مسودة الاتفاق .. أهم نقاط الخلاف ..!!
يعود الترقب والاحتقان السياسي ليكون سيد الموقف في الساحة السياسية، بعد أن استبشر المجتمع الدولي والإقليمي بإعلان الاتفاق بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي في الـ5 من الشهر الجاري، ومع تأجيل جلستين على التوالي كان مقررا انعقادها بين الطرفين للتوقيع على المرسوم الدستوري بطلب من قوى الحرية والتغيير لمزيد من التشاور ودراسة الوثيقة، ليبدو جليًا أن لدى الأخيرة ملاحظات قد تقف حجر عثرة أمام اتفاق الأطراف مجددًا، فيما يرى مراقبون أنها قضايا يمكن تجاوزها بسهولة.
مع تطورات الأحداث وتعثر انعقاد الجلسات بين الطرفين، وصل المبعوث الأمريكي دونالد بوث للسودان أمس الأول ليلتقي بالأطراف المتفاوضة طبقًا لوسائل إعلامية. ومن المُقرر أن تنعقد جلسة المفاوضات بين الطرفين مساء اليوم وفقًا لما أعلنهُ في وقتٍ سابق الوسيط الإفريقي محمد حسن لبات.
وكانت قوى الحرية والتغيير طلبت تأجيل اجتماعها مع المجلس العسكري لمزيد من التشاور والدارسة، فيما انخرطت مكونات قوى الحرية والتغيير في اجتماعات مطولة وقدمت بعض الكتل ملاحظاتها على الوثيقة ورفعتها لوفد التفاوض.
ملاحظات القوى
لعل أبرز البنود التي تحفظت عليها قوى الحرية والتغيير هي تمتع رئيس وأعضاء مجلس السيادة بالحصانة في مواجهة أيّ إجراءات جنائية ولا يجوز اتهامهم أو مقاضاتهم أمام أيّ محكمة كما لا يجوز اتخاذ أيّ تدابير ضبط بحقهم أو بحق ممتلكاتهم أثناء فترة ولايتهم.
من جانبه قال عضو الوفد المفاوض عن قوى الحرية والتغيير صديق يوسف في تصريح مقتضب لـ(السوداني)، إن اجتماعات ما تزال منعقدة وعندما تنتهي سيتم إصدار بيان.
في سياقٍ متصل أشار القيادي بقوى الحرية والتغيير جعفر حسن، في حديثه لـ(السوداني) أمس، إلى أن التوصيات التي رفعت لوفد التفاوض أكثر من 20 توصية.
أما القيادي بتجمع المهنيين السودانيين أحمد ربيع، فاعتبر في حديث سابق لـ(السوداني) أن جميع مكونات قوى الحرية والتغيير ترفض تمتع رئيس وأعضاء مجلس السيادي بالحصانة، وأضاف: الملاحظات كثيرة ولم تنته الاجتماعات بعد.
اللجنة المشتركة
وفي وقتٍ سابق أشار مصدر في حديثه لـ(السوداني) أن المجلس العسكري الانتقالي أراد إضافة بعض البنود غير المضمنة في الإتفاقية الأفروإثيوبية فيما نفت قيادات في قوى الحرية والتغيير لـ(السوداني) إضافة بنود غير مضمنة في الاتفاقية.
وعلى الرغم من وجود لجنة فنية مشتركة بين الطرفين للصياغة، فإن تحفظ قوى الحرية والتغيير على الوثيقة وإبداء ملاحظات حولها وطلب مهلة لدراستها خلق التساؤل إزاء دور ممثليها في اللجنة المشتركة. وهنا يشير ربيع إلى أن اللجنة الفنية ليس لديها تفويض حتى تُغير في الاتفاق وأن مهمتها تقتصر على الصياغة فقط، وأضاف: اللجنة قامت بصياغة الاتفاقية وصياغتها موجودة، ما حدث الآن تم بعد صياغة الاتفاق وقدمت للجنة الفنية بالمجلس العسكري، لافتًا إلى أن لجنة الفنية للمجلس العسكري أدخلت تعديلات على الوثيقة، وعندما سلم الوسيط الأطراف الوثيقة عادت المكونات إلى قواعدها، وأضاف: هذه ليست الوثيقة النهائية.
وعلمت (السوداني) أن اجتماعًا انعقد أمس الأول للجنة الصياغة المشتركة.
قوى الإجماع
وكان تحالف قوى الإجماع الوطني أعلن في وقتٍ سابق عن تحفظات جوهرية حول مضمون الاتفاق السياسي والإعلان الدستوري الذي تقدمت به الوساطة الإفريقية. وطبقًا للبيان فإن وثيقة الاتفاق والإعلان الدستوري لا تتناسب مع التأسيس لسلطة مدنية انتقالية حقيقية، وتجهض فكرة مشروع قوى إعلان الحرية والتغيير لإدارة المرحلة الانتقالية.
وفي وقتٍ سابق، كان الحزب الشيوعي أورد في بيانٍ لهُ جملة ملاحظات على الوثيقة مبديًا رفضهُ لما جاء بمسودة الاتفاق. وطبقًا للبيان فإن الاتفاق أبقى على كل القوانين المقيدة للحريات، وعلى مؤسسات (الدعم السريع، جهاز الأمن بدلًا من إعادة هيكلته لجمع المعلومات وتحليلها ورفعها، وكتائب الظل، والدفاع الشعبي، والوحدات الجهادية) التي لعبت بحسب البيان دورًا كبيرًا في فض الاعتصام.
وطبقًا للبيان تم التراجع عن ما تم الاتفاق عليه حول نسبة الـ 67% لقوى الحرية والتغيير المجلس التشريعي، إلى جانب أن مجلس السيادة المقترح في الاتفاقية يؤسس لنظام رئاسي وليس برلمانياً، وذلك عبر تدخل مجلس السيادة في تعيين رئيس القضاء والنائب العام والمراجع العام حتى قيام المجلس التشريعي، كما أعطت الاتفاقية مجلس السيادة حصانة فوق القانون، وأبقت على قرارات المجلس العسكري السابقة التي اتخذها منذ 11 أبريل وحتى تاريخ الاتفاق ضمن الفترة الانتقالية.
ويرى الشيوعي أن الاتفاقية بشكلها الحالي لا تُساعد في الحل الشامل والعادل لقضايا المناطق الثلاث، ولم تضع الاتفاقية عقد المؤتمر الدستوري في جدول أعمال الفترة الانتقالية.
قضية جوهرية
المحلل السياسي ماهر أبو الجوخ أشار في حديثه لـ(السوداني) أمس إلى أن الخلاف نوعان: أساسي وفني، ويرتبط الخلاف الأساسي بنص حصانة رئيس وأعضاء مجلس السيادة على أن يتمتع رئيس وأعضاء مجلس السيادة بحصانة في مواجهة أيّ إجراءات جنائية ولا يجوز اتهامهم أو مقاضاتهم أمام أيّ محكمة ولا يجوز اتخاذ أيّ تدابير ضبط بحقهم أو بحق ممتلكاتهم أثناء فترة ولايتهم، أما الحصانة المتعلقة برئيس وأعضاء مجلس الوزراء وأعضاء المجلس التشريعي القومي فإنها اتفقت على منع اتخاذ أيّ إجراءات في ما عدا حالات التلبس ضدهم أو ممتلكاتهم إلا بإذن من رئيس مجلس السيادة في ما يتصل برئيس الوزراء أو رئيس الوزراء في ما يتصل بالوزراء أو رئيس المجلس التشريعي القومي في ما يتصل بأعضاء المجلس التشريعي القومي.
تجاوز الملاحظات
ويرى أبو الجوخ أن تجاوز هذه النقاط ليس بالعسير وحلها يكمن في استكمال ذلك النص بالمادة 60 (2) الواردة في دستور 2005م بمنح المحكمة الدستورية سلطة الفصل في اتهامات الخيانة العظمى وانتهاك الدستور تجاه أي من أعضاء مجلس السيادة، مع إدخال تعديلات عليها برفع الشرط اللازم لاتخاذ هذا الإجراء من نواب البرلمان ليكون في حدود ثمانين في المائة من أعضاء المجلس التشريعي القومي للموافقة على هذا الإجراء، وأضاف: القضايا الأخرى هي عبارة عن خلافات ذات طبيعة فنية، والخلافات التفصيلية خفيفة وليست عميقة وقد تجاوز الطرفان في وقتٍ سابق خلافات أعمق من هذه.
الخرطوم: إيمان كمال الدين
صحيفة السوداني