الدولار .. قصة خروج عن السيطرة
لم يمض يوم أو اثنان حتى تعاود أسعار الدولار في الأسواق الموازية رحلة الصعود المستمر، إذ بلغ حاجز الـ 80 جنيها حتى أمس الأربعاء، ما فتح الباب واسعاً عن ماهية الأسباب التي أدت للارتفاع على الرغم من الجولات الماكوكية لوزير المالية ورئيس مجلس الوزراء للخارج لإقالة عثرات الاقتصاد فهل خرج الدولار عن السيطرة؟
ويشهد السوق الموازي هذه الأيام تقلبات متكررة ما بين الصعود والهبوط لأسعار العملات الأجنبية ما أدى لحدوث حالة من الانفلات غير المسبوق وبلغ سعر الدولار في السوق الموازي أمس 80 جنيها، فيما وصل سعر اليورو إلى 88.50 جنيه. وطبقا لمتعاملين، فإن أسعار شراء الدرهم الإماراتي تصاعدت إلى 21.65 جنيهاً مقارنة بـ “21.4” خلال الأيام الماضية بينما بلغ سعر شراء الريال السعودي 20.5 جنيه.
إنعاش الاقتصاد
وزير المالية إبراهيم البدوي أعلن مؤخراً عقب عودته من اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين بواشنطن عن خطة لإنعاش الاقتصاد السوداني بعد التوافق مع المجتمع الدولي على خارطة طريق تبدأ ببرنامج لإعادة تأهيل الاقتصاد السوداني بتقديم دعم مالي دون دفع متأخرات وتمويل موازنة السودان للعام 2020م.
إلا أن تلك الخطوة لم تنعكس على خفض أسعار الدولار بالسوق الموازي طبقاً للمراقبين، مما يسهم في زيادة أسعار السلع الضرورية للمواطنين بشكل كبير.
وقلل متعاملون في السوق الموازي من انعكاس الخطوة على أسعار الدولار بالسوق، مشيرين إلى أنهم لا يهتمون كثيرا بالوعود. وقال أحد المتعاملين – فضل عدم ذكر اسمه – لـ(السوداني) إن السوق الموازي يتحكم فيما يتم تداوله من عملات أجنبية موجودة لا وعود قد تأتي أو تتأخر.
زيادة الطلب
وعزا الخبراء ارتفاع أسعار العملات الأجنبية إلى زيادة الطلب على النقد الأجنبي خاصة لأغراض الاستيراد إلى جانب المضاربات في الأسواق الموازية وضعف الإنتاج وغياب الدعم الخارجي وتوقف صادرات الثروة الحيوانية، مشيرين إلى أن المواطن تضرر كثيرا من تفاقم الأزمات الاقتصادية والتي يلعب فيها الدولار الدور الأكبر.
شح مستمر
ويرى الخبير المصرفي عثمان التوم في حديثه لـ(السوداني)، أن ارتفاع الدولار في الأسواق الموازية يعود إلى زيادة الطلب، خاصة أن هناك حالة شح مستمرة في النقد الأجنبي، وتابع: “الدولار يرتبط بعوامل العرض والطلب”، مشدداً على أهمية وضع إجراءات للتعامل مع مشكلة سعر الصرف، مشيرا إلى أن حل مشكلات البلاد يكمن في معالجة الأزمة الاقتصادية وإيقاف الحرب وتحقيق السلام والاستفادة من مدخرات وتحويلات المغتربين، لافتا إلى انعكاس عدم تحسن المؤشرات الاقتصادية في البلاد وضعف الصادرات على تصاعد أسعار العملات الأجنبية.
حصائل الصادر
ويقول الخبير المصرفي محمد عبد العزيز، إن تزايد حدة المضاربات في الأسواق الموازية انعكس على ارتفاع أسعار العملات الأجنبية، مشددا على أهمية زيادة الإنتاج وعودة حصائل الصادرات إلى جانب إنزال أقصى العقوبات بالمخالفين الذين يقومون بتهريب حصائل الصادرات، ولفت إلى انعكاس إيقاف صادرات الماشية إلى المملكة العربية السعودية على أسعار العملات الأجنبية وزيادة الطلب على العملة الأجنبية في ظل شح المعروض من النقد الأجنبي أثر كثيرا في رفع أسعار الدولار، مؤكدا على أهمية السيطرة على أسعار الدولار عبر الحلول الاقتصادية بزيادة المعروض من النقد الأجنبي خلال المرحلة المقبلة، لضمان عدم انفلات سعر الصرف بأكثر مما هو عليه حالياً.
تعهدات
ويذهب الخبير الاقتصادى عز الدين إبراهيم في حديثه لـ(السوداني) إلى أن تعهدات المجتمع الدولي لن تنعكس بشكل فوري على خفض أسعار العملات الأجنبية في الأسواق الموازية، لجهة أنها وعود ويتم تنفيذها بشكل مجدول مما يؤخر انعكاسها مباشرة على أسعار العملات، وتابع: “إلا أنه في حال تحققت ستسهم في تخفيف مشكلة شح النقد الأجنبي”، مؤكداً أن الارتفاع الحالي لأسعار العملات نتيجة لزيادة الطلب على العملات الأجنبية مقابل شح المعروض، مشدداً على أن السيطرة على الدولار تتم عبر زيادة المعروض وضبط الصرف الحكومي وزيادة الصادرات والاستفادة من كل مصادر النقد الأجنبي في تحويلات المغتربين وتنشيط قطاعات الاقتصاد المختلفة.
الخرطوم: الطيب علي
الخرطوم: (صحيفة السوداني)
أمريكا سقطت الطيزان لأنهم (ما معاها) وحتسقط الشيوعيين والبعثيين لأنهم (ضدها). إنتهى الدرس يا أغ بياء.