بين ارتفاع الدولار وأزمة السيولة المحترفون الأجانب بالسودان.. أرقام تتهاوى!!
كان لافتاً خلال فترة التسجيلات الماضية، حدوث بعض المفارقات فيما يتعلق بانتدابات اللاعبين الأجانب، حيث انخفضت القيمة التعاقدية إلى جانب عزوف عدد كبير من الأندية عن المشاركة في – سوق الانتقالات – الصيفية الماضية.. عدد من الخبراء يرون أن جُملة أسباب اجتمعت لتلعب دوراً مهماً في ذلكم التراجع الذي حدث، (السوداني) أجرت تحقيقاً سعت من خلاله لاستقصاء الحقائق وكشف الكواليس التي أدت إلى عزوف الأندية عن المشاركة في الانتدابات.
(15) مليون دولار دفعها المريخ
لا يجد أيّ مُراقب؛ كبير عناء في ملاحظة أن الكرة السودانية شهدت تراجعاً ملحوظاً في ما يلي استقدام اللاعبين الأجانب خلال الفترة الأخيرة نظراً لأسبابٍ يرى بعض الخبراء أنها موضوعية قياساً بواقع الحال.
وبلغة الأرقام نجد أن نادي المريخ يعتبر صاحب العدد الأكبر من حيث التعاقد مع المحترفين الأجانب، وقد مثَّلت بعض الصفقات التي قام بها المريخ على مستوى اللاعبين الأجانب تحولاً حقيقياً في عالم الاحتراف بالكرة السودانية، حيث تعاقد المريخ مع أكثر من 53 لاعباً محترفاً على مدار الأربعة عشر عاماً الماضية.
وبحسب مصدر موثوق فإن التكلفة المالية لصفقات اللاعبين الأجانب الذين تعاقد معهم الأحمر خلال الأعوام الماضية وصلت إلى مبلغ فلكي وهو ما يقارب الـ15 مليون و100 ألف دولار أمريكي.
وفاقت تعاقدات القمة مع اللاعبين المحترفين كل التوقعات من حيث العددية، فعلى سبيل المثال وصل عدد الأجانب في نادي المريخ خلال موسم واحد هو 2015 م “6” لاعبين هم الحارس جمال سالم، كواسي مارسيال، ديديه ليبري، المصري أيمن سعيد، جابسون، وأوغستين أوكرا. وفي ذات الاتجاه مضى الند التقليدي الهلال حيث سجل هو الآخر عدداً من اللاعبين الأجانب كان أبرزهم الحارس الكاميروني آنذاك ماكسيم.
وارغو..الحضري واتوبونج الأغلى
للتأكيد على التراجع الكبير الذي أصاب الاندية السودانية وبالأخص ناديي الهلال والمريخ في الصرف المالي كان لزاماً علينا القيام بعملية بحث، وتقصي للحقائق من بعض الشخصيات المقربة من مراكز القرار سواء في الفترة السابقة، أو الحالية والخروج منها ببعض الارقام المالية للصفقات التي ابرمت ومقارنتها بما يجرى حالياً والوصول لنتيجة بعد ذلك.
ومن المفارقات التي قد تبدو غريبة في عالم تسويق كرة القدم هو أن القيمة التعاقدية للاعبين الأجانب القادمين للