأربعاء، إن بلاه ستوجه “ضربة ساحقة”، في حال أقدمت إيران على ضرب أهداف إسرائيلية، ردًا على مقتل سليماني.
وأضاف نتنياهو، في مؤتمر صحفي برفقة السفير الأمريكي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان، قائلًا “كل من يحاول مهاجمتنا، سيعاني أكثر من ضربة ساحقة”.
وتابع: “سليماني كان مسؤولا عن قتل أبرياء، لقد مس استقرار العديد من الدول، ونشر الخوف والمعاناة في المنطقة وخطط لأمور أسوأ بكثير”.
وجدد تهنئته لترامب على قرار قتل سليماني، معتبرا أنه “ليس لواشنطن صديق أفضل من إسرائيل، وليس لإسرائيل صديق أفضل من اواشنطن”.
فيما قال فريدمان إن التقييمات الأولية للهجوم الإيراني في العراق “إيجابية.. جيشنا هو الأقوى في العالم وقضيتنا عادلة”.
**دعوات لضبط النفس
من جانبها دعت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فان دير لين، إلى وقف فوري للتصعيد المسلح بالشرق الأوسط، والعمل على حل المشاكل العالقة بالحوار.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي مشترك مع الممثل الأعلى للشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، عقب اجتماع للمفوضية في بروكسل، الأربعاء.
وقالت فان دير لين إن “تأثير التوتر الحاصل بالشرق الأوسط لا ينعكس على المنطقة فحسب، بل على العالم بأسره”، وإن الاتحاد الأوروبي سيساهم بتخفيض التوتر”.
فيما قال بوريل إن “التصعيد بالشرق الأوسط لن يعود بالنفع لأية جهة”، موضحًا أن وزراء خارجية دول الاتحاد سيعقدون اجتماعا طارئا، الجمعة المقبل، لبحث المستجدات.
الصين بدورها دعت واشنطن وطهران إلى مواصلة ضبط النفس، محذرة من أن سوء الأوضاع بالشرق الأوسط ليس في مصلحة أحد.
جاء ذلك على لسان المتحدث باسم الخارجية الصينية، كنغ شوانغ، الذي ذكر أن بكين تؤكد منذ البداية ضرورة حل الأطراف للخلافات القائمة بينها عبر الحوار والاحترام المتبادل والمباحثات.
** إدانات وقلق دولي
أدانت الخارجية البريطانية الهجوم الإيراني، وأعربت عن قلقها حيال سقوط مصابين في الهجوم (دون تحديد).
وحث وزير الخارجية البريطاني، دومينيك راب، في بيان، طهران على عدم تكرار مثل هذه الهجمات “الخطيرة والمتهورة”، داعيًا إلى عدم التصعيد.
أما وزيرة الدفاع الألمانية، أنيغريت كرامب كارينباور، فقالت في تصريحات إعلامية، إن برلين تدين بشدة الهجمات الإيرانية، مؤكدة ضرورة القيام بكل ما من شأنه تهدئة الوضع.
وشددت على “وجوب السعي لوقف اتساع هذه الدوامة”، لافتة إلى أن برلين ستستغل في سبيل ذلك جميع قنوات الاتصال المتاحة لها.
وزير الخارجية الإيطالي، لويجي دي مايو، قال في السياق ذاته إن “نكرر مناشدتنا القوية لجميع الجهات الفاعلة لممارسة ضبط النفس والامتناع عن المزيد من الاستفزاز المتبادل”.
وأضاف: “بدلًا من ذلك، يجب تكثيف الجهود السياسية والدبلوماسية لتطبيع الوضع واستعادة الأمن بالمنطقة”.
أمين عام لحلف شمال الاطلسي(ناتو)، ينس ستولتنبر، قال هو الآخر عبر “تويتر”: “أدين الهجمات الصاروخية الإيرانية على الولايات المتحدة وقوات التحالف في العراق”.
وأردف: “الناتو يدعو إيران إلى الامتناع عن المزيد من العنف. ويواصل الحلفاء التشاور مع التزامهم بمهمتهم التدريبية في العراق”.
وقرر رئيس الوزراء الياباني، شينزو آبي، إلغاء زيارة إلى السعودية والإمارات وسلطنة عمان، كان من المقرر أن تبدأ السبت المقبل؛ لمحاولة بذل جهود بشأن استقرار المنطقة.
وقالت الخارجية الفلبينية، في بيان الأربعاء، إنه “يجب على المواطنين الفلبينيين مغادرة العراق بسبب المخاطر الأمنية المتصاعدة”.
