مواطن يعود للرياضة .. وربات منازل يعُدّن لـ(قعدات الجبنة) انقطاع الانترنت .. تفاصيل عودة مباغتة لملامح سودانوية مفقودة.!
عندما ارتفعت طرقات باب منزله نهض عم محجوب مذعوراً، فالتوقيت و(إحجامه) عن زيارات الناس كان سببا رئيسياً لذلك الذعر، فهو لا يتوقع على الإطلاق أن ينال زيارة من أحد بما أوردناه أعلاه من صفات وسلوك غريب منه، تحرك العم محجوب نحو الباب ورفع صوته بحذر: (منو في الباب).؟..ليأتيه صوت صديقه عبد الودود والذي لم يقابله منذ ثلاثة أشهر مكتفياً بتبادل الونسة معه على الواتس اب، ليقوم العم محجوب بفتح الباب واحتضان صديقه قبل أن يسأله بخبث: (الليلة ياعبد الودود القشّ ليك الدرب منو)، ليجيبه الآخر بخبث أكبر: (قشتو لي السياسة يا أخوي)، تلك الإجابة التي كان يقصد من خلالها انقطاع الانترنت عن البلاد من قبل السلطات عقب الأحداث الأخيرة، ذلك الانقطاع الذي أعاد الكثير من ملامح الحياة القديمة لشوارع الخرطوم وأعاد كذلك العديد من المشاهد والممارسات وحتى الهوايات.!
(1)
إبراهيم عبدالله في حديثه عن الحياة بدون إنترنت أو في فترة انقطاعه وتأثيره على الناس قال: (من ناحية الاتصالات منها الاتصال المباشر بدل الاتصال المجاني عبر شبكة الإنترنت حيث زادت فاتورة الاستهلاك لخدمات الاتصال المباشر أما بالنسبة للدراسة عن بعد فإنقطاع الإنترنت أدى إلى توقفها. واجتماعياً جعل الناس تتواصل مع بعضها عبر الزيارات بصورة كبيرة وجعل التراحم والتواصل بين الناس بصورة أقوى من قبل.
(2)
على ذات السياق التقينا ميسون الصديق والتي قالت :(فترة انقطاع الإنترنت من الفترات المهمة في حياتي حيث تعرفت على الجيران والأهل عن قرب بعيداً عن الشبكة العنكبوتية)، وأضافت: (الحمد لله خلال هذه الفترة زرت الكثير من الأهل والأصدقاء ونظمت الوقت حيث كنت في حال وجود الإنترنت أهدر الكثير من الوقت في التصفح)، أما الشاب منتصر فقال إن انقطاع الإنترنت أثر تأثيراً كبيراً في الحياة مثلاً معرفة أخبار الناس كانت تعرف عبر المجموعات في الشبكة العنكبوتية لكن عند انقطاعه قلت معرفة الأخبار إلاعن طريق الاتصال الهاتفي حيث زادت تكاليف الاتصال فمعدل الرصيد قد يصل إلى (100جنيه في اليوم) أما في فترة الإنترنت فاستهلاك الرصيد قد يصل (20 جنيهاً في اليوم)، وفي الحديث نفسه قال محمد أحمد محجوب انقطاع الإنترنت أثرعلى الناس فمثلاً عادت شلليات الحلة و(قعدات القهوة) في الأحياء بين الأهل وظهرت العديد من المواهب واختتم: (على الصعيد الشخصي رجعت لممارسة الرياضة من كرة قدم وسباحة ونظمت الوقت الذي كان مهدراً في الجلوس للتصفح في الشبكة العنكبوتية).
(3)
أما محمد ناصر فقال بدوره: (جذبني منظر العديد من الشباب أمام أحد المطاعم الشهيرة بالخرطوم وعند السؤال عن الازدحام ووجود كمية من الزبائن في هذا المطعم رد لي أحد الشباب (هنا في واي فاي ياعمك )، مضيفاً انقطاع الإنترنت أثر على الحياة بصورة كبيرة وزاد: (من إيجابيات انقطاعه عودة التواصل الاجتماعي بالصورة الطبيعية القديمة وأنه قام بزيارة أفراد من عائلته وجيرانه الذين كان منقطعاً عنهم لأكثر من عشرين عاماً حيث كان التواصل معهم عن طريق الإنترنت).
(4)
(كنا نرتاد الفنادق والمحلات التي يوجد بها إنترنت لقضاء أعمالنا حيث بلغت تكلفة الساعة 200 جنيه للساعة وقد تصل إلى ألف جنيه في اليوم)، هكذا كانت بداية الحديث مع النور الجاك (رجل أعمال) والذي أضاف : (انقطاع الإنترنت أثر علينا اقتصادياً وتسبب لنا في خسارات لأن أعمالنا ترتبط بالشبكة العنكبوتية ونحن متضررين من انقطاعه لأن عملنا مقترن بارتباطات لا تقبل التأجيل وكلما تأخرت زادت الخسارة، أما اجتماعياً فهو غير مؤثر معي شخصياً (وماشي بقانون العايزك بوصلك).
تقرير: أمينة البشير
صحيفة السوداني