عالمية

قيس سعيد والإخشيدي والمتنبي.. حكاية الوعود والحظ

انتشرت المقارنات بين كافور الإخشيدي، حاكم مصر في عصر الدولة الإخشيدية، وقيس سعيد الذي فاز بمنصب الرئيس التونسي، بعدما قال في المناظرة التي جمعته وخصمه نبيل القروي، مساء الجمعة الماضية، إنه لا يقدم “وعود الإخشيدي للمتنبي”.

لكن هذه المرة لم تكن الأولى التي يتحدث فيها قيس سعيد عن “وعود الإخشيدي للمتنبي”، وكثيرا ما كان يكرر في تصريحاته أنه ليس “في حملة انتخابية لبيع أوهام والتزامات لن يحققها”.

وأثناء حملته، لم يعد سعيد، أستاذ القانون الدستوري، الشباب بإيجاد فرص عمل، ولا الفئات المهمشة بمكافحة الفقر، وتعهد فقط بتطبيق القانون، لكنه اشتهر في أوساط مؤيديه باسم “الإخشيدي”.

وقال سعيد: “أنا ملتزم بما أقول وأعد به، عكس وعود الأحزاب التقليدية التي لم يكن حظ الشعب التونسي منها إلا كحظ المتنبي من وعود كافور الإخشيدي”.

فما هي وعود الإخشيدي للمتنبي؟

تعود القصة التاريخية إلى مصدر رزق الشاعر أبو الطيب المتنبي، الذي أثرى الأدب العربي بقصائد رائعة، لكنه كان يعيش على عطايا الملوك الذين يمدحهم في قصائده.

وعاش المتنبي في بلاط حاكم حلب سيف الدولة الحمداني، ومدحه فتلقى منه العطايا، وعندما شعر المتنبي بتجاهل سيف الدولة له غادر حلب.
ذهب الشاعر أحمد بن الحسين (المتنبي) إلى كافور الإخشيدي حاكم مصر، وأقام عنده لأكثر من أربع سنوات، قضاها بين مديح للإخشيدي انتظارا لتحقيق وعده بتوليه ولاية من ولايات مصر، وبين مرض لازمه عاما كاملا، وحنين إلى سيف الدولة، حسبما نُشر في العدد 132 من مجلة الفيصل، الصادرة عن مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات.

وألمح المتنبي إلى رغبته بتولي ولاية من ولايات مصر، وجاوز في ذلك حد الإلحاح، تارة بالتصريح وتارة بالتلميح، كما يقول:

أرى لي بقربي منك عينا قريرة وإن كان قربا بالبعاد يشاب

وهل نافعي أن ترفع الحجب بيننا ودون الذي أملت فيك حجاب

وفي النفس حاجات وفيك فطانة سكوتي بيان عندها وخطاب

لكن كافور الإخشيدي “أصم أذنيه وأغمض عينيه”، حسبما جاء في مجلة الفيصل، وتجاهل طلب المتنبي، ولما سئل عن سبب تبديد وعده، قال قولته المشهورة:

“ليس بعجيب على من يدعي النبوة بعد محمد (صلى الله عليه وسلم) أن يدعي الملك بعد كافور، فكيف أوليه وهو ما هو؟”.

وتقول مجلة الفيصل إنه “كان معروفا لدى القوم بأن أبا الطيب كان في يوم ما قد ادعى النبوة”.

وعندما تبددت وعود كافور الإخشيدي، قرر المتنبي الرحيل، لكن كافور رفض وقيد حركته، فهرب المتنبي في ظلام ليلة عيد الأضحى سنة 350 هجريا، وارتفع صوته يهجوه، قائلا:

عيد بأي حال عدت يا عيد بما مضى أم لأمر فيه تجديد أما الأحبة فالبيداء دونهم فليت دونك بيد دونها بيد

وفي نفس القصيدة قال:

من علم الأسود المخصي مكرمة أقومه البيض أم أجداده الصيد

أم أذنه في يد النخاس دامية أم قدره وهو بالفلسين مردود

لا تشتر العبد إلا والعصا معه إن العبيد لأنجاس مناكيد

نامت نواطير مصر عن ثعالبها وقد بشمن وما تفنى العناقيد

سكاي نيوز