أتلانتك: أي دروس استخلصها محتجو السودان والجزائر من الربيع العربي؟
يتساءل الكاتب إسماعيل كوشكوش في مقال نشرته مجلة ذي أتلانتك الأميركية عن الدروس التي استخلصها محتجو الجزائر والسودان من الربيع العربي، ويقول إن المظاهرات في البلدين تشترك في العديد من النقاط.
ويضيف أن هذا الاشتراك يأتي رغم اختلاف الخصائص المحلية التي أدت إلى اندلاع الاحتجاجات الشعبية في كل من الجزائر والسودان.
ويشير إلى أن أربع دول عربية شهدت خلال 2011 تشكيل حكومات جديدة، لكن تونس وحدها هي التي شهدت تغييرا حقيقيا في نهاية المطاف.
ويمضي بالقول، وأما بالنسبة للسودان والجزائر في الوضع الراهن، فقد خرج الناس إلى الشوارع للمطالبة بالتغيير، غير أن المظاهرات كانت في بدايتها محدودة ولا سيما في السودان حيث لم تتردد القوات التابعة للحكومة في سحق المتظاهرين.
دروس وتجارب
ويشير الكاتب إلى أن المحتجين اليوم في كلا البلدين استخلصوا دروسا من الماضي سواء كان ذلك من تجاربهم الخاصة أو من تجارب البلدان المجاورة.
ويضيف أنه بالرغم من أن الأوضاع في البلدين لم تشهد تغييرا كبيرا، فإن جهود المتظاهرين أتت أكلها نوعا ما، إذ إنها دفعت كلا من الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة إلى الاستقالة، وبالجيش السوداني إلى الإطاحة بالرئيس عمر البشير.
استئناف المظاهرات
ويقول الكاتب إن الحكومة السودانية واجهت معارضة الأحزاب السياسية التقليدية والجماعات “المتمردة” طيلة أعوام عديدة، مشيرا إلى أنه في 2011، كان معظم الأشخاص الذين حاولوا تأجيج المعارضة الشعبية ضد الرئيس البشير من الناشطين الشباب وطلبة الجامعات.
ويضيف أنه على الرغم من أن جهودهم لم تستمر لوقت طويل –حيث تعرضوا للاعتقال والتعذيب والنفي- فإن الاحتجاجات اندلعت من جديد في 2012 و2013.
ويشير الكاتب أنه خلال العام الجاري، أخذ تجمّع المهنيين السودانيين -وهو مجموعة مستقلة تضم نشطاء من أطياف سياسية ومهنية مختلفة- زمام المبادرة في قيادة المظاهرات، وكان لظهورها هيئةً مستقلةً -لا تتبنى أيديولوجيا معينة- دور حاسم في حشد الجماهير واستعادة الدور الفعّال والتاريخي للنقابات في السياسة السودانية.
أهمية الوحدة
وينسب الكاتب إلى المتحدثة باسم تجمّع المهنيين السودانيين سارة عبد الجليل القول في هذا السياق “لقد أدركنا أهمية الوحدة”.
وأشاد الكاتب بالدور الأساسي الذي اضطلعت به النساء السودانيات، ولا سيما الشابات، حيث أُطلق عليهن لقب “كنداكة” وهو لقب خاص بالملكات الحاكمات في السودان قديما.
ورأى أن مشاركتهن في الاحتجاجات عكست إلى حد ما التركيبة السكانية المتغيرة للبلاد، فضلا عن كونها دلالة على رفض الفكر السائد الذي يصوّر المرأة السودانية على أنها خاضعة.
وأكد أن المتظاهرين في كل من السودان والجزائر استمدّوا الإلهام والشجاعة من اللحظات القومية الفارقة التي عرفها تاريخ بلادهم.
ويشير الكاتب أنه في الجزائر والسودان -وعلى غرار جميع ثورات الربيع العربي تقريبا- كان لمواقع التواصل الاجتماعي، ولا سيما فيسبوك وواتساب وتويتر، أهمية كبرى بالنسبة للنشطاء.
جيل ذكي
وينسب كوشكوش لكاتب جزائري هو هشام يزة القول في هذا السياق إن “ظهور جيل يتسم بالذكاء السياسي والتكنولوجي، وقادر على استغلال الموارد المتوفرة لديه ليحوّلها إلى عمل متماسك ومتناسق، ساعد بشكل كبير منظمي الاحتجاجات الجزائريين”.
ويضيف كوشكوش أنه بالنسبة للسودان، فيكمن الاختلاف الرئيس هذه المرة في مدى إدراك أهمية الأمن الرقمي وتجاوز القيود المفروضة على الإنترنت من جانب الحكومة.
الجيش والثقة
وأضاف الكاتب أن المتظاهرين في الجزائر والسودان تعاملوا بحذر إزاء الوعود التي قدّمها الجيش بهدف تجنب تكرار السيناريو المصري، وأن المظاهرات في الجزائر استمرت إلى ما بعد إقالة بوتفليقة، تماما كما حدث في السودان مع البشير خلال الأسبوع الماضي، مشيرا إلى أن منظمي الاحتجاجات السودانيين يصرون على أنهم لن ينساقوا نحو المواجهات المسلحة مع الجيش كما هو الحال بالنسبة لسوريا.
ويشير إلى أنه من هذا المنطلق، فقد أكّد المحتجون على الطبيعة السلمية للاحتجاجات بينما شجعوا في الوقت ذاته على الخروج إلى الشوارع بأعداد غفيرة من أجل تفادي مصير المحتجين في ميدان رابعة بالقاهرة، حيث سقط مئات القتلى على يد الجيش المصري في انقلاب 2013.
وأورد الكاتب أنه رغم الاختلاف في الخصائص المحلية لاحتجاجات السودان والجزائر، فإن البلدين يتشاركان في العديد من النقاط والدروس المُستخلصة.
وينسب الكاتب إلى الناشط المصري عبد الرحمن منصور القول إن كثيرين يصفون الأوضاع الحالية في كلا البلدين “بالربيع العربي المتأخر، إذ إنهم تعلّموا من أحداث الموجة الأولى للثورات العربية”.
الجزيرة الاخبارية