سياسية

أستاذ القانون بجامعة الخرطوم بروفيسور علاء الدين الزاكي لــلإنتباهة

حفلت الساحة السياسية بالكثير من الائتلافات والتجمعات السياسية والمجتمعية، عقب ثورة أبريل المباركة، وكلها تصب حول هدف واحد هو كيفية الدخول في المرحلة السياسية القادمة من عمر البلاد، خصوصاً الفترة الانتقالية التي تعقب الانتخابات، وكل ينشر رؤيته سواء للمجلس العسكري الانتقالي من خلال قوى الحرية والتغيير، وهي القوى الرئيسة التي يتفاوض معها المجلس العسكري الانتقالي، أو من خلال تقديم رؤاه الخاصة للمجلس.. (ائتلاف الإصلاح والتنمية) كان جزءاً من هذه التجمعات التي لم يعجبها بعض ما جاء في وثيقة قوى الحرية والتغيير، فأعلن رؤاه من خلال مقترحات مقدمة للمجلس العسكري، وبدا مؤيداً المسيرة المليونية التي كان مزمعاً لها الإثنين الماضي، تخوفاً مما سماه تهديد الشريعة الإسلامية.. للوقوف على رؤية الإصلاح والتنمية لبعض القضايا الوطنية الملحة من فترة انتقالية وغيرها وملابسات المسيرة ومنعها.. التقت (الإنتباهة) البروفيسور علاء الدين الزاكي عضو الهيئة الاستشارية للائتلاف، فماذا قال؟ > كجبهة إصلاح كيف تقيِّمون الأوضاع الحالية بالبلاد؟
< السودان في هذه الأيام يمر بفترة عصيبة ولحظة تاريخية. إما أن يكون وإما ألا يكون، خاصة في ظل عدم الوصول لحل يرضي الأطراف فيما يخص الفترة الانتقالية، ويخشى اذا استمرت الأحوال بهذه الصورة، أن تنجرف البلاد الى حافة الهاوية إن لم تغلِّب جميع الأطراف مصلحة الوطن وتترفَّع عن الصغائر وحظوظ النفس . > هناك اختلاف بين القوى السياسية أدى إلى تعقيد المشهد السياسي الحالي. ما هي رؤيتكم لإيجاد حلول تخرج بالبلاد مما هي عليه؟
< معروف أن الخلاف وضع طبيعي خاصة في المسائل التقديرية، ولكن يجب ألا يكون الخلاف في القضايا التي تخضع لتقدير الأشخاص سبباً في شق الصف الوطني ويجب ألا تكون سبباً في إحداث الفوضى وانفراط الأمن في داخل البلاد والحل الذي نراه في هذه الفترة بالذات، هو اتفاق الأطراف على الكليات في هذه المرحلة لأن الكليات يتفق عليها الجميع والبعد عن إثارة المسائل الخلافية والحديث عن التفاصيل والجزئيات وأن تترك هذه المسائل للحكومة المنتخبة وعلى الأطراف أن تقدم تنازلات في هذا الباب وأن تغلب كما ذكرت مصالح الوطن على المصالح الشخصية، لأن الشعب الذي خرج في ثورته، يرجو من ورائها خيراً للوطن والعيش الكريم والأمن والاستقرار. فمطالب الثوار واضحة وبينة, وأن هذا الخلاف قد يقضي على آمال الشعب السوداني وما يصبو إليه في تحقيق ما خرج من أجله . > هل قدمتم وثيقة او ورقة توضح ما ترونه للفترة الانتقالية القادمة؟ وهل تقدمتم بآراء وسطية في الخلاف الحادث بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير؟
< التقينا بالمجلس العسكري وقدمنا له مقترحاً واضحاً يتضمن إدارة الفترة الانتقالية، لأننا نعتبر هذه فترة تهيئة للمناخ الملائم للعملية السياسية الراشدة، وبالفعل سلمنا هذه المقترحات وهي بالجملة تضمنت فترة انتقالية مدتها عام واحد ومجلس سيادي مختلط يكون فيه أعضاء من الكفاءات الوطنية بغير محاصصة لأن المحاصصة تضعف عمل المجلس، وكذلك المحاصصة تؤدي لحدوث خلاف بين القوى السياسية فيمن يمثل مجلس السيادة، وكذلك المقترح تضمن حكومة كفاءات وطنية تتولى إدارة المرحلة الانتقالية، وكذلك تضمن المقترح عدم المساس بالقضايا التشريعية وترك المسألة للانتخابات لأن الشعب يحسم من يقدم له برنامجاً متكاملاً. فإذا