سياسية

التشكيل الوزاري

جاء التشكيل الوزاري للحكومة الانتقالية كما كان متوقعاً ومتداولاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي والجهات الإعلامية المختلفة خلال الأيام الماضية.
تشكيل مُرضٍ بنسبة كبيرة للشارع العام وكل من ينتقد وجود عباس مدني في التشكيل الوزاري عليه أن ينتقد أولاً وجود خمسة من عسكر وفد التفاوض في مجلس السيادة وهم المتهمون الأوائل بقتل الشهداء وسفك الدماء.

الوقت ليس للانتقاد وتصفية الحسابات لنبدأ صفحة جديدة في تاريخ السودان الجديد (البنحلم بيهو يوماتي) فقد شُكلت حكومة انتقالية من كفاءات وطنية بغض النظر عن الآراء الشخصية حول البعض، دعونا نتفاءل ونعمل وندعم الجميع فالهدف واحد والمصلحة وطنية في المقام الأول.
قرار تولي فيصل محمد صالح لوزارة الثقافة والإعلام اختيار صادف أهله فالرجل من القلائل الذين يتفق ويشهد لهم الجميع.
الأستاذ والمعلم فيصل من الاختيارات التي تحسب لحمدوك والذي وجد قبولاً وارتياحاً كبيراً لدى الأوساط الإعلامية كونه من أهل المهنة وأدرى بقوانينها وحرياتها بل وحتى تحدياتها القادمة.

كل التوفيق للأستاذ فيصل أعانه الله على ما هو قادم ففي حكومات التغيير والديمقراطية تبقى المناصب تكليفاً وليست تشريفاً.
أيضاً تولي ولاء البوشي لوزارة الشباب والرياضة من الاختيارات التي لاقت صدى كبيراً وآراء متباينة كونها أول سيدة تتولى هذا المنصب الذي يُعنى بالقضايا الرياضية والرجالية في المقام الأول خاصة ونحن من الشعوب المتأخرة التي لم تواكب العالم في الرياضات النسائية المختلفة.
ولكن إذا أردنا التغيير الحقيقي يجب أن نبدأ بتغيير المفاهيم الرجالية والنسائية أولاً فالكفاءة الوطنية هي من تخدم مصالح الشعوب وتطورها دون النظر إلى من سيتولى أمرها من الجنسين.
مُهمة شاقة تنتظر ولاء البوشي إذا تحدثنا فقط عن اللعبة الشعبية الأولى في العالم وهي المحك الحقيقي الذي ستواجهه ولاء في كيفية تطويرها وتحقيق نتائج ملموسة.
فكانت ولازالت كرة القدم في السودان تمر بأزمات عديدة أبرزها المشكلات الإدارية التي يعاني منها اتحاد الكرة وفرق الدوري الممتاز بصفة عامة، سوء الإدارة لدينا أثر على كل شيء ولم ينج منه أحد حتى الرياضة فيها من صراعات المناصب والعلاقات والوساطات ما فيها، فكتبت شهادة وفاتها ولحقت “أمات طه” حالها حال السياسة والثقافة والمجتمع والاقتصاد، فلا يَنبُت الزرع الطيب في غير موضعه، ولن تنهض أمة دون ركيزة أساسية وخطة إدارية واضحة تهدف إلى بناء وتطوير لتُكَون أساساً ثابتاً ومتيناً يساعد في عملية البناء.

غير ذلك يبقى الثناء على الذكريات والحديث عن التاريخ أمراً مملاً ومزعجاً جداً فلابد من مواكبة الأجيال واللحاق بقطار الحياة السريع والمتطور في كل شيء.
ونحن خير من نُجيد الحديث عن التاريخ فلا نملك غيره بل حتى لم نشاهده ولكن نحفظه جيداً من كثرة سماعه وتكراره.
فكما تعودنا هناك الكثير من الأشياء التي كانت لا تحدث إلا في السودان دوناً عن أي مكان آخر في كوكب الأرض، نتمنى أن لا تحدث مستقبلاً ومنها المفاجأة السنوية التي يباغتنا بها الخريف وتفاجئنا الأمطار بغزارة كما عودتنا حكومة الإنقاذ طيلة السنوات الماضية.
كذلك خروج الأندية السودانية والمنتخب الوطني من الأدوار الأولى والتمهيدية للبطولات العربية والأفريقية.
خروج متكرر وبأداء سيئ وحضور باهت، وتبقى الأحلام والأمنيات أن تُحقق أنديتنا ومنتخباتنا الوطنية نتائج إيجابية وبطولات قارية، ولكن فاقد الشيء لا يعطيه، فإن لم تتغير عقلية كرة القدم في السودان ابتداء من مسئوُليِها وإداريها ثم المدربين واللاعبين وحتى الجماهير، فالكل يحتاج إلى معرفة مفاهيم كرة القدم في شكلها الاحترافي الجديد.

ليست كرة القدم التي تمارس في السودان والتي تقوم على أساس السمسرة والمصالح الشخصية.
إعلاميو الفريقين الأكثر تطبيلاً عند الفوز والأكثر نفاقاً عند الهزيمة، فالإعلام الرياضي المقروء والمرئي يؤثر بنسبة كبيرة على لاعبي كرة القدم خاصة اللاعبين غير المحترفين وهم كُثر لدينا.
فالاحترافية في معناها ليست بالفريق الذي تلعب له أو بالسعر التسويقي للاعب ولكن بالعقلية التي تعرف بها كيفية التعامل مع ظروف المباريات والإعلام وضغط الجماهير وترجمة ذلك إلى نتائج مباشرة للفريق.
فالتعامل مع الإعلام بنوع من الاحترافية والوعي يجعلك أكثر حضوراً وثباتاً.

كل التوفيق لولاء البوشي فيما هو قادم فتحديات المرحلة مرتبطة ببعضها بعضاً، فالإعلام والرياضة والثقافة والفنون كلها تصب في إناء واحد يبقى تطورها ونجاحها شيء ملموس تُحصد به الجوائز وتحقّق الألقاب.
أخيراً مما يُلفت الأنظار هو الحضور اللافت والمهم جداً لرئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك عبر الأجهزة الإعلامية والقنوات الفضائية والذي جاء ليُنظف أبصارنا وأسماعنا مما كنا نراه ونسمعه مِن (خمج و ت وعجن) من قبل المسؤولين طيلة السنوات الماضية.
تفاؤل وثقة كبيرة يضعها الشعب السوداني في هذا الرجل، فهنيئاً لنا برئيس وزراء تصحبه الدعوات بالتوفيق وباختيارات مُوفقة إن شاء الله ستعمل بلا شك على حل كل القضايا المفصلية وتقدم كل ما فيه الخير للسودان والسودانيين.

اخبار اليوم