الصين تتجه لحماية تمددها الاقتصادي في أفريقيا عسكرياً
انتهى في بكين، الأسبوع الماضي، المنتدى الأمني الصيني الأفريقي، والذي استمر لمدة أسبوع وحضره ممثلون عن خمسين دولة من دول القارة السمراء. وناقش المنتدى مستقبل العلاقات الاقتصادية بين الصين وأفريقيا وآفاق التعاون العسكري، حيث باتت أفريقيا المستورد الرئيسي للأسلحة الصينية.
وتستورد لحوالى 20% من الصادرات العسكرية الصينية، كما تستثمر الصين نحو 170 مليار دولار في أفريقيا. وحسب تقارير غربية، تسعى بكين إلى حماية استثماراتها في موارد القارة الأفريقية عبر الانتشار العسكري والتوسع في القواعد العسكرية.
تلعب الصين دوراً متزايد الأهمية في توريد الأسلحة وتنمية اقتصاد القارة. فالصينيون يقومون ببناء الطرق ومحطات الطاقة والمستشفيات، واستخراج الثروات الباطنية. وهذا كله يسبب القلق للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
ففي الغرب، أطلقت حملة لتشويه سمعة سياسات بكين. كتبت وسائل الإعلام الغربية أن المساعدات الصينية أداة استعمار جديد للبلدان النامية.
في هذا الصدد، نقلت صحيفة “ساوث تشاينا مورنينج بوست” الصادرة في هونغ كونغ، عن محللين قولهم إن بكين تعزز روابط الأمن مع الدول الأفريقية، مع تنمية استثماراتها في جميع أنحاء القارة.
وأشارت الصحيفة إلى نمو الوجود الصيني في أفريقيا، ولعبت قاعدتها العسكرية الوحيدة الموجودة بالخارج في جيبوتي دورها في التدريبات المشتركة مع الحلفاء في جميع أنحاء القارة ومبيعات الأسلحة وتبادل المعلومات الاستخباراتية.
ويرى خبراء غربيون أن الصين، التي لديها استثمارات في النفط بالسودان، ترغب في التحالف مع روسيا التي تستثمر بكثافة في الذهب والمعادن السودانية لتوسيع نفوذها عبر دعم المجلس العسكري في السودان، وربما إنشاء قاعدة عسكرية في البحر الأحمر.
وأشرفت مليشيا روسية خاصة على تدريب قوات نائب المجلس العسكري السوداني، محمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي”، في دارفور، كما تشاركه في تعدين وتهريب الذهب من جبل عامر.
وفي حين قلصت الولايات المتحدة والدول الأوروبية عملياتها الأفريقية، زادت الصين من نفوذها، من خلال مبادرة الحزام والطريق والتعاون العسكري الأعمق مع الدول الشركاء.
في هذا الصعيد، يرى تحليل في مجلة “ناشونال انتريست” الأميركية، أن هدف الصين الحقيقي هو “السيطرة على موارد أفريقيا وسكانها وآفاقها”.
وتقول المجلة: “بعد تحرر القارة من الاضطهاد الاستعماري، تواجه لسوء الحظ خطراً جديداً متمثلاً في الإمبريالية الصينية”. وما الاستثمارات والقروض إلا وسيلة أخرى من وسائل استعباد القارة السمراء”.
وتذكر المجلة الأميركية، جنوب السودان كمثال حي على مخططات الصين وانعكاساتها السلبية على مواطني دولة جنوب السودان. ففي الجنوب، حيث تعمل شركة النفط الوطنية الصينية العملاقة المملوكة للدولة كمشغل لحقول النفط المحلية، تحدث عمليات تلويث واسعة للطبيعة، ونتيجة لذلك، تتسمم الماشية، وتدمر التربة، وتسكب المواد الكيميائية في الأنهار. فيولد أطفال مشوهة أطرافهم أو أجزاء أخرى من أجسامهم. وذلك حسب مجلة “ناشونال انترسيت”.
ولكن من الجانب الروسي والصيني، يرى محللون أن الدعاية الغربية تسعى إلى خلق فجوة بين الأفارقة والصينيين. في هذا الاتجاه، قال الأكاديمي الروسي أليكسي فاسيلييف، لصحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا” الروسية: “لقد تبنّى الصينيون الأساليب الغربية للعبة، وهم يلعبون بشكل أفضل من القوى الغربية.
الصين تزاحم الولايات المتحدة وأوروبا وتسعى إلى إخراجهما من أفريقيا. وبالتالي ليس من المستغرب أن يواجه التعاون الصيني الأفريقي رفضاً متزايداً من الدول الغربية التي تفقد مواقعها.
لذلك، فهي تتهم الصين بأي شيء. بالطبع، يستخدم الصينيون نفوذهم، فهم يشترون كل شيء. في مثل هذه الظروف، تنتعش الجريمة المحلية، وتغدو عمليات اختطاف الخبراء الصينيين ورجال الأعمال أكثر تواتراً”.
ولكن أثبتت الدراسات التي نشرتها منظمة الوحدة الأفريقية، أن الشركات الصينية تستولي على الأراضي الزراعية مقابل أثمان بخسة عبر رشوة المسؤولين، كما أن الشركات الصينية الكبرى تقتل تدريجياً المزارع والصناعات الصغيرة التي يعتمد عليها الاقتصاد الاكتفائي.
العربي الجديد