ما بين الرفض والقبول .. (زواج العوض) .. استمرار الفيلم أم انتهاء العرض؟
(زواج العوض) هو تعويض الزوج بشقيقة زوجته أو الزوجة بشقيق زوجها، وهي عادة ورثها المجتمع السوداني منذ القدم وأصبحت جُزءاً من موروثه الثقافي وتقاليده، تستخدمها الأسر الكبيرة كنوع من أنواع المحافظة على الأطفال من التشتت والضياع… (كوكتيل) حاولت أن تنقب في (زواج العوض) وتُسَلِّط الضوء على إيجابياته وسلبياته.. فماذا وجدت..؟
(1)
إيمان حبيب الله – ربة منزل – قالت لـ(كوكتيل): (تزوجت زوج شقيقتي كنوعٍ من التعويض له وكان عمري وقتها أربعة عشر عاماً)، وتواصل: (فجاةً أصبحت أمّاً لثلاثة أطفال كانوا يطلقون عليّ اسم “خالتو”، لم أستوعب الموقف بسُرعة بسبب صغر سني، لَكِن مَع مُرُور السّنوات بَدَأت أتأقلم مع الوَضع الذي فُرِضَ عليّ من قِبل أهلي الذين كَانُوا يُرَدِّدون على مَسامعي إنتِ أولى من الغريبة وفي الحالتين سيتزوّج بأخرى والأفضل أن تكونِ أنتِ الأخرى لأنّ الخال شريك الوالد وإنتِ بمقام والدتهم).!
(2)
أحمد الزين عمر – أعمال الحرة – قال لـ(كوكتيل): توفي شقيقي في حادث مروري وهو ما زال عريساً لم يكمل العام وترك زوجته حاملاً، وبعد قضاء فترة عدّتها الشرعية قررت الزواج منها حتى لا يتربى ابن أخي يتيماً بلا أبٍ، لكن زوجته رفضت الزواج مني بعبارة مازالت ترن في أذني وهي: (لا يُمكنك تعويضه بوالده لأنّ الأب لا يُعَوّض)، وفضّلت أن تهب حياتها كلها لابنها وقامت بتربيته أحسن تربية وأصبحت له أبّاً وأمّاً ومن تلك اللحظة التي نطقت بها بتلك العبارة أصبحت احترمها وأقدِّرها أكثر من أيِّ وقتٍ مَضَى.
(3)
سناء عبد القادر كان لها رأيٌ آخر حول زواج التعويض، حيث قالت لـ(كوكتيل): (عندما تُوفيت شقيقتي كُنت مُطلقة وأمّاً لطفلين توأمين وشقيقتي لديها ثلاثة أطفال، وبدأت والدتي بطرح فكرة الزواج من زوج شقيقتي حتى أقوم بتربية أطفالها، لكني رفضت الموضوع بشدة واخترت أن أبقى معهم كنوعٍ من الحِنِيّة والعطف ولا أكون زوجة أب أحل مكان أختي، لأنّي أعتبر زوجها منذ أن تعرّف علينا أخي الأكبر، فكيف أغيِّر نظرتي له بمُجَرّد وفاة شقيقتي التي لم تفرِّق يوماً بين أطفالي وأطفالها)..؟
(4)
د. نعمات محمد الريح – اختصاصية اجتماعية – قالت في إفادة سابقة لـ(السوداني)، إنّ زواج العوض أو التعويض هو أمرٌ مألوفٌ بالنسبة للناس وليس جديداً عليهم، والرسول صلى الله عليه وسلم قام بتعويض سيدنا عثمان بن عفان بالسيدة رقية بعد وفاة السيدة أم كلثوم وأصبح هناك سندٌ من السنة يبين المعالجة للموضوع، وتواصل: (في السودان إذا كان زوج ابنة أي أسرة يتمتّع بالسيرة الطيبة تكون الأسرة حريصة على تَعويضه بأختها في حال وفاتها، حتى إن لم يكن بينهما أبناء)، وتَضيف: (من أسبابه كذلك وُجُود الأطفال والخوف عليهم من بعض الضُّغوط والمَشَاكل التي سَتُواجِهُهم من زوجة أب فيكون الخيار مُريحاً للأب ليختار المُناسبة بالنسبة له ولأطفاله، وأحياناً ترفض الأُسر التّعويض لأسبابٍ ترجع إلى الزوجة أو الزوج، لذلك نُحَذِّر نحن اختصاصيو علم الاجتماع من عدم التّسرُّع في مسألة التّعويض حتى يتخلّص الطرفان من مشاعر الحُزن، لأنّ الزواج فرحٌ وليس إسقاطاً لحق الاخيار وامتداداًً للتَمَاسُك الأسري وبروز الأُسر الممتدة).
صحيفة السوداني