لماذا غابت مصر عن الوساطة بين الفرقاء السودانيين؟
أثار غياب مصر عن الوساطة بين أطراف الخلاف في السودان لصالح دول مجاورة كإثيوبيا وجنوب السودان، ودول إقليمية كالإمارات والسعودية، تساؤلات حول تأخر الدور المصري في الأزمة السودانية.
والتقى ممثلون للمجلس العسكري الحاكم في السودان وقادة الاحتجاجات الذين وقعوا على اتفاق مشترك لتقاسم السلطة في جوبا، السبت، ممثلي حركات مسلحة في ولايتي جنوب كردفان، والنيل الأزرق للتباحث بشأن “السلام”.
وفي 5 تموز/ يوليو الجاري أعلن المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير في السودان التوصل بوساطة أفريقية إثيوبية إلى اتفاق لتقاسم السلطة خلال فترة انتقالية تقود إلى انتخابات.
“انحياز مصري”
وقال الخبير في الشأن الأفريقي، أستاذ العلوم السياسية، بدر شافعي، إن طرفي الوساطة في السودان هما إثيوبيا التي ترأس مجموعة “الإيغاد” التي تضم السودان، ومفوضية الاتحاد الأفريقي.
وأضاف في حديث لـ”عربي21″: “على الرغم من أن مصر ترأس الاتحاد الأفريقي، إلا أن موقفها صعب؛ لأنه منذ البداية رفض تجمع المهنيين وقوى الحرية والتغيير بالسودان التدخل المصري بصفة عامة؛ لأنها طرف داعم للمجلس العسكري والثورة المضادة”.
مشيرا إلى “وجود تنسيق بين مصر والسعودية والإمارات لدعم المجلس العسكري والبقاء في المشهد، وعندما حاولت القاهرة ممارسة ضغوط على مجلس السلم والأمن الأفريقي لتأجيل تعليق عضوية السودان فشلت، خاصة بعد المجزرة التي وقعت في يونيو الماضي”.
“مصر ليست وسيطا”
وعزا المحلل السياسي سيد أمين تراجع الدور المصري في الوساطة بين السودانيبن، إلى أن مصر “لم تعد وسيطا مستقلا؛ لكونها تعمل لصالح جهات ودول أخرى غير المصلحة السودانية أو حتى المصرية”.
وأضاف لـ”عربي21″ أن مصر “فقدت مكانتها في قلوب طرف من أطراف النزاع بسب انحيازها لطرف على حساب آخر؛ وبسبب سجلها في الداخل المصري القائم على العزل والإقصاء”.
“أجندة أجنبية”
وقال الناشط السياسي السوداني صلاح النور أحمد لـ”عربي21″، إن “مصر السيسي ليس لها دور إيجابي في تحقيق السلام والاستقرار في السودان، أو دول الإقليم، ودورها في ليبيا معلوم”، مشيرا إلى أنها “تنفذ أجندة أجنبية لتفكيك السودان”.
ودلل على ذلك بقوله: “ليس أدل على ذلك من المحاولة الانقلابية الفاشلة التي تم الإعلان عنها بقيادة رئيس هيئة الأركان المشتركة، الفريق أول ركن هاشم عبدالمطلب، الذي كان في زيارة لمصر والتقى السيسي، وبعد عودته تم إعلان المحاولة الانقلابية، ثم تأجيل زيارة نائب رئيس المجلس العسكري حميدتي التي كانت مقررة لمصر”.
“المال الخليجي”
من جهته؛ قال الكاتب الصحفي السوداني، ورئيس تحرير أخبار اليوم المستقلة، عاصم البلال، إن “مصر بعثت بمسؤول رئاسي رفيع للقاء الأطراف السودانية، وأكد دعم مصر للأدوار التي تقوم بها بعض الدول الخليجية والاتحاد الأفريقي، وحرصها على استقرار الأوضاع مع السودان؛ لأن الحدود مع ليبيا ملتهبة، وكذا في سيناء”.
وأضاف لـ”عربي21″: “الدور المصري لم يتخذ أي مبادرة رسمية لجمع الفرقاء؛ لأنها ربما فكرت أن يكون لها دور أكبر عبر الاتحاد الأفريقي بصفتها الرئيس الحالي، وربما نظرا إلى حساسية أن بعض الدول سبقت وتقدمت أصبح الأمر كأن القضية السودانية تتعرض لاختطاف من هنا وهناك”.
ونوه إلى أن المال كان له أكبر الأثر في تفضيل الدور الخليجي، قائلا: “مصر أكدت على الدور الخليجي الذي يملك المال؛ لأن السودان يحتاج إلى من يقيله من عثرته الاقتصادية؛ فالخزينة خاوية، وربما فضلت أن تستتب الأوضاع بأي صورة من الصور، ولكن في مرحلة من المراحل إذا تفاقمت الأوضاع قد يكون لمصر دور أكبر، خاصة أن الأوضاع لا تسر، ولكنها ترى حتى الآن تحت السيطرة”.
عربي 21