تحقيقات وتقارير

في مُقدِّمتهم مرجان واللحو والبعيو .. فنانون ارتدوا (كاكي الجيش) ..!

عُرف السُّودان، الجمع بين العسكرية والمُوسيقى في العهد التركي عبر فرقة (السردارية) والأورطات) في العام 1884م التابعة لسرايا الحاكم العام، وتَحَوّلت في العام 1925م إلى مُوسيقى قوة دفاع السُّودان، ثُمّ ظهرت بعد الاستقلال فرقة مُوسيقى الجيش، إلى أن تمّ إنشاء سلاح المُوسيقى بعد ثورة مايو 1969، وظهر جيل صولات بريطانيا مستر هيركس ومستر بينت ومستر شيث، وكان لسلاح المُوسيقى دورٌ في تدريب المُوسيقيين في كثيرٍ من الدول العربيّة والأفريقيّة، واشتهرت لاحقاً بالجلالات والمارشات التي تُعزف في حالة الانقلابات العسكرية، وعزف عددٌ من المُوسيقيين العسكريين مع نجوم الفن مثل محمد وردي، ولاحقاً ارتدى الكاكي وانتمى للجيش عدد من نجوم المُوسيقى والغناء ودافعوا عن وطن الجُدود عبر (البندقية) و(الآلة المُوسيقية)، ولمع مُبكِّراً نجم العقيد أحمد مرجان الذي أشادت به جلالة ملكة بريطانيا إليزابيث عندما زارت السُّودان العام 1954م، وكان وقتها برتبة الملازم عندما عزف مع فرقة المُوسيقى العسكرية مقطوعات عالمية بالقصر الجمهوري، وكسرت الملكة البروتوكول طرباً وأمسكت بعصا قائد الفرقة مرجان وعزفت معهم ثلاث مقطوعات لـ 40 دقيقة، وكرّمت الملكة مرجان بأحد الدبابيس الملكية من صدرها، وعُرف لاحقاً بتحلين كلمات نشيد العَلَم السُّوداني.

(1)

بالمُقابل، ارتدى الفنان عبد الله عبد الماجد عبد القادر (البعيو) الكاكي، الذي بدأ حياته عطشجياً بالسكة حديد، وانتقل للغناء والتمثيل بكسلا، وشاهده الرئيس الأسبق المشير نميري بمسرح تاجوج في كسلا وأعجبه رقصه، ونقله إلى الخرطوم ليرعاه فنياً الفريق جعفر فضل المولى مُؤسِّس فرقة الفنون الشعبية، وأول مُؤسِّس وقائد لسلاح المُوسيقى، الذي انضم إليه البعيو وترقى من عريف إلى رقيب إلى مُساعد (صول)، وعُرف البعيو بالأداء الراقص القريب من الفنون القتالية العسكرية، واشتهر لاحقاً بأغنيات “ست الودع” وغيرها.

(2)

الفنان الشعبي القلع عبد الحفيظ عمل أيضاً لفترةٍ طويلةٍ في سلاح المُوسيقى ووصل إلى رتبة (صُول) ولا يزال يعتز بتجربته، واشتهر بترديد الأغنيات الحماسية مثل (بتريد اللطام أسد الكداد الزام).. وللفنان والملحن عمر عبد الله (الشاعر) تجربةٌ مُتميِّزةٌ في القُوّات المُسلّحة، حيث عمل عسكرياً في سلاح المُدَرّعات ونُقل لسلاح المُوسيقى مطلع الثمانينات، ووقتها صَدَرَ قرارٌ بترقية أيِّ عسكري يحمل الشهادة الجامعية إلى ضابط، والتحق بالكلية الحربية وتخرج برتبة الملازم، وواصل عمله في الجيش حتى تقاعد برتبة العميد، وله 150 أغنية من ألحانه مُسَجّلة بالإذاعة منها ثنائية شهيرة مع زيـدان إبراهيم.

(3)

سمية حسن، تُعتبر من النساء الرائدات في مجال التلحين بالسُّودان والإقليم وأحّبت العسكرية من والدها الذي كان ضابطاً في الجيش، وانضمت إلى سلاح المُوسيقى أيضاً وعملت به 13 عاماً، قدّمت خلاله عدداً من الأغنيات الوطنية وذلك بعد أن تَخَرّجت في معهد المُوسيقى والمسرح على أيدي خُبراء كوريين بقيادة «المستر كيم» في قسم الصوت والبيانو، وتخرجت فيه عام 1983 ولها تسجيل شهير مع كورال السلاح وهي تُغنِّي نشيد (يا عَزّة قومي) وهو من كلمات الشاعر اللواء أبو قرون عبد الله أبو قرون.

والتحقت الفنانة عابدة الشيخ أيضاً بسلاح المُوسيقى بدعم من شاعر الحقيبة محمد بشير عتيق الذي كان مُعجباً بها كفنانة ذات صوت جميل يجعل دُموعه تَنهمر من الطرب وشاعرة تكتب الشعر منذ الثانوية، وقد قَدّمَها له وللسلاح الشاعر التجاني حاج موسى، وشكّلت ثنائية مع المُلحنة أسماء حمزة خلّدها الشاعر عتيق في أغنية (زيارتك أسمى غاياتنا وهمزة وصل بيناتنا).

(4)

ولعلّ أشهر من ارتدى (الكاكي) من الفنانين هو علي إبراهيم (اللحو) له الرحمة والمغفرة، وقد هرب اللحو وعمره 13 عاماً من حوش بانقا إلى الشرق وفشل في الالتحاق بالجيش والشرطة في كسلا والقضارف لصُغر سنة.. في العام 1965 اجتاز اللحو المُعاينة بالسلاح الطبي والتحق بالقيادة العامة، ووقتها ذبحت والدته (تيساً) فرحاً بذلك، وعمل جندياً ووكيل عريف وتتلمذ على يد اللواء حسن بشير نصر قائد معركة كرن بالحرب العالمية، وعمل أيضاً مع الفريق أول عبد الماجد حامد خليل نائب رئيس الجمهورية الأسبق جعفر نميري.

صحيفة السوداني