اختار الشعب ممثليه فإن في هذه الحالة من حقه أن يسن ما شاء من قوانين ومن أنظمة ولوائح. هذه مجمل رؤيتنا لإدارة الفترة الانتقالية ما عدا بعض القوانين المتعلقة بقوانين الأحزاب القديمة يجب تعديلها حتى تأخذ جميع الأحزاب حقها من المشاركة في العملية السياسية وبعض القوانين الأخرى التي تستحق التعديل. أما القوانين الأساسية التشريعية خاصة علاقة الدين بالدولة، فيجب أن تكون قائمة وموجودة وألا تكون مسار خلاف بين القوى السياسية في الفترة الانتقالية، وأن تترك للعملية الانتخابية.. > بالنسبة لهذه الرؤية هل هي رؤية قدمت للمجلس العسكري منفردة أم ضمن تجمع او قوى سياسية مشتركة؟
< بالنسبة لهذه الرؤية فقد تم تقديمها باسم ائتلاف الإصلاح والتنمية للمجلس العسكري الانتقالي لإدارة المرحلة الانتقالية وهي تتضمن عدة وجوه كما أسلفت لك سابقاً . > الاعتصام أخذ وقتاً طويلاً وربما أعاق بعض أوجه الحياة، وما زالت القوى السياسية تصر علي عدم فضه. رؤيتكم لذلك؟
< الحقيقة الشعب السوداني الآن يرهن عملية فض الاعتصام بحصول تسوية سياسية تحقق له مطالبه التي من أجلها خرج كالحرية والعدالة ورد الحقوق لأهلها ومحاسبة المفسدين, والعيش الكريم, هذه هي الأشياء الأساسية التي من أجلها خرج الشعب وهو يريد تحقيق مطالبه وهو يرهن عملية فض الاعتصام بتحقيق هذه المطالب وأعتقد أن القوى السياسية تتخذ من الاعتصام واحدة من الوسائل التي تحقق بها مطالب الثورة، فهو من ناحية ضامن لعملية تحقيق مطالب الثورة، ولكن من ناحية أخرى طوله قد يؤدي الى عرقلة الحياة الطبيعية في البلاد، لذلك نتمنى أن يحصل وفاق بين جميع القوى السياسية مع المجلس العسكري وتعود الحياة الى طبيعتها في أقرب وقت ويتفق الجميع على بناء سودان موحد يشعر فيه المواطن بالأمن والأمان، وتتحقق فيه الرفاهية لكل أبناء هذا الشعب . > هناك من يرى أن الإسلاميين بصورة ما، متخوفون من الإقصاء في هذه المرحلة و هل هذا يعنيكم ام فقط الحركة الإسلامية التي كانت في الحكم؟
< في الحقيقة الثورة ملك لجميع أبناء الشعب السوداني بكل مكوناته الإسلامية وغيرها، وثمراتها يجب أن تكون لكل أبناء هذا الشعب السوداني ولا يجوز إقضاء أحد شارك في هذه الثورة, لذلك نجد ساحة الاعتصام فيها كل ألوان الطيف، وأخشى اذا استأثرت فئة معينة بثمرات هذه الثورة دون الآخرين، أن يحصل خلاف أشد مما هو عليه الآن يذهب بالبلاد الى حافة الهاوية مع الاتفاق بين كل مكونات الثورة على إبعاد كل من شارك في النظام السابق او كان من أعمدته, ولذلك نرى أن الساحة تسع الجميع ويجب أن يشترك الجميع في إدارة الفترة الانتقالية، إما بكفاءات السودان وإما بمحاصصة ترضي جميع الأطراف الموجودة العاملة والفاعلة في الساحة السياسية، وبهذا نجنب البلاد الخلاف الذي قد يؤدي الى شقاق يؤثر على البلاد. > المحاصصة قد تعيد للأذهان الدرك الذي كانت تعيش فيه البلاد سابقاً وهي نقيض ما تنادي به القوى السياسية الأخرى من كفاءات؟
