سياسية

حمدوك في واشنطن..هل يحدث اختراقا في ملف “الإرهاب”؟

قد يبدو منطقيا لأكثر المتفائلين بالحكومة الانتقالية في السودان، برئاسة عبدالله حمدوك، أن تحقق زيارته لواشنطن أختراقا كبيرا في إزالة اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، حتى ولو لم يرفع بشكل نهائي في الوقت الراهن.

إلا أن الأمل يراود الكثيرين في أن تخطو الولايات المتحدة خطوات إيجابية نحو تحسن العلاقات وفتح الطريق أمام رفع اسم السودان من القائمة الأمريكية السوداء قريبا.

فيما يرى أخرون أن فتح الطريق لرفع اسم السودان من قائمة الإرهاب قد يكون متاحا، على بإعتبار أن الحكومة الانتقالية فعليا بدأت خطوات إيجابية نحو تحسين صورتها لدى الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي.

وبمجرد وصوله لواشنطن،الأحد،علق عبدالله حمدوك قائلا “اتطلع أن تنعكس نتائج زيارتي لواشنطن إيجابا على بلادي”.

والسبت بدأ رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، ، زيارة رسمية إلى الولايات المتحدة تستغرق 6 أيام؛ لإجراء مباحثات رسمية مع المسؤولين في واشنطن.

ويسعى من خلال زيارته بحث عملية إزالة اسم السودان من القائمة الدول الراعية للإرهاب، وإبعاد شبح عقوبات دولية يخضع لها السودان منذ عام 2006، بسبب الحرب في إقليم دارفور غربي البلاد المستمرة منذ 2003.

ورفعت إدارة ترامب، في 6 أكتوبر/تشرين الأول 2017، عقوبات اقتصادية وحظرًا تجاريًا كان مفروضا على السودان منذ 1997.

لكن واشنطن أبقت اسم السودان على قائمة “الدول الراعية للإرهاب”، المدرج عليها منذ عام 1993، لاستضافته الزعيم الراحل لتنظيم القاعدة أسامة بن لادن.

التغيير أكبر الدوافع:

لعل من من إبرز الدوافع التي تجعل الحكومة الانتقالية والكثيرين يأملون في نجاح زيارة عبدالله حمدوك لواشنطن وحثه للإدارة الأمريكية على الإستجابة لمطالب السودان بإزالة اسمه من القائمة هو الإطاحة بنظام عمر البشير.

وهو النظام الذي حكم لثلاثين عاما والذي فرضت العقوبات في عهده ولازالت منذ 1993.

عزلت قيادة الجيش، في 11 أبريل/ نيسان الماضي، عمر البشير من الرئاسة، تحت وطأة احتجاجات شعبية منددة بتردي الأوضاع الاقتصادية.

وبدأ السودان، في 21 أغسطس/ آب الماضي، فترة انتقالية تستمر 39 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات، يتقاسم خلالها السلطة كل من المجلس العسكري وقوى التغيير، قائدة الاحتجاجات الشعبية.

يصف المحرر العام لصحيفة الحداثة “مستقلة”، يوسف حمد إن زيارة حمدوك لأمريكا ” بالواعدة “، وأنها كفيلة بتوضيح موقف الحكومة المدنية بالسودان وأهدافها، التي تتطابق مع الكثير من المطلوبات الأمريكية.

ويضيف قائلا في حديثه للأناضول” إن الحكومة المدنية الانتقالية هي تنادي بذات المطلوبات الامريكية لذلك الاختلاف بين الجانبين ليس كبيرا”.

لكن المتابعين للشأن السوداني، يرون أن قضية التغيير وقيام حكومة انتقالية ليس سببا كافيا لإقناع الإدارة الأمريكية التي يصفها المحللون السياسييون أنها “ذات مطالب المتجددة”، وهي سياسية انتهجتها مع حكومة المعزول عمر البشير دون حدوث تقدم ملموس في ملف الإرهاب.

مطلوبات قديمة متجددة:

أن تركيز حكومة حمدوك على تحقيق مطلوبات دولية ظلت حاضرة طوال السنوات الماضية تتمثل في تحقيق السلام في “دارفور” والنيل الأزرق وجنوب كردفان أولا ، وتعتبر السلام أولوية في الـ6 أشهر الأولى للفترة الانتقالية، حيث عقدت جولة أولى تفاوضية مع الحركات المسلحة.

وها هي تمضي نحو جولة تفاوض ثانية الأسبوع القادم بعاصمة جنوب السودان جوبا، وتؤكد أنها عازمة على تحقيق السلام الشامل والعادل،بحسب تصريحات أعضاء في مجلس السادة الانتقالي ومجلس الوزراء.

و هناك ملف تحسين حقوق الإنسان بالبلاد والحريات والحريات الدينية، وهو ملف مضت فيه الحكومة الانتقالية خطوات إيجابية بإعلانها إنضمامها لكافة الإتفاقيات الدولية حتى 2020، وشرعت في الغاء بعض القوانيين المثيرة للجدل كقانون النظام العام، كما اعلنت أنها مع الحريات الدينية والحريات العامة ودعمت ذلك بأن المواطنة هي أساس الحقوق والواجبات للسودانين.

وهذا الملف هو مطلب أمريكي لازم الحكومة السابقة كثيرا تحت داوعي تضيقها على الحريات الدينية للسودانيين.

يضاف إلى ذلك عدم ممانعة الحكومة الانتقالية بإيصال مساعدات إنسانية لمناطق النزاع في غرب وجنوب البلاد، وهو مالم يكن يحدث في السابق، حتى أن مسؤولين دوليين زاروا مناطق الحرب التي تسيطر عليها الحركات المسلحة في جنوب كردفان (جنوب) ودارفور (غرب) مؤخرا.

هذه المواضيع ” السلام، وحقوق الإنسان، وحرية الأديان والحريات العامة، وإيصال المساعدات الإنسانية”، هي مطلوبات أمريكية منذ العهد السابق، وأي أنجاز لحكومة حمدوك بشأنها فهو بالتأكيد يمهد الطريق فقط لرفع اسم السودان من قائمة الإرهاب بحسب المراقبين.

ويرى الكاتب والمحلل السياسي عبد الحميد عوض الكريم أن هذه الملفات هي جزء يسير من مطلوبات أمريكية قد تستدعيها الإدارة الأمريكية لدى لقائها بحمدوك، لكنها ستركز على ما يتعلق ” بالإرهاب” وخاصة التعاون الأمني بين البلدين.

ويتابع عوض الكريم في حديثه للأناضول: “يبرز ملف التعاون الأمني كأحد الملفات الأساسية في ظل تعاون النظام السابق فيما يلي وضع السودان ودوره في الاستقرار الإقليمي”.

ملفات أخرى حاضرة:

ووفق الخبراء هناك ملفات أخرى قد تجد الحكومة السودانية أنها تسرع برفع اسم السودان من قائمة الإرهاب اذا تعاملت فيها مع الإدارة الأمريكية بشكل أوسع.

وذلك ما جعل زيارة حمدوك مليئة بلقاءات مع مسؤولين في الإدارة الأمريكة لديهم علاقة بملفات تخص الإرهاب بدءا بمسؤولي وزارة الدفاع الأمريكية مرورا بالكونغرس والخزانة والخارجية، وجميع هذه الإدارات لها علاقة مباشرة بالإرهاب ووجود السودان في قائمته والعقوبات المفروضة عليه.

ويرى المحلل السياسي عوض الكريم أن لقاءات حمدوك تتطلب حديثا مباشرا عن الاسباب التي أدت إلى دمغ السودان بصفة الإرهاب، ودوره الإقليمي فيما يخص دول الجوار، وكذلك مساهمته في إستقرارها لا سيما جنوب السودان وليبيا وإفريقيا الوسطي وما يمكن أن يؤديه السودان من ادوار في إستقرار في هذه الدول.

ويرى بعض المحللين أن مصلحة أمريكا هي في دفع السودان لأداء أدوار أكبر في استقرار هذه الدول، وبالتاكيد أستقراره الذي لأن يتأتى إلا برفع اسمه من قائمة الإرهاب.

ويعتبر الصحفي السوداني يوسف حمد أن التعاون الامني بين الخرطوم وواشنطن ظل مستمرا في السنوات الأخيرة، وهو تعاون يتعلق بالجماعات الإسلامية وهو لن يختلف مع الحكومة الجديدة في الخرطوم باعتبار ان حكومة حمدوك أيضا هي ضد الإرهاب والجماعات الإسلامية المتشددة ما يجعل هدف الخرطوم وواشنطن واحد.

وأضاف قائلا ” التعاون الأمني قد يستمر بشكل أوضح بين البلدين دون أن يكون له تأثير على سيادة السودان لأن مكافحة الإرهاب هو هدف مشترك للبلدين.

كثيرا من الأسئلة ستطرح إلى حين إنتهاء زيارة رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك، وأيضا عقب نهايتها، وقد يستغرق الحديث عنها وقتا أطول، إلى أن تظهر نتائجها على أرض الواقع بالنسبة للسودانيين من مغادرة بلادهم لقائمة الإرهاب أو بقائهم فيها لفترة أخرى قد تطول أو تقصر.

تقرير : عا

تعليق واحد