اقتصاد وأعمال

المعادن في السودان .. ثروات هائلة كيف نحسن استغلالها؟

كثير من الدول التي تقدمت في مجال الاقتصاد والتنمية، كان للصناعة دور بارز في ذلك التقدم والنمو، ومن أكبر ركائز الصناعة وأهمها الثروات المعدنية فبها تنشأ المصانع ومنها تنتج صناعات مختلفة ومكونات متعددة، والمتأمل في القارة الأفريقية يجد دولاً كثيرة ذاع صيتها وتطورت بنيتها عن طريق هذه الثروات، كجنوب أفريقيا وتنزانيا والمغرب. جل هذه الدول أو أغلبها لها ثروات معدنية معينة رغم ذلك كان لها الأثر في إنعاش اقتصادها.

ينعم السودان بثروات معدنية هائلة ومتعددة، ففيه خامات للحديد والنحاس والفضة والمايكا والتلك والمنجنيز والكروم الذي يتواجد معه البلاتين، وبه كذلك الرمال السوداء والذهب والرخام وغيرها من المعادن، ورغم هذا الكم الهائل من الثروات إلا أنه لا يكاد يوجد لها أثر في الاقتصاد ولا يلوح لها نبض في التنمية فلماذا هذا الغياب وما هي المشكلات وكيف يستفاد منها نقاط أحاول نشرها عبر هذا المقال.

تواجد المعادن في السودان

تتنوع طبوغرافيا السودان من أراضٍ صحراوية وتلال وجبال بركانية متفرقة إلى أودية، هذا التنوع في التضاريس أدى لتنوع في التواجد المعدني، تحتوي منطقة البحر الأحمر في شمال شرق السودان على النحاس والذهب وخام الحديد والفضة والزنك فضلاً عن الرمال السوداء والعقيق والجبس والملح والتلك. أما صحراء بيوضة التي تقع في شمال وسط السودان فإنها تحتوي على رواسب الفسلسبار والذهب والحديد وسيليكات الألمونيوم والمنغنيز والرخام والمايكا. يستضيف جبل مرة البركاني الواقع في غرب السودان رواسب من المعادن الأساسية والعقيق وسيليكات الألمنيوم والملح والكبريت.

تمتلك مناطق جبل أبيض وجبل وهيب الواقعة شمال وادي هوار أمكانية إنتاج معادن البوكسيت والكروميت والذهب والبلاتين. أما منطقة الأنقسنا الواقعة بولاية النيل الأزرق في جنوب شرق السودان فإنها تحتوي على الأسبستوس والكروميت والذهب والمغنسيوم والرخام والتلك، تستضيف جبال النوبة الواقعة في جنوب كردفان الخامات المعدنية المهمة مثل الكروم والنحاس والذهب والحديد والمنغنيز والنيكل والمعادن الصناعية مثل الجرافيت والرخام وصخور الفوسفات والتلك واليورانيوم كعدن للطاقة. منطقة حفرة النحاس التي تقع في ولاية جنوب جنوب دارفور في جنوب غرب السودان تحتوي على النحاس والذهب والأحجار الكريمة واليورانيوم.

هذا السرد لأهم المناطق في السودان الحاوية للمعادن يتبين أن السودان يزخر بكمية مهولة منها لكن بالمقابل الناظر لحال السودان من حيث إنتاج هذه المعادن والاستفادة منها يرى قصورا واضحا في توجيه الصناعة نحوها فكيف تتم العملية الصحيحة لاستغلالها؟ قبل الحديث عن كيفية الاستفادة من هذه المعادن لابد من الحديث عن بعض مهددات هذه الثروات والتي تواجه هذا القطاع بأكمله والتي تحتاج لأن تولى اهتماما.

مهددات الثروات المعدنية في السودان

ثمة مهددات تعيق حركة الإنتاج الأمثل للثروات المعدنية بالسودان، وتؤدي إلى فاقد كبير فيها، من هذه المعوقات.

– بيع المعادن على هيئة خام من دون معالجة وهذه للأسف منتشرة وفي معادن كثيرة كالكروم والتلك والمنجنيز ونحوها، والاستمرار في بيع الخامات دون معالجة يفقد البلاد الاستفادة من القيمة الحقيقية لتلك المعادن كما يؤدي لهدر كثير منها، إذ أن المعالجة تقوم على أسس يتابع من خلالها استخراج الخام بطرق تضمن الحصول عليه من الركاز والنفاية.