< المحاصصة وهو معروف بأن تقسم الوزارات والمسؤوليات على الناس بحسب الحزب او الجهة او غير ذلك وهو في الحقيقة أضعف النظام السابق حيث أتى بشخصيات ضعيفة جاءت بها المحاصصة الحزبية او الجهوية والترضيات السياسية، فتولت مسؤوليات عظيمة أُنيط بها تحقيق مصالح الشعب، لذلك كان الفشل ذريعاً وكانت الطامة الكبرى وأدخلت البلاد في أزمات, اعتماد الكفاءة يجب أن يكون هي الأصل لأن الأكْفاء هم الذين يستطيعون إدارة البلاد وإخراجها من أزماتها. والمعروف أن المقصود بالكفاءة المعرفة والدراية التامة لمجاله الذي يعمل فيه، وإلا ستكون اجتهادات لا مكان ولا مقام لها, لذلك يجب على القوى السياسية حتى وإن أرادت أن تشارك في العملية السياسية تقديم شخصيات وكفاءات تستطيع أن تقدم شيئاً للبلد. > المسيرة التي كان مزمع عقدها الاثنين الماضي, ملابسات ما حدث من إلغاء وهل تم تأجيلها ام إلغائها؟ وهل هذا تم بناء علي توافق معكم ام مورست عليكم ضغوطات لإلغائها؟ ولماذا تقولون إنكم تتخوفون علي الدين من العلمانية مع أن الوقت ما زال مبكراً لذلك؟ ومن أين استقيتم هذا التخوف؟
< المسيرة كانت رد فعل طبيعي لوثيقة هياكل حكم الفترة الانتنقالية التي قدمتها قوى الحرية والتغيير والتي لم تنص فيها على الإسلام كمصدر من مصادر التشريع وجعلت التشريع في الفقرة 35 للشعب وهو الذي يشرع وهذا خلاف ماهو موجود في دستور 2005 والدساتير السابقة له والحقيقة كانت الحكمة السياسية والنضوج السياسي يقتضيان عدم إثارة القضايا الخلافية في ظل الوفاق الثوري الذي أدى الى عزل النظام السابق ومن كان معه من تيارات, التيارات الإسلامية التي انضمت للثورة وجموع الشعب لم يخرجوا أبداً لأنهم كانوا يرفضون شرع الله تعالى او ضاقوا ذرعاً به او لايريدون الإسلام، وإنما خرجوا من أجل مطالب واضحة, لذلك كان من الضروري حتى لا تنقسم الساحة ألا تُثار مثل هذه المسائل وأن تُترك لما بعد الفترة الانتقالية لتحسمها الانتخابات. لذلك إثارة ذلك إنما جاءت رد فعل طبيعي لهذا الأمر الصادر . > اجتماعكم مع المجلس العسكري بخصوص المسيرة ماهي مسوقاتهم للإلغاء وهل أرضى ذلك كل المجتمعين ام إن كانت هناك أصوات نشاز؟
< جاءتنا دعوة كريمة من المجلس وجلسنا مع نائب المجلس العسكري ولملمنا أطراف الحديث وتم التأمين على ألا تطرح مسألة علاقة الدين بالدولة في المرحلة الانتقالية وقد أمن المجلس العسكري على هذه النقطة والاتفاق عليها وأن تناقش هذه القضية عندما يطرح الناس أنفسهم للشعب السوداني كلٌ يطرح رؤيته لإدارة البلاد وإدارة السودان، ولا شك أن الشعب السوداني لن يرضى بغير الإسلام ديناً وحكماً، كما هو معروف في تاريخ الشعب السوداني، ولذلك فقد أمَّن المجلس العسكري على هذه النقطة، وكذلك طُرحت عدد من النقاط التي نوقشت في هذا الاجتماع، وكان اجتماعاً إيجابياً وسترى ثمرته في القريب العاجل، خاصة بعد أن تم تشكيل لجنة بيننا والمجلس العسكري تتواصل من أجل مناقشة كثير من القضايا الموجودة على الساحة . > كيف تقيِّمون ما خرج به اجتماع الأمس من مفاوضات بين المجلس العسكري وقوى التغيير والحرية, خاصة وأن البعض أسماه فشلاً؟
< المجلس العسكري الآن يدخل في مفاوضات مع جميع الأطراف المكونة للعملية السياسية في داخل السودان، وكل طرف طرح رؤيته لإدارة المرحلة الانتقالية، وقوى الحرية والتغيير لديها رؤية أكثر تشدداً في إدارة الفترة الانتقالية باعتبار أنها تريدها أربعة أعوام وتريد التمثيل في المجلس السيادي وفي رأيي أن مجرد الحوار بين الأطراف والجلوس للتفاوض، يعتبر مكسباً للسودان، ويبقى على ذلك أن تتنازل الأطراف وتراعي مصالح البلاد العليا من أجل تحقيق وفاق يحفظ للبلاد أمنها، فلذلك القول بأن هنالك فشل، تعميم ليس له دليل وليس له ما يسنده، وإنما نقول إن هنالك جولات أخرى بين جميع القوى السياسية بما في ذلك قوى الحرية والتغيير، ومؤكداً اذا توفرت الإرادة لدى الطرفين سيصل الناس لحل يرضي جميع الأطراف.صحيفة الانتباهة