دعوة عرمان لـ( التغيير) .. تقاطعات الاتفاق
اقترح نائب رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان ياسر عرمان في رسالة له عقد اجتماع مع قوى الحرية والتغيير في مقر الاتحاد الأفريقي بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا, لوضع رؤية وخارطة سياسية واضحة تجيب عن الأسئلة التاريخية لإشكاليات قضايا الحكم كما قالت الرسالة، إلى جانب كيفية الربط بين قضايا السلام والديمقراطية. ودعا عرمان لوحدة قوى التغيير والثورة، الممثلة في قوى الكفاح المسلح، وعلى رأسها الجبهة الثورية، وقوى نداء السودان، وقوى الإجماع الوطني، وقوى الحرية والتغيير بجميع مكوناتها، وفي مقدمتها تجمع المهنيين.
الهبوط الناعم
ولفت عرمان إلى أن قيادة الحرية والتغيير عكست مرة أخرى مأزق زعماء الاستقلال في ١٩٥٦م، حينما ذهبوا إلى الاستقلال دون الجنوبيين وغالبية المهمشين، وأعطوا وعوداً مضروبة في النظر بعين الاعتبار في مطلبهم بالفيدرالية، وقال: (الآن نمضي في نفس الطريق دون رؤية تضع قضايا التهميش والسلام العادل وإعادة هيكلة الدولة). وأشار عرمان إلى المشاركة الواسعة للمهمشين، وتضحيات الريف والهامش السوداني، إلا أنه قال: رغم ذلك لم نتعلم شيئاً ولم ننسَ شيئاً من تجارب الانتقال السابقة فشمل ما يسمى بالهبوط الناعم كافة المشاركين في المسرح.
دعوات جانبية
وتحاشى المحلل السياسي عبد الله آدم خاطر التعرض مباشرة لما قاله عرمان بدعوة قوى التغيير للاجتماع في أديس، واعتبر الاتفاق فيه حرصاً على المصلحة الوطنية ومكوناتها السياسية واستجابة لتطلعات الثورة. وقال لـ(الصيحة): لا أرى أي سبب للدعوات الجانبية التي تشتت الجهود والنظر إلى المستقبل الذي أصبح ملكاً لكل الشعب السوداني, وحذر من خفافيش الليل الذين يعملون إلى إضعاف الاتفاق والعودة إلى الوراء بأساليب مختلفة.
إنتاج الأزمة
ولكن المحلل العسكري الفريق ركن محمد بشير سليمان بدأ أنه غير متفائل بالاتفاق، وتوقع أن تنتج من خلاله مشاكل كثيرة, وأشار إلى التقاطعات التي تقف أمام الاتفاق. وقال “للصيحة”: ربما الحركات التي أعلنت رفضها لم تجد نفسها أو ذاتها فيه, وهي تحسب نفسها أصيلة في الصراع من أجل تغيير النظام من قوى الحرية والتغيير وقبل الثورة، وأضاف: واضح أن أهدافها ومطلوباتها التي قاتلوا من أجلها لم تُضمّن في مصفوفة الاتفاق.
ثنائية الاتفاق
الأمر الثاني الذي كان متوقعاً كما يراه سليمان هو ثنائية الاتفاق على حد قوله، واعتبر تلك الثنائية إقصائية، ولن تحل الأزمة وستظل في موقعها إن لم تتدهور نتيجة للإقصاء، ونوه إلى أنها مشكلة السياسة السودانية، وقال: كنا نتوقع بعد الاتفاق والتغيير أن تعالج كثيرا من القضايا، بيد أنه أوضح أن ذات الرفض بدأ يزداد سواء من الحركات التي رأت أن الاتفاق لا يلبي طموحاتها ولا يؤسس على وفاق سوداني كامل، وأرجع ذلك إلى تأثيرات خارجية واضحة ووساطات. وقال: الآن الأخطر من ذلك رفض الحركات الاتفاق الذي لا يلبي طموحاتهم، ولن يحمل أهداف وأشواق ورؤاها.
مخاطر وأخطاء
وأشار سليمان الى تداعيات الاتفاق ومخاطر الأخطاء، وأضاف: أخشى أن ندور في دائرة مفرغة، وحذر من الاعتماد على الخارج، موضحاً أنه لن ينظر للسودان باعتباره حقيقة جوهرية أو لسواد عيون السودانيين وإنما لمصالح خارجية ولمصالح الولايات المتحدة الأمريكية والقوى التي أيدت الاتفاق الثنائي ولمصالحها، وليس لأغراض الديمقراطية أو الحرية.
أجندة وروشتة
ويشكك القيادي بحزب الأمة الموحد موسى حمدين في حديثه لـ(الصيحة) في نوايا عرمان من الدعوة لقوى الحرية والتغيير للاجتماع في أديس أبابا، وقال: جائز أن تكون لديه أجندة متعلقة بالاتفاق يريد تمريرها عبر قوى التغيير خلال الفترة المقبلة بعد الاتفاق، لأنه لا يستطيع العودة للبلاد، ولذلك طلب الاجتماع بالخارج ووصف عرمان بالرجل غير الهين لديه علاقاته وارتباطه بالخارج, وقال: بالتأكيد عرمان يحمل روشته تتعلق بالاتفاق و لديه رؤية لأنه يمثل قوى اليسار.
وقال حامدين إن قوى اليسار لديها إحساس بعدم الثقة في المجلس العسكري، قد لا يسلمها الرئاسة بعد الفترة الانتقالية، واعتبر ذلك واردا لجهة أن الاتفاق ليس قرآناً منزلاً.
سيطرة اليسار
وأكد مصدر سياسي ــ فضل حجب اسمه، لـ(الصيحة) أن دعوة عرمان لقوى التغيير يؤكد أن اليسار يسيطر على قوى الحرية والتغيير، رغم وجود حزب الأمة القومي، مبيناً أن الاتفاق سيواجه بكثير من التقاطعات بين مصالح القوى السياسية والأجندة الوطنية الداخلية. مشيراً إلى رفض بعضها له، وبالتالي من خلال الدعوة للاجتماع في أديس يمكن تمرير أو تثبيت أجندة اليسار في مؤسسات الدولة التي تنشأ خلال الفترة الانتقالية ورأى أن عرمان يريد من الاجتماع تحفيظ قوى التغيير ما يجب أن يتم في الفترة المقبلة.
حجب المنافع
ورغم أن القائم بأعمال السفارة الأمريكية في الخرطوم أعلن التّرحيب بالاتّفاق الذي تَمّ بين المجلس العسكري وقِوى الحُرية والتّغيير، وعبّر عن سَعادته بهذا التّطوُّر. وقال الفساد وسُوء الإدارة في عهد نظام البشير حَجَبَا منافع ذلك القرار، وأضاف بأنّ قضية رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب أصبح وشيكاً، لكنه نبّه إلى أنّه يتوقّف بدرجةٍ كبيرةٍ على إدماج الحركات المُسلّحة في الاتّفاق وإحلال السلام في دارفور والمنطقتين.
تقرير: صلاح مختار
صحيفة الصيحة