– التعدين العشوائي المنتشر في كافة البلاد لكثير من المعادن وخاصة الذهب حيث يؤثر هذا الشكل من التعدين على البيئة أولاً ثم يتبعه فاقد كبير من الخامات الحاوية للمعدن، لأن الطريقة التي يدار بها لا تهتم بالاستغلال الكامل للمعدن وإنما فقط يتوجه النظر لما يسد الحاجة اللحظية للمعدن والذي لا يستند لدراسات علمية في العمليات التي يقوم بها.
– الاستخدام الخاطئ لبعض الموارد ومن أمثلة ذلك، استخدام الرخام في صناعة الاسمنت، حيث يدخل بصورة اساسية في صناعته في السودان، وتكمن المشكلة في أن الرخام الموجود في السودان والذي يستهلك في صناعة الاسمنت من الأنواع ذات النقاء العالي والذي من المفترض أن يمنع استخدامه بهذه الصورة إذ أن درجة النقاء تسمح ببيعه كمواد للزينة وليس للاستهلاك في صناعة الاسمنت.

– القصور في الرقابة الفنية على الشركات العاملة في قطاع التعدين، فبعض تلك الشركات لا تهتم بجودة العمل الفني في عمليات الاستخراج والاستخلاص للمعادن فتضيع كثير من الموارد رغم أن هذه الشركات تدرج تحت المؤسسات المنتجة.

– غياب التخصصية في المجال فكثير من الشركات العاملة في المجال لا تهتم بجلب الخبرات في ذات المجال وإنما تكتفي بمن يحقق لها أرباحاً تراها مجدية بينما في الحقيقة أن ذلك يعد جزءاً يسيرا من تحقيق الإنتاجية المثلى.

– منافذ التهريب المتعددة والتي تُوجد فاقدا كبيرا في المنتجات المعدنية.

كيــــف نحقق الاستفادة القصوى؟؟

هذه بعض ملامح حلول ويمكن لأهل الاختصاص اضافة نقاط عليها، يمكن من خلالها التركيز على بعض جوانب القصور في الاستغلال الأمثل لخامات السودان المعدنية .

– تشجيع البحوث العلمية في الجامعات السودانية وتوجيه هذه الدراسات ودعمها وتوفير معامل لها لتغطي مناطق السودان وتشمل جميع الموارد لتكون هنالك مرجعيات موثوقة في التعرف على تلك الموارد ونشرها في المجلات العلمية العالمية .

– عمل دراسات بحثية مكثفة ودقيقة لكل معدن على حدة تشمل تواجد المعدن، الاحتياطي الفعلي له، التراكيب التي يتواجد فيها المعدن، ثم وضع خطط مدروسة لطرق استخلاصه ومعالجته، على أن تكون هذه الدراسات متاحة بالمكتبات البحثية والمواقع الإلكترونية الخاصة بالجامعات السودانية والمراكز البحثية والمؤسسات التي لها علاقة بالصناعات التعدينية ووزارة المعادن والطاقة، ليتثنى للمستثمرين الاطلاع عليها ومعرفتها قبل الدخول في شراكات تنهار أغلبها لضعف الدراسات البحثية.

– تشجيع الاستثمار وتوفير فرصه، خاصة في المعادن التي تصدر على هيئة خام ولا يتم معالجتها، والسعي في وضع خطط لتوفير مصانع لمعالجتها محلياً حتى تكون عوائدها الاقتصادية مجدية.

– أغلب توجه الدولة في الوقت الحالي هو منصب في استخراج الذهب في حين أن البلاد بها خامات معدنية أخرى قد ترفد الاقتصاد وتنعشه، فالبلاد غنية بخامات الحديد الذي يتواجد في أغلب مدن السودان فقط يحتاج الأمر إلى توفير مصانع وأفران لاستخلاصه محليا بدلاً من جلب حديد الصب من الخارج بتكاليف عالية.

– سن قوانين صارمة ولوائح واضحة تمنع تصدر المعادن وهي خام دون معالجتها خاصة الاستراتيجية منها وذلك للحفاظ عليها واستخراجها بالصورة الصحيحة وللحفاظ على البيئة وحمايتها من التدمير الذي تخلفه عمليات الاستخراج العشوائي

– السعي الجاد في وضع خطة لإنشاء مصانع لاستخلاص الحديد من خاماته والتي تغطي مساحات شاسعة من أرض السودان، فالسودان توجد به كميات كبيرة من خام الماغنتيت (Fe3O4 ) والهميتايت (Fe2O3) واللذان يمثلان الخامات الأساسية لمعدن الحديد.

الجزيرة نت

تعليق واحد