محمود الدنعو

المغرب نموذجا

[JUSTIFY]
المغرب نموذجا

دول الشمال الأفريقي المتعددة الهويات أفريقية وعربية وإسلامية تعاني بلا استثناء من التوازن المطلوب في التفاعل مع كل هذه الهويات بما يضمن استمرار الروابط والمنافع المتبادلة، ولكن النموذج المغربي يبدو هو الأكثر قدرة على التعامل مع هذه الهويات المتعددة، والمغرب كان بإمكانها أن تدير ظهرها إلى أفريقيا كونها ليست عضوا في الاتحاد الأفريقي منذ كان منظمة الوحدة الأفريقية بسبب عضوية الصحراء الغربية في هذه المنظمة، ولكن ظلت المملكة المغربية تمد جذور التواصل مع الجوار الأفريقي سياسيا واقتصاديا وثقافيا، فالمغرب اليوم ثاني أكبر مستمثر داخل القارة الأفريقية بعد جنوب أفريقيا، وتشير التقارير الاقتصادية إلى أن العديد من الشركات المغربية تستثمر بكثافة في أفريقيا على مدى العقد الماضي، فالخطوط الجوية الملكية المغربية تسيّر رحلات إلى 36 وجهة في أفريقيا من مركز عملياتها في الدار البيضاء مما يجعلها واحدة من أوسع الشبكات مقارنة بأي شركة طيران أخرى وبنك (التجاري وفا بنك) يدير واحدة من الشبكات المصرفية الأكثر شمولاً في أفريقيا، كما أن اتصالات المغرب تدير شبكة واسعة وقوية تغطي أفريقيا.
السياسة الخارجية للمغرب تجاه أفريقيا تقوم على أساس تنزيل إلى أرض الواقع عبارة ذهبية للملك الراحل الحسن الثاني الذي قال ذات مرة: “فروعنا تميل إلى أوروبا، لكن جذورنا في أفريقيا”، هذه العبارة عمل عليها الملك محمد السادس منذ أن تولى العرش في العام 1999، حيث انخرط في سلسلة من الزيارات إلى الدول الأفريقية وإبرام العديد من اتفاقيات التعاون المشترك مستفيدا من الروابط الثقافية العميقة التي تربط المغرب ببلدان الساحل والصحراء التي تضمن العديد من مريدي الطريقة التجانية الصوفية الأوسع انتشارا في المغرب، وعلى المستوى السياسي أسهمت المغرب في مساع فض النزاعات في أفريقيا خصوصا في مالي، كما أنها أرسلت قوات إلى أفريقيا الوسطى التي تشهد أحدث النزاعات في القارة ويجد التدخل المغربي التأييد من قبل الأفارقة لاسيما في الملف المالي، حيث ترعى جهودا للمصالحة الوطنية، في مالي، ما بين الحكومة المركزية وحركة تحرير الأزواد، من أجل استقرار ووحدة مالى وكان العاهل المغربي قد استقبل مؤخرا وفدا من حركة الأزواد المالية، وأكد لهم حرص الرباط على وحدة واستقرار مالي، موضحاً أن “التوصل إلى حل توافقي كفيل بالتصدي لحركات التطرف والإرهاب”، التي تهدد “دول الاتحاد المغاربي، ومنطقة الساحل والصحراء”، وكان متوقع زيارة الملك إلى مالي لمتابعة جهود المصالحة الوطنية، ولكن الرئاسة المالية أعلنت أمس الأول، عن تأجيل زيارة للملك محمد السادس إلى مالي لبضعة أيام، بعد أن كانت مقررة، أمس الأربعاء.

[/JUSTIFY]

العالم الآن – صحيفة اليوم التالي