نفط جنوب السودان… “نقمة” تشعل الحرب الأهلية
اشتكى جيمس أوكوك المحلل السياسي البارز في جنوب السودان، من واقع مساهمة نفط بلاده في تأجيج الصراعات الداخلية، قائلا إن عائداته تستخدم في شراء الأسلحة والإمدادات العسكرية لتمويل الحرب الأهلية. وعانى جنوب السودان مؤخرا من أزمات وصراعات داخلية، تحولت إلى اقتتال عسكري، بين قوات الرئيس سلفا كير والمجموعات المسلحة.
جيمس أوكوك، وهو أستاذ في جامعة جوبا، قال لوكالة “الأناضول”، إن الحكومة “تستخدم أموال النفط لشراء الأسلحة”. وأضاف: “إذا كنت تشتري أسلحة باستخدام أموال النفط، فإن النفط يسهم في الحرب.. إذا كان الوضع في البلاد يمر بحالة من السلام، فإن أموال النفط لا تكون لها علاقة بالصراع، ولكن الناس يتقاتلون في البلاد”.
وأشار إلى أنه “إذا كانت الحكومة تشتري الأسلحة والإمدادات العسكرية باستخدام عائدات النفط، فإن النفط ترك بصماته على الأزمة”. وتابع: “الحكومة تقوم بتجنيد أشخاص جدد، وتأتي المدفوعات من أموال النفط، وبالتالي فإن الإمدادات التي تقدمها (الحكومة) للجيش، تغذي الحرب وهذا يجعل النفط سببا في عدم الاستقرار”.
وأفاد موقع “ذا سنتري” وهو موقع يركز على الأموال القذرة المرتبطة بمجرمي الحرب الأفارقة والمستفيدين العالميين من الحروب، بأن “الإيرادات التي تأتي من النفط والموارد الطبيعية الأخرى تمول الحرب الأهلية في جنوب السودان”.
وأضاف الموقع أن وزارة النفط وفرت التمويلات اللازمة للغذاء والوقود والبث عبر الأقمار الصناعية، وأرسلت أموالاً للمليشيات المتهمة بمهاجمة المدنيين.
وقال جيه آر مايلي ، الذي يجري تحقيقات في هذا الشأن بالموقع: “لقد استخدمت الحكومة نفط البلاد لشراء الأسلحة، وتمويل المليشيات المقاتلة، واستئجار شركات مملوكة لسياسيين، لدعم العمليات العسكرية التي أسفرت عن فظائع وجرائم حرب مروعة”. ورفضت الحكومة الاتهامات باعتبارها تلفيقا يهدف إلى تشويه صورتها، على حد قولها.
أزمة النفط
إضافة إلى كونها أحدث دولة في العالم، فإن جنوب السودان هي أيضا الأكثر اعتمادا على
عائدات النفط تشكل أكثر من 98 بالمئة من ميزانية حكومة جنوب السودان، وفقا للبيانات الحكومية.
النفط، وتعد مجموعة “دار بتروليوم” من أهم الكيانات في البلاد.
وتضم “دار” كلا من شركة النفط الوطنية الصينية المملوكة للدولة وشركة بتروناس الماليزية الحكومية، وشركة سينوبك الصينية المملوكة للدولة وشركة سستو المصرية الخاصة، وشركة نايل بتروليوم المملوكة لحكومة جنوب السودان.
وبينما تم إغلاق أو تدمير معظم منصات النفط في البلاد، خلال الحرب الأهلية الطويلة، واصلت تلك المجموعة النفطية عملها.
ولا بد من الإشارة إلى أن عائدات النفط تشكل أكثر من 98 بالمئة من ميزانية حكومة جنوب السودان، وفقا للبيانات الحكومية.
ومنذ أن نجح المفاوضون من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والنرويج في إقناع قوات الرئيس سلفا كير والمجموعات المسلحة بإبرام اتفاق هدنة وتقاسم السلطة قبل 13 شهرا، تضاعف إنتاج النفط تقريبا إلى 200 ألف برميل يوميًا.
لكن ذلك لا يزال أقل بكثير من 350 ألف برميل كان يتم إنتاجها قبل الصراع بينهما.
ولا يزال الجانبان على خلاف حول الحدود الإقليمية والترتيبات الأمنية، وهناك احتمالات قائمة بأنهما سيلتقيان في 12 نوفمبر/تشرين الثاني كحد أقصى، لتشكيل حكومة وحدة، علما بأن هذا الموعد تأخر بالفعل ستة أشهر.
وانزلق جنوب السودان نحو حرب أهلية، أودت بحياة عشرات الآلاف وأجبرت 4 ملايين على النزوح عندما أقال كير، نائب الرئيس ريك مشار في ديسمبر/كانون الأول 2013 للاشتباه في تخطيطه لانقلاب.
وأبرم الزعيمان أخيراً، اتفاق سلام في 2018، لكن ما زال يتعين تنفيذه.
وتم استئناف إنتاج النفط من حقول “يونيتي” التي تشغلها شركة النفط الوطنية الصينية وبتروليام ناسيونال بي إتش دي الماليزية، وشركة “أويل آند ناتشيوار غاز” الهندية، بعد أن أوقفتها الحرب.
كما تمت زيادة الإنتاج من حقول بالوش النفطية، التي ظلت تعمل خلال الحرب، والتي تشغلها مجموعة من مؤلفة من شركات نفطية دولية.
ضعف الاقتصاد
وتستهدف الحكومة إنتاجا يوميا يصل إلى 250 ألف برميل يومياً بحلول نهاية العام المقبل،
متوسط معدل النمو السنوي للقطاع الزراعي بين عامي 2000 و 2008 بلغ 3.6 بالمئة فقط، مقارنة بـ 10.8 بالمئة في العقد السابق
و350 ألف برميل في نهاية المطاف من الحقول الموجودة في البلاد.
ويعد اقتصاد جنوب السودان واحدا من أضعف دول العالم؛ ولا يوجد في جنوب السودان سوى القليل من البنى التحتية ولديها أعلى معدلات لوفيات الأمهات ومعدلات أمية النساء في العالم.
جنوب السودان دولة غنية بالأراضي الزراعية، ولديها أحد أكبر تجمعات رعي الماشية في العالم.. ومع ذلك، منذ عام 1999، عندما بدأ السودان تصدير النفط، انخفض الإنتاج الزراعي في البلاد.
ووفقًا للبنك الدولي، فإن متوسط معدل النمو السنوي للقطاع الزراعي بين عامي 2000 و2008 بلغ 3.6 بالمئة فقط، مقارنة بـ 10.8 بالمئة في العقد السابق.
وأظهر مسح شامل للأراضي، أجرته وكالة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) عبر الأقمار الصناعية أن 4.5 بالمئة فقط من الأراضي المتاحة، تشهد أنشطة زراعية منذ أن أصبحت جنوب السودان دولة مستقلة.
وتعتمد دولة جنوب السودان على الواردات الغذائية من البلدان المجاورة، مثل أوغندا وكينيا والسودان؛ ويأتي ذلك بتكلفة نقل مرتفعة أدت إلى ارتفاع حاد في أسعار المواد الغذائية، بالإضافة إلى التضخم.
وساهم انخفاض الإنتاج الزراعي والاعتماد على الإمدادات الغذائية الأجنبية باهظة الثمن في حدوث نقص حاد في الأغذية بجنوب السودان.
الموارد الطبيعية الأخرى
هناك العديد من الرواسب الرخامية في منطقة كابويتا بجنوب شرق البلاد، أكبرها على بعد
”
على الرغم من أن جنوب السودان لديه كميات كبيرة من رواسب خام الحديد، إلا أن المعادن ما تزال غير مستغلة إلى حد كبير، بسبب الحرب الأهلية المستمرة ونقص البنية التحتية المناسبة
”
حوالي 4 كيلومترات، من بلدة تحمل الاسم نفسه.
وفي عام 1978، اكتشفت شركة أسمنت ألمانية حوالي 8 ملايين طن من الرخام في المنطقة.
ويوجد في جنوب السودان كمية قليلة من رواسب الألمنيوم، كما أن كمية احتياطيات الألومنيوم في البلاد غير معروفة ولكن الحكومة تقدر ذلك بنحو 10 ملايين طن.
وعلى الرغم من أن جنوب السودان لديه كميات كبيرة من رواسب خام الحديد، إلا أن المعادن ما تزال غير مستغلة إلى حد كبير، بسبب الحرب الأهلية المستمرة ونقص البنية التحتية المناسبة.
ويعد تعدين الذهب المصدر الرئيس للدخل للأشخاص الذين يعيشون في الجزء الشرقي من جنوب السودان، ولاسيما في كابويتا، حيث تمثل أنشطة التنقيب عن الذهب أسلوبا للحياة.
ومع ذلك، فإن البلاد تجني القليل من أنشطة التعدين تلك، حيث يتم تهريب معظم الذهب سريعا إلى خارج البلاد من خلال السوق السوداء.
وفي سبتمبر/أيلول 2018، وقع فرقاء جنوب السودان اتفاق السلام النهائي بالعاصمة الإثيوبية أديس آبابا، بحضور رؤساء دول الهيئة الحكومة للتنمية في شرق أفريقيا “إيغاد”.
ووقع وقتها على الاتفاق، كل من سلفاكير وزعيم المعارضة المسلحة ريك مشار، بالإضافة إلى ممثلي فصائل المعارضة الأخرى.
وتعاني جنوب السودان، التي انفصلت عن السودان عبر استفتاء شعبي عام 2011، من حرب أهلية منذ أواخر 2013، اتخذت بعدًا قبليًا، وخلفت نحو 10 آلاف قتيل، ومئات آلاف المشردين.
(وكالة الأناضول)