حكايات سد النهضة
وجودي الأسمر الطويل في بعض التفاصيل اليومية في قاهرة المعز لدين الله الفاطمي، صنع مني مشروعاً مناسباً لـ”ونسة” يومية مرهقة، كنت أضيق بها وسعاً، ثم صارت، بحكم التكرار، برنامجاً معاشاً أتقبله على سبيل الاعتياد.
# في المقاهي العامرة بالأنس الجميل في وسط البلد، وفي مركبات التاكسي التي تحتاج لما يبدد وحشة الزحام.. وفي عيادات الأطباء ومحطة المترو.. تجد من يناقش، بجد غير مصطنع، عن سد النهضة، مع لوم شديد للجانب السوداني، وهو نقاش لو أخذ مثله ملف قيام السد العالي في ذلك الزمان، لما تم تهجير أهالي حلفا القديمة من موطنهم الأصلي ونقلهم إلى قرى حلفا الجديدة.
# يحدثك المواطن المصري عن حرب “المية” المحتملة وكيف أن السودان الشقيق سيكون هو “بلد العبور” الذي سيمكن مصر من ضرب السد.. يعاد هذا الحديث على مسامعي مع تلك الأسئلة التي تؤكد يقين طارحها بأن السودان سينحاز لمصر.. لأن مصر والسودان حاجة واحدة، وكأن هؤلاء الزاعمين يتناسون أن علاقات الدول ينبغي أن تحكمها المصالح المشتركة، لا تلك العواطف التي ترددها جيوش: “مصر يا أخت بلادي يا شقيقة”.. و”مصر والسودان حاقة واحدة”.
# لم أستغرب لكل ذلك النقاش اليوماتي.. وما كان لي أن أستغرب، وأنا أرى أمامي ذلك الشعب الذي يرتاد المسارح.. يدخل السينما ويطارد حفلات مهرجان الموسيقى العربية.. ثم يصحو باكراً ليكتشف أن الدولار يتراجع يومياً في مواجهة الجنيه، وأن كيلو الطماطم بـ4 جنيهات.. كيلو التفاح بـ25 جنيهاً وكيلو اللحم الضأني بـ100 جنيه، ينام الشعب وفي مخيلته الكباري التي ستفتتح بعد أيام والأسفلت الجديد الذي سيعالج مشكلة الزحام.. ثم يصبح الصبح ويجد ذات الشعب تلك الأتوبيسات السياحية التي تعمل بالطاقة الكهربائية، فيها خدمة التكييف وبها خدمة الإنترنت وما عليه إلا أن يدفع 10 جنيهات.
# من حقهم أن يتحدثوا عن سد النهضة، وأضرار سد النهضة.. من حقهم أن يعيدوا أمامي هذه الأسطوانة “يا عم انتوا ح تغرقوا” و”يا باشا انتوا ليه واقفين مع إثيوبيا”.. من حقهم أن يشغلوا أنفسهم بما يقلق استقرار محيطهم ويهدد تطور دولتهم التي تقدمها صحف العالم في ملف سد النهضة، كدولة كبرى عليها أن تخشى على حصتها السنوية البالغة 55 مليار متر مكعب من مياه النيل، كما تعرف هذه الصحف دولة إثيوبيا بدولة النمو الاقتصادي المتسارع والمتصاعد، ثم تقدم، ذات الصحف، السودان وفي نفس التغطية وذات الحدث، كطرف ثالث فقط في اتفاقية مياه النيل.. إذ ليس فيه ما يغري العالم غير أن فائض حصته من المياه سيذهب مباشرة إلى شمال الوادي، يا قلبي لا تحزن.
# استحيت أن أقول لهم.. لرواد المقاهي، وسائقي التاكسي، والأطباء في العيادات، يشغلكم الذي لا يشغلني، لأن شعبي، يطارد الآن المركبات العامة ويقف طويلاً في طوابير الانتظار الطويل للمواصلات التي تنقله من منزله إلى عمله أو مدرسته.. لا إلى المقاهي والمسارح والحدائق العامة.. وأن الدولار الأمريكي تجاوز محطة 80 جنيهاً.. وأن الكهرباء هناك مازالت تقطع في إطار شيء اسمه البرمجة.. استحيت صراحة أن أقول لهم إن رطل اللبن بـ30 جنيهاً، وإن سعر كيلو اللحمة لم يعد في أمنيات الناس، بل قلت لهم، يا إخوتي، سنقف حيث تقف مصالحنا.. ولم أزد.
أيمن كبوش
اليوم التالي
مشينا القاهره عشره مرات و ركبنا المترو و التوبيسات و ذهبنا العيادات و لم يتحث احدا عن سد النهضه و لا غيرو…قوم لف..صورت الوضع كأن القاهره جنة الله في الارض و الخرطوم نار الله الموقده..انترنت و اسفلت و نسيت غرق القاهره في اول مطره و التلوث في الاطعمه و العشوائيات وتذلل المصري من اجل عشره جنيه بقشيش….خليك قاعد هناك على الاقل توفر لينا هنا مقعد في حافله و للا بص ي مرض