وأعلنت أن الحكومة أرسلت سفينة إلى الشرق الأوسط لإخراج مواطنيها من هناك.
وقالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان، إن “مصر تتابع بقلق بالغ التطورات الراهنة بالعراق ومنطقة الخليج والتصعيد الحالي في استخدام القوة العسكرية”.
ودعت “كافة الأطراف إلى الامتناع عن الانزلاق إلى دوائر العنف المتبادل، وتقدير العواقب الوخيمة التي تترتب على ذلك من زعزعة أمن واستقرار المنطقة”.
**إجراءات احترازية
وفي سياق الإجراءات الاحترازية، أعلنت شركات طيران تجارية ومدنية تغيير مسار رحلاتها عبر الشرق الأوسط؛ لـ”تجنب أي خطر محتمل”.
وقالت شركة الطيران الأسترالية والخطوط الجوية الماليزية والسنغافورية والفرنسية والألمانية، إضافة إلى إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية، إن “طائراتها ستتجنب المجالين الجويين الإيراني والعراقي”، وفق وكالة أسوشيتيد برس.
وهذه القيود تعد احترازية لمنع الخلط بين الطائرات المدنية وتلك التي تشارك في نزاع مسلح، بحسب الوكالة.
ونصحت المديرية العامة للطيران المدني الهندي شركات النقل الهندية بتجنب المجال الجوي الإيراني والعراقي والخليجي.
وتبحث شركتان على الأقل من الخطوط الجوية الكازاخستانية – إير أستانا وSCAT – إعادة توجيه أو إلغاء رحلاتهما فوق إيران، بعد تحطم طائرة أوكرانية، ما أودى بحياة 176 شخصًا.
** العراق: أُبلغنا بالضربة
في العراق، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال، عادل عبد المهدي، في بيان الأربعاء: “بعد منتصف الليل بقليل من الأربعاء، تلقينا رسالة شفوية رسمية من الجمهورية الاسلامية في إيران، بأن ردها على اغتيال الشهيد قاسم سليماني قد بدأ أو سيبدأ بعد قليل”.
وأضاف أن الرسالة تضمنت أن “الضربة ستقتصر على أماكن تواجد الجيش الأمريكي في العراق دون أن تحدد مواقعها”
وتابع: “وفي نفس الوقت بالضبط، اتصل بنا الجانب الأمريكي، وكانت الصواريخ تتساقط على الجناح الخاص بقواته في قاعدتي عين الأسد في الأنبار وحرير في أربيل وفي مواقع أخرى”.
وأردف: “أنذرنا القيادات العسكرية العراقية لاتخاذ الاحتياطات اللازمة، ولم تردنا لحد اللحظة أية خسائر بشرية لدى الجانب العراقي، ولم تردنا رسميا الخسائر في جانب قوات التحالف (الدولي)”.
ودعا عبد المهدي الجميع إلى “ضبط النفس وتغليب لغة العقل والتقيد بالمواثيق الدولية واحترام الدولة العراقية وقرارات حكومتها، ومساعدتها على احتواء وتجاوز هذه الأزمة الخطيرة التي تهددها والمنطقة والعالم بحرب مدمرة شاملة”.
وأعلنت الخارجية العراقية أنها ستستدعي سفير إيران، لإبلاغه رفضها القصف الصاروخي، معتبرة أن هذه الضربات “خرق” للسيادة.
**الصعيد الاقتصادي العالمي
وتراجعت، الأربعاء، عقود الذهب الآجلة بنسبة 1 بالمئة في التعاملات المسائية، متأثرة بتصريحات لترمب استبعد فيها الرد عسكريًا على الهجمات الإيرانية.
وقال ترمب، في مؤتمر صحفي، إن الخيار العسكري للرد على الهجمات الإيرانية على قاعدتين أمريكيتين “مستبعد، العقوبات الاقتصادية ضد طهران ستكون الوسيلة المناسبة بالنسبة لنا”.
وتراجعت عقود الذهب الآجلة تسليم فبراير / شباط بنسبة 1.02 بالمئة أو 20 دولارا إلى 1560 دولارا للأونصة (الأوقية)، عند الساعة (17: 03 ت.غ).
وكانت عقود الذهب بلغت ذروتها في 7 سنوات خلال وقت سابق الأربعاء إلى 1611 دولارا للأوقية، مع تصاعد توترات الشرق الأوسط، وتحول المستثمرين إلى الصناديق المقومة بالمعدن الأصفر.
الأناضول