أبرز العناوينحوارات ولقاءات

البرهان: نشكر الشعب على صبره في أمور لا تحتملها الجبال

مرة أخرى يسعى رئيس المجلس العسكري الانتقالي الفريق أول عبد الفتاح البرهان لوضع نقاط الحقيقة على حروف الوقائع والأحداث، ليتزامن توقيت لقائه برؤساء التحرير وكبار الصحفيين مع أحداث مدينة الأبيض، فكانت الإجابات واضحة ومباشرة. البرهان استمع للجميع وأجاب بهدوء في لقاء جمعه بمدير الحوار رئيس تحرير صحيفة (السوداني) ضياء الدين بلال، ورئيس تحرير صحيفة (الانتباهة) النور أحمد النور، ورئيس تحرير صحيفة (الجريدة) أشرف عبد العزيز، ورئيس تحرير صحيفة (آخر لحظة)، فضلا عن مدير مكتب صحيفة الشرق الأوسط بالخرطوم أحمد يونس.

• لماذا هذا العدد الكبير من القتلى والمصابين؟
بداية نترحم على الشهداء الذين سقطوا في أحداث الأبيض ومن سبقهم ونترحم كل شهداء الشعب.. ونشكره على صبره على أمور لا تحتملها الجبال، كالمشاكل الاقتصادية والسياسية والغلاء الفاحش والندرة والأزمات في كل شيء ونلتمس له العذر فيما حدث ويحدث وأن يسعى أبناء الشعب السوداني بفترة انتقالية ترضي وتحقق ما يصبو إليه الجميع.
نحن نعيش أجواءً مشحونة بالمطبات التي يصبر عليها الشعب وخاصة الشباب ممن قادوا الحراك والثورة ويمنون أنفسهم أن يجدوا وضعا مختلفا، والخطوات في انتظار ما ستفضي إليه مقبل الأيام، ونتمنى مع الإخوة في الحرية والتغيير الوصول بأعجل ما يمكن إلى اتفاق سريع جدا يخرج البلد من أزماته الكثيرة.
• كلما يكون هناك تفاؤل تأتي أحداث لتعكر الأجواء.. فمتى تتوقف هذه الدماء؟
ما حدث في الأبيض وما قبلها أمور مؤسفة ولا أحد يرضى أن يموت أو يقتل أي شخص من الشعب، ولعل ذلك ما يقودنا للتوقيع بأعجل ما يمكن لإعادة الحياة إلى طبيعتها، فالتوتر الموجود سببه التأخير في التوقيع.
من جانبنا في المجلس العسكري ومنذ اليوم الأول أعلنا استعدادنا للوصول إلى اتفاق، وأصدرنا توجيهات إلى اللجنة السياسية بالتوقيع على أي اتفاق يحفظ للشعب وحدته وتماسكه وكرامته، لا تردد في أن نوقع بأعجل ما يمكن.
حاليا نحن ننتظر منذ فترة طويلة ورأينا ما حدث، وغياب قوى التغيير لـ 15 يوما في أديس أبابا، والآن مع كل أمر يستجد وتأخير يحدث، تزداد الأمور في التعقيد يوميا وتحدث المشاحنات.
اتفقنا في بداية التفاوض على أن نترك الأمر خلال الفترة الانتقالية إلى كفاءات وطنية بلا محاصصة سياسية، لكن هناك من يسعى للمحاصصة ولأن يكون له نصيب من الحكم في هذه الفترة.
حاليا نحن جاهزون ومرابطون في انتظار الطرف الآخر لبدء التفاوض، وأرى أن الإعلان السياسي الذي تم توقيعه هو أول وثيقة توافق عليها الجميع وشهد عليها الاتحاد الإفريقي والإيقاد وكل العالم، وأصبحت المرجعية الأساسية للوثيقة الدستورية.
وفي اعتقادي أذا أدمجنا الاتفاق السياسي ووضعناه في الوثيقة الدستورية (قطع شك) لن نكمل في التفاوض يوما، لأن معظم الأمور التي يحدث فيها خلاف موجودة في الاتفاق السياسي، ونتوقع أن يعضد الناس على الاتفاق السياسي ويعبروا بأعجل ما يمكن، فالشعب تحاصره الضوائق الاقتصادية والاحتقان السياسي، فضلا عن القوات المنتشرة في الشوارع التي لا يجد جنودها وضباطها وضباط صفها الكلمة الطيبة ولا الاحترام أو التقدير من قبل الكثير من القوى السياسية التي تتهمها باتهامات زائفة، ولا أحد يقدر تعبهم وسهرهم وتعرضهم للشمس ولهم شهور لم يروا أهلهم ليحموا الشعب والأرض، والملاحظ أن هناك عداء غير مسبوق لكل المكونات العسكرية وهذا أمر يقدح في حق العسكريين ولا تستحق هذه القوات أن تهان، وندعو الجميع ألا يستحقروها وألا يستخفوا بها.
• لكن هناك تجاوزات لهذه القوات ولا تجد العقاب المستحق، وحاليا الشعب ينظر للمجلس باستياء واسع بسبب تقرير لجنة فض الاعتصام، فضلا عن الأحاديث المتكررة حول الملثمين في الوقت الذي تكون فيه القوات مطالبة بحماية الشعب منهم؟
لجنة التحقيق المكونة من النائب لم نتدخل في تكوينها أو عملها، حتى عندما أصدر إعلانه لم يكن به علاقة لأنه جهاز مستقل، وكون لجنته واستخرج نتائجه، ولا حق لنا في التدخل، ولا يقدح ذلك في تكوين اللجنة المستقلة.. ويجب ألا نشكك في نزاهة الأجهزة العدلية السودانية ومصداقيتها لأنها مؤسسات عريقة، صحيح أن الكثير من مؤسسات الدولة أصابها ما أصابها لكن أجهزتنا العدلية يجب الحفاظ عليها ونمنحهم الثقة لأنهم أهل كفاءة وعدل.

