دوري النواعم .. كرة قدم نسائية لم يعتدها السودانيون!
كان عصر أمس الإثنين، 30 أيلول/سبتمبر 2019، داخل استاد الخرطوم استثنائيًا في أيام السودانيين وأيام المرأة السودانية على وجه الخصوص، حيث أطلق طاقم التحكيم النسائي صافرة أول بطولة سيدات لكرة القدم في العهد الجديد.
تداعى الجمهور من مناطق مختلفة بشغف، وأكثره من النساء، لمشاهدة لاعبات كرة القدم داخل المستطيل الأخضر وهن يقدمن مهاراتهن المخبوءة، بالصورة التي أثارت عاصفة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، ما بين مؤيد ورافض لما عرف بـ”دوري النواعم”.
أجواء حماسية
كانت الأجواء ماطرة على الحضور الجماهيري المتوسط من الجنسين. وقد حرصت وزيرة الشباب والرياضة، ولاء البوشي، على رعاية البطولة التي افتتحتها بنفسها.
وانطلقت الدوري بمباراة افتتاحية جمعت بين فريقي التحدي والدفاع. وشهدت تنافسًا كبيرًا، ومجاراةٍ بين الطرفين، في الملعب وعلى المدرجات، إذ تجاوب الجمهور مع آداء اللاعبات في اللقاء الذي انتهى بالتعادل 2-2.
كسر التابوهات
ظهور اللاعبات بملابس كرة القدم التقليدية، أي البنطال القصير، ودون ارتداء أغطية للرأس، أثار جدلًا في الشارع السوداني، انعكس على مواقع التواصل الاجتماعي.
استنكرت بعض الأصوات هذا الأمر، وطالبت بـ”الالتزام بالزي المحتشم” وبـ”غطاء كامل الجسد للمرأة”. ووصل الأمر إلى أن البعض طالب بمنع حضور الرجال مباريات النساء.
في المقابل، بدا حاضرًا بقوة الاحتفاء بالدورة كأول بطولة كرة قدم نسائية في السودان التي حكمها نظام الإسلام السياسي عقودًا. واعتبر كثيرون أن لهذه البطولة النسائية رمزية تحيل إلى عهد جديد للبلاد.
الحماس المؤيد والرافض لانطلاق بطولة كرة القدم النسائية في السودان، لم يكن هو الوحيد الذي ربما يهزم الفكرة. لكن حال الملاعب نفسها، التي تعاني في الإضاءة ومن سوء التنجيل، هو ما أزعج “ابتهاج حفظ الله” المدير الفني لفريق السلاطين.
ترى ابتهاج أن قرار اتحاد الكرة السوداني “موفق جدًا رغم أنه تأخر كثيرًا”، على حد تعبيرها، مشيرة في حديثها لـ”الترا صوت” إلى أن السودان “يملك مواهب على مستوى عال من الكفاءة، وسيكون له شأن عالمي في مباريات كرة القدم النسائية”، موصية اللاعبات بـ”الصبر والتحمل نظرة السلبية لدى البعض لممارسة الفتيات هذه الرياضة التي لم تعد حكرًا على الرجال”.
موقف رجال الدين
من جانبه، كتب الشيخ ماهر مهران، تدوينة على صفحته بفيسبوك، أفتى فيها بتحريم ممارسة النساء لكرة القدم في حضور الرجال، قائلًا: “ذلك يؤدي إلى انكشاف ما أمر الله تعالى بستره منهن”، زاعمًا أن اللُّعبة “تتنافى مع طبيعة المرأة”.
ربما لا يعلم كثيرون أن فريق كرة القدم النسائي، تأسس عام 2003، ومع ذلك لم تحظَ السودانيات بفرص حقيقية لخوض المنافسات الرياضية الأكثر شعبية في العالم، فبدا أن الاتحاد السوداني لكرة القدم، احتفظ بفريق نسائي تجنبًا لعقوبات محتملة من الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، لكن دون مشاركة حقيقية.
مناسبة تاريخية
من جهتها، وصفت وزيرة الشباب والرياضة السودانية، ولاء عصام البوشي، انطلاق البطولة النسائية لكرة القدم بـ”الحدث التاريخي في السودان”، مشيرةً إلى تحدي الفرق النسائية كل الصعاب في ظل ظروف وصفتها بـ”القمعية”.
ولم تنس البوشي الإشادة بالمرأة السودانية التي اقتحمت رغم كل شيء، عالم كرة القدم، وتميزت فيه داخل بلادها وخارجها، مثل المدربة سلمى الماجدي، أول مدربة كرة قدم للفرق الرجالية في أفريقيا والشرق والأوسط.
كيف بدأ الأمر؟
في حديث لـ”الترا صوت” أوضحت عضو اتحاد كرة القدم ورئيس اللجنة المنظمة لدوري السيدات، ميرفت حسين، تفاصيل بدايات المنافسة لـ”الترا صوت”، قائلة: “البداية كانت بدراسة واقع حال كرة القدم للسيدات مع مراعاة الثقافات المتعددة في السودان وخصوصية المجتمع”.
وتابعت: “وجدنا إمكانية الانطلاق من خلال الولايات التي يمكن أن تتقبل نشاط المرأة في كل الألعاب الرياضية الأخرى في المؤسسات الرسمية والجامعات”.
وقالت ميرفت حسين إن هنا 21 ناديًا مشاركًا في البطولة، تم تقسيمها إلى أربع مجموعات: الخرطوم والأبيض ومدني وكادقلي، على أن يتأهل فريقان من كل مجموعة، مختتمة حديثها بالإعراب عن تفاؤلها بأول بطولة كرة قدم نسائية في السودان.
عزمي عبد الرازق ـ العربي الجديد