هكذا نقتل طموحهم
كثيراً ما نتحامل على الشباب متهمين إياهم بالتقاعس واللامبالاة والاستسلام للروتين اليومي القاتل الذي لا يكاد يخرج من رتابة العطالة.. ونكيل لهم الاتهامات بالسلبية وتدني الإحساس بالمسؤولية الذي يصل أحياناً درجة الاستهتار.
وقد تكون العديد من تلك الاتهامات صحيحة وتنطبق فعلياً على البعض، فنسبة مقدرة من الشباب لم تعد تهتم كثيراً بترقية مواهبها أو تحقيق طموحها، ولا تتمتع بالقدر الكافي المطلوب في هذه المرحلة العمرية الحرجة من الوعي والثقافة، كونهم ما عادوا يهتمون بالمطالعة أو القراءة ولا يصقلون إمكانياتهم بالتجربة أو اكتساب الخبرة.
فإذا كنت تشكو من تكدس شباب المنطقة أمام ( الدكان)، وتشعر أنهم شباب ضائعون يهدرون أعمارهم دون جدوى، فعليك أن تكون منصفاً بالقدر الكافي الذي يؤهلك للتفريق بين الغث والسمين. فبعيداً عن شباب (السستم) و(الجل) و(البنقو) يوجد شباب آخر (ذي الورد) له أحلام عريضة وتطلعات كبيرة وخطط مستقبلية واعدة، ولكنه يضطر أيضاً للجلوس على الطرقات دون جدوى!! فلماذا كتب عليهم هذا المصير؟ إننا ببساطة السبب في ذلك. لأننا لم نعنهم بتوفير البيئة الملائمة للتطوير والبذل والاجتهاد. ولم ندعمهم الدعم الكافي للاستفادة من طاقاتهم وأفكارهم وإمكانياتهم.
إن هذا الشباب المتكلس على (دكة) الحياة، يملك أكثر مما نتوقع من رؤى مستقبلية، ولكننا – حكومةً وشعباً- نعمد لتشوية هذه الرؤى! كيف لا وأصحاب القرار الذين أفردوا وزارة كاملة للشباب لم يكلفوا نفسهم سوى أن يربطوها بالرياضة، وكان هؤلاء الشباب مجرد أجساد فحسب (وهي الرياضة ذااااااتا وينا؟).. وأين المكتبات العامة والمشاريع الجماعية والتدريب؟ لا تحدثوني رجاءً – عن تلك الرواية الممجوجة التي تسمى مشاريع تشغيل الخريجين، فلا هي تسمن ولا تغني من جوع ولا ترضي جميع الفئات.. وأرجو ألا تقنع الحكومة نفسها بأنها تقوم بالمطلوب تجاه الشباب.
بعض الشباب لايألون جهداً في سبيل أن يكونوا ولكننا نضع العراقيل في طريقهم بدلاً من أن نزيلها.. ونتحامل عليهم ونحاصرهم ونقرظهم دون أن نتوقف قليلاً لنتساءل من أن يمكن لهم أن يبدأوا رحلة الكفاح إذا كانت بوصلة المسؤولين والمجتمع ضائعة؟! وهو ما يؤدي بهم للانحراف والعطالة وغيرها مما نشكو منه لطوب الأرض.
فلا تحسبوا كل شاب نائم أو مسجون أو حايم هو بالضرورة شاب سيئ، لأن هذا السوء أحياناً نتسبب فيه بأنفسنا، لأننا لم نمنحهم الفرص الكافية لخلق حياة كريمة تقيهم شر نوائب الدهر، وتجعلهم يؤدون الدور الشبابي المنوط بهم بكل تجرد وحماس، وإلا فإننا حتماً لا يمكن أن ننشئ جيلاً أبوياً ومستقبلياً صالحاً، لأن الصلاح درجة من الإيمان يمكن اكتسابها حالما توفرت عوامل الإصلاح، وبارح الشباب – طائعاً مبتسماً – (لساتك) الحلة بعد أن تخلص من الغبن والحنق والياس غير محمودي الأبعاد ومجهولي النتائج.
إن شبابنا العزيز ضائع.. ولكننا الذين أضعناه وأضعنا أنفسنا معه وما لم ننتشله من تلك البراثن، فعلى الدنيا والدين والوطن السلام.
تلويح: ارحموا شبابهم الغض المتفجر يرحمكم الله..
[/JUSTIFY]إندياح – صحيفة اليوم التالي