تفاصيل .. أحداث مؤسفة ببورتسودان
أحداثٌ مُؤسفةٌ عقب انتهاء اللقاء الجماهيري الحاشد بمدينة بورتسودان صباح أمس لرئيس الجبهة الشعبية المتحدة، نائب رئيس الجبهة الثورية الأمين داؤود، مُتحدياً فيه سُلطات البحر الأحمر التي طَلبت منه تأجيل اللقاء إلى حين استقرار الأوضاع الأمنية كما أفاد بذلك والي البحر الأحمر اللواء حافظ التاج المكي لـ(الصيحة) في اتصال هاتفي معه، حيث أكد الوالي أنّهم قد جلسوا مع الأمين داؤود والتوم هجو وقد تفهّما الأمر وقبلا بالتأجيل ولم يرفضا قيام اللقاء كما رَاجَ ذلك، وكانت اللجنة
المنظمة قد أعلنت قيام اللقاء في موعده.. وحيال تضارُب الأنباء قَامت (الصيحة) بالاتصال بالأمين داؤود، حيث أكّد أنّ اللقاء قائمٌ في موعده، وأنّهم سوف يُخاطبون أهلهم في بورتسودان ولن تستطيع أية جهة منعهم وقد كان ما أراد نائب رئيس الجبهة الثورية وأُقيم اللقاء الجماهيري في زمانه ومكانه المُحدّدين، وكانت مدينة بورتسودان منذ صباح أمس قد شهدت انتشاراً أمنياً كثيفاً لمُحاولة منع قيام هذا اللقاء، إلا أنّ الحُشُود الجماهيرية الكبيرة استطاعت أن تصل إلى مكان اللقاء دُون أن تتعرّض لها القوات الأمنية المُنتشرة في الطرقات، وبالرغم من أنّ كلمة نائب رئيس الجبهة الثورية الأمين داؤود جَاءت مُتّزنة حسب الكثيرين الذين استطلعتهم (الصيحة)، حيث أكّد في كلمته رفضهم لأيِّ دعاوى لانفصال شرق السودان، وأن منبرهم يمثل كل أبناء الشرق، وأنهم يحترمون كل كيانات البجا وقاطني الشرق، إلا أنّ التداعيات تَسارعت فور انتهاء اللقاء وتفرّق المُحتشدون وذلك بتحرُّك مجموعات من بعض مُكوِّنات الشرق الذين كانوا قد أعلنوا رفضهم التام لقيام هذا اللقاء، وأن الجبهة الشعبية المتحدة التي يرأسها الأمين داؤود لا تمثل الشرق، حيث اعتبروا قيام هذا اللقاء تحدياً واضحاً لهم، وأنهم السكان الأصليون لشرق السودان، حاولوا في بادئ الأمر منع اللقاء واقتحامه بالقوة، إلا أن السلطات الأمنية تصدّت لهم،ولكن سرعان ما انتشروا وأغلقوا بعض الطرقات وحدثت بعض المُواجهات راح ضحيتها اثنان، أحدهما توفي في الحال والآخر توفي بعد وصوله إلى المستشفى حسب إفادة مديرة الصحة د. زعفران الزاكي لـ(الصيحة)، وأُصيب سبعة آخرين حالة أحدهم حرجة جداً!
وفور تسارُع الأحداث، أعلنت حكومة الولاية فَرض حظر التّجوال في مدينة بورتسودان من الساعة الخامسة مساءً وحتى الساعة الخامسة صباحاً، مع انتشار كثيفٍ للجيش والشرطة وقُوّات الدعم السريع.
وقد استطلعت (الصيحة)، عدداً من قيادات القوى السياسية في البحر الأحمر، حيث قال د. مُختار حمزة، الأمين الأول لحزب المؤتمر الشعبي، إنّ هذا الصراع الذي يحدث الآن في الولاية هو بين مُكوِّنات قبلية بلافتة سياسية، ويرى مُختار أنّ هذا من أخطر أنواع الصراعات لأنّها تضرب النسيج الاجتماعي الذي إذا أصابه شَئٌ يحتاج إلى سنواتٍ طويلةٍ لإصلاحه، ونحن في الشعبي ننظر إلى حل القضايا والصراعات بالحوار بعيداً عن العُنف، لذا مفروض على مُكوِّنات البحر الأحمر المُختلفة التسارُع لحل هذا الإشكال، وينبغي أن تظل العلاقة بين القبائل مَصُونَةً من الصراعات السياسية.
أما رئيس حزب التواصل القومي حامد محمد علي أبدى تأسّف حزبه على هذه الأحداث، وقال إنّ هذا الصراع هو تَراكُم لاحتقاناتٍ سابقةٍ، واتّهم الجانب الحكومي بالمُشاركة فيها، ويرى حامد أنّ الحل يتمثل في عقد اجتماع للعقلاء وليس غيرهم.
مالك عمر السويفي قيادي بـ”قِوى الحُرية والتّغيير”، أشار إلى أنّ هذه الأحداث مُؤسفة وغير مُبرّرة، خاصّةً أنّ الدولة مُقبلةٌ على التغيير وهناك تحديات كبيرة، من بينها معاش الناس واستقرار الأوضاع في الولاية، وأرجع السويفي الخلل في أحداث بورتسودان إلى تأخير تعيين ولاة مدنيين، وقال إن هناك حالة من عدم التنسيق بين سلطات الولايات ومجلس الوزراء، وأشار السويفي إلى أن هذه الأحداث وما سبقتها يثبت ضرورة الإسراع في تعيين حُكّام الولايات المدنيين مع كامل التقديرات لمجهودات الوالي الحالي، ويرى مالك أن الحل يكمن في ضرورة التعايُش السلمي بين مُكوِّنات الولاية الاجتماعية.
أما الناشط السياسي والقيادي بـ”الحُرية والتّغيير” فقيري عبد الله فقيري قال لـ(الصيحة): ما حدث اليوم أمرٌ يُؤسف له ولا مُبرّر له ولا دوافع سوى الفتنة التي يعمل على تأجيجها الدعاة المارقون عن إجماع أهل البحر الأحمر، فأهل البحر الأحمر بكل ألوانهم وسحناتهم وإثنياتهم ظلوا وسيظلون مُتسامحين.. يتظلّلون تحت سقف وُحدة النسيج الاجتماعي، ويعملون من أجل البناء والإعمار لا التخريب والدمار، وإنّ حادث اليوم المأساوي يضع كل قِوى الثورة (قحت) أمام موقف تاريخي، ولا بُدّ من اتّخاذ موقفٍ واضحٍ عبر إجراء تحقيق قانوني كامل وشفّاف لمُحاسبة المُتورِّطين ودعاة الفتنة وإيقاف ما يجري..
فدماء أهلنا في الشرق ليست رخيصة، ومنطقة البحر الأحمر ليست الأرض التي يُمكن أن يتّخذها أعداء الوطن والثورة أرضاً لصراع الوكالات والمُخابرات والتجسُّس، ودعا فقيري إلى الإسراع في تعيين “والٍ مَدَني”، وعمل مسار خاص للتفاوُض لكل أهل الشرق خارج مسار الجبهة الثورية ومسار الكتلة التاريخيه، فقضية الشرق لها خُصُوصيتها.
إيهاب محمد نصر
صحيفة الصيحة