عالمية

لماذا تبكي الكوريات في حضرة كيم؟

عشرات النساء بزيّ عسكري يُحطن بالزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون. يبتسم بعضهنّ، فيما تنتحب الغالبية وهنّ يُمسكن بالزعيم الشاب. يبدو المنظر غريباً؛ فلمَ البكاء في حضرة قائد البلاد؟ والأغرب من ذلك، لماذا توزع الوكالة الرسمية صوراً يبدو فيها كيم سعيداً بدموع مواطناته؟

في كثير من ثقافات العالم، تدلّ الدموع على حزن، أو فرح عارم، أو خشوع. وفي كوريا الشمالية، قد تحتمل الدموع كل هذه المعاني، وتُوظَّف على نطاق واسع لتمجيد الزعيم وتقديسه. وتحتل عائلة كيم الحاكمة في كوريا الشمالية منذ 1948، منزلة مقدّسة لدى الكوريين الشماليين، الذين يؤمنون بأن كيم جونغ إيل، والد الزعيم الحالي، وُلد في جبل بايكتو المقدّس في شبه الجزيرة الكورية، رغم نفي تقارير عدة هذه الفرضية وتأكيدها ولادته في الاتحاد السوفياتي.
وحافظت الأجيال الثلاثة من زعماء كوريا الشمالية على «قدسيتها»، عبر زيارات منتظمة لهذا الجبل. وأشارت تقارير كورية إلى أن كيم جونغ أون زار الجبل ثلاث مرات هذه السنة، حظيت آخرها بتغطية إعلامية دولية لما حملته من معانٍ.

ووزّعت الوكالة الرسمية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي صوراً لكيم وهو يمتطي صهوة حصان أبيض، وسط ثلوج «الجبل المقدّس». وعدّ مراقبون أن صعود كيم الجبل في هذه الفترة يدلّ على تمهيده لإعلان مهم، قد يتجسّد في تغيير بارز في السياسة الخارجية أو الداخلية.
وعزّز موت الزعيم المؤسس كيم إيل سونغ المكانة «المقدّسة» التي يحظى بها زعماء كوريا الشمالية. وجرت العادة أن يُعبّر المواطنون عن تقديسهم الزعيم باستعراض عاطفي مبالغ فيه؛ فتراهم يتنافسون في حدّة العويل خلال جنازة كيم جونغ إيل؛ نساءً ورجالاً وأطفالاً. كما تجدهم يبكون أمام الكاميرات للترحيب بزعيمهم الحالي لدى قيامه بزيارات رسمية، كتلك التي وُزّعت صورها صباح اليوم من مصنع نسائي تابع للجيش الكوري.
وتقول أستاذة الدراسات الكورية في جامعة هامبورغ، إيفون شولز زيندا، في تصريح إلى موقع «بيزنس إنسايدر» إن «تمجيد» حكام عائلة كيم «مبالغ فيه؛ إذ يُشبَّهون بالآلهة».

في حين شكّك بارك جونغ شول، المحلل بمعهد في سيول، في صدق دموع بعض الكوريين. وقال لصحيفة «نيويورك تايمز» معلقاً على مشاهد من جنازة كيم جونغ إيل، إن «الحزن في الجنازة كان حقيقياً في معظمه؛ إذ اختلطت الشكوك حول مستقبل البلاد بالخوف». وتابع أنه في المقابل «يبكي بعض الكوريين لأنهم يعتقدون أنه يتعين عليهم القيام بذلك، أو لأنهم يشعرون بأنهم يخضعون للمراقبة».

الشرق الأوسط