• أعلنتم إحباط محاولة انقلابية ومن البيان فإن المحاولة قديمة والمجالس تتحدث عن أن هناك انقلابا قديما ولكن تم التراجع عنه وتم استدعاؤه لتصفية الإسلاميين كذريعة أو لمن لهم رأي في وضعية الدعم السريع فضلا عن تسريب الفيديوهات في وقت كانت فيه التحقيقات العسكرية سرية؟
المحاولة الانقلابية حقيقة، وتم التخطيط لها قبل فض الاعتصام، والبيان عدل بعد فض الاعتصام، ونحن تحصلنا على البيان المكتوب الذي يدلل على أن المحاولة ليست قديمة، فالتخطيط تم في نهاية مايو، وكل ذلك لا يمنع أن هناك محاولة انقلابية سواء تم التراجع أم لا، المحاولة كانت قائمة وأركانها مكتملة، لدينا أدلة وبيانات تقول إن المحاولة تم تأجيلها لمدة أسبوع ولعشرة أيام حتى منتصف يوليو لإنتاج المحاولة.. بلا شك كثير من الأسماء لم نفصح عنها ولكن قيادات نافذة ومؤثرة في تيار ما كانت لها علاقة بالمحاولة ونحن نسعى للنأي عن الانتماءات الحزبية لأن دخولها ينحرف بالولاءات.. وبالتالي تطهيرهم من القوات المسلحة لا يحتاج إلى ذريعة أو سبب في أي وقت (زيد أو عبيد) اكتشفنا أن لهم انتماءات لغير الجيش يتم إبعادهم عنها.
أما الأحاديث عن التنافس بين الجيش والدعم السريع، فلا تنافس بين الجيش والدعم السريع فكلاهما جسم واحد، والدعم السريع جزء من القوات المسلحة بموجب القانون وتأتمر بها وكل ما يثار من هذه الأمور المقصود به شل وحدة القوات المسلحة والدعم السريع، حتى تستطيع أي جهات ذات أغراض أو أطماع أو أجندة أن تنفذ من خلال هذه الفتنة.. نحن متحدون في كل المستويات، ونستغرب من هذه الأحاديث.. صحيح أن هناك بعض الملاسنات ولكنها أمور شخصية.
ما تم بثه من مقاطع ليس تحقيقا بل تداول لمعرفة الحقيقة من قائد المحاولة الانقلابية، في ظل وجود مجموعة كبيرة من القادة والضباط وسؤاله (لما وأنت ورئيس الأركان إذا كان لك رأي في الحالة السياسية كان يمكنك التحدث؟).
وما يزال الانقلابيون يصرون على أنه طالما الجيش يفاوض مدنيين فإن الانقلابات لن تقف ويرون أنه لا يجب أن تكون هناك شراكة معهم. وهذا طبعا لا يمثل رأي الجيش لأننا ارتضينا الانحياز للمدنيين والتفاوض معهم للعبور بالبلاد.
• هل هذا يعني أن الانقلاب لم يؤخذ من الأرشيف؟
لا أرشيفية للانقلاب وتم الإعلان عنه بعد أقل من 24 ساعة فور ضبطه.
• وهل تم تحديد ساعة الصفر؟
لا أحد يحدد ساعة الصفر في انقلاب عسكري بل يتحينون الموعد المناسب، بأن يكون رئيس المجلس أو نائبه خارج البلاد، واستعانوا ببعض الأحزاب السياسية وجزء منهم قد يكونون من ضمن الموقعين على إعلان الحرية والتغيير.
• غير الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني.. هل هناك أحزاب مشاركة؟
نعم.
• في التسجيل المسرب كان قائد المحاولة ينفي علاقة الإسلاميين بالتحرك؟
ما علاقة الإسلاميين به بالأصل حتى يتصلوا به.. ولما لم يبلغوا عنه وهذا دليل على وجود تنسيق، ولكن التوقيت غير مناسب فقط، لدينا أدلة وشواهد على أن الانقلاب وراءه جهة سياسية واحدة.
• تكرار الانقلابات جعل الكثيرين لا يصدقون حدوثها وأنها فزاعة لقوى الحرية والتغيير؟
نحن كمجلس عسكري أعلنا أكثر من مرة أنه لا رغبة لنا في الاستمرار وأن الظروف التي تحيط بالبلاد جعلت العسكريين يتولون زمام هذه البلاد.. كما أن الجانب الآخر أيضا لا حق لهم في التحدث أو حكم الشعب، والحق الوحيد للحكم يأتي عبر من ينتخبه الشعب، لكن الحالة الثورية هي ما جعلت الطرفين يتفاهمون مع بعضهما.
ولا يوجد إقصاء فقوى الحرية والتغيير تضم معظم القوى السياسية التي لا علاقة لها بالمؤتمر الوطني وقادت الحراك وكان لها دورها في أن يكون سلميا ولا عنف فيه حتى انتصرت الثورة، واستطاعت العبور به على مشارف الحكومة التي ينتظرونها. ورغما مما يقال عن إن هناك إقصاء أشك في ذلك باستثناء الوطني والأحزاب التي كانت معه.
أما محاولات الانقلابات فهي ثلاث، وتم إلقاء القبض عليهم، الأولى تتكون من مكون سياسي من الموجودين في أرض الاعتصام، وقام جسم سياسي باستقطاب بعض الضباط وحصلنا على كشف من الجسم السياسي بأن هؤلاء (ناسنا ونحن نعمل معهم)، الثانية ضبطت خلية أو خليتين من ضمن مجموعة خلايا مزودة بأجهزة اتصال ولديها برنامج وهناك خلايا لم تضبط.
الأخيرة هي التي اكتشفت وأعلن عنها بعد 24 ساعة من اكتشافها. وبغض النظر عن أنها متأخرة أو قديمة طالما أن هناك نوايا فإنها تظل محاولة..
قد يكون قائد المحاولة يسعى لتبرئة ساحة البعض، إلا أننا رصدنا الاتصالات والاجتماعات والتخطيط والقائمين على أمره.
• طالما المحاولة قديمة فلماذا تم الصمت عليها؟ كما أن المجلس ظل دائما يقدم تبريره للسلطة بأنه يمثل رمزية الوحدة السودانية لكن الانقلابات تشي بأن الجيش ليس على قلب رجل واحد بالتالي رمزية الوحدة تكون غير مقنعة؟
الانقلاب ليس قديما ولكن التخطيط له تم منذ وقت مبكر، فلا تنظيم يتكون وبعد يومين أو ثلاثة يقوم بانقلاب، هناك مراحل يتطور عبرها.. المحاولة متجددة وكل فترة يتم الاجتماع وتحديد موعد جديد.. المحاولة أظهرت وجود اختراق في القوات المسلحة وهو أمر مرفوض نحن لا نرضى أن تكون القوات المسلحة ساحة للاعتراك السياسي بل يجب أن يكون المنضمون لها ولاءهم لها، وقطعا أي ولاء آخر يضعف القوات المسلحة ويمكّن الأعداء من اختراقها.
صحيح الإنقاذ استطاعت خلال 30 عاما أن تتغلغل في كل مؤسسات الدولة عبر عناصرها، لكن لا عداء لنا مع أشخاص أو مجموعات، بل عداءنا للمخربين والمفسدين ومن يضرون بالوطن والوحدة الوطنية.. أما إذا قلنا أن نطهر الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني فهذا يكلف كثيرا، وسنأخذ الناس بالشبهات، نحن إذا ثبت على الشخص قيامه بعمل عدائي ضد الدولة أو الوحدة الوطنية أو ضد تنظيم القوات المسلحة يتم اتخاذ الإجراءات القانونية، وستظل القوات المسلحة هي الحامي للسودان ولا أحد ينكر أصلا ضرورة وجودها في الساحة العسكرية أو السياسية، وتلعب أدوارا وطنية وحارسة للبلد. ولا تستطيع أي مجموعة أو كيان أن ينال من وحدة القوات المسلحة ومن تماسكها.
• لماذا تمت هذه المرة تسمية المتورطين في الانقلاب وغيرها لم يتم؟ ومن قاموا بمحاولات سابقا أين هم الآن؟ والقوى السياسية التي ساهمت في التخطيط لإحدى المحاولات لما لم تطلها يد الجيش؟
المحاولة السابقة إبان الاعتصام جاءت المعلومات من المكونات السياسية وضبطت المجموعة وتم التحري معها وحاليا هم تحت الرقابة ولم يتم التحفظ عليهم. ومجموعة أخرى لها علاقة بمحاولة انقلاب ثانية وتم التحفظ عليهم لأن لهم اتصالات بجهات سياسية وتم تنوير مجموعات محددة.. لكن نترك المعلومات التفصيلية لتعلن فور انتهاء التحقيق، وما يتم حاليا تحقيق استقصائي لكن التحقيق الرسمي في انتظار اكتمال العناصر والإخوة في الأجهزة الأمنية يتابعون المعلومات الصغيرة حتى يتمكنوا من الإحاطة بكل الأمر، والمتهمون السابقون في كل الجرائم موجودون في الاعتقال، وسيتم الإعلان عنهم والجهات السياسية التي شاركت أو كانت على علم.

الخرطوم :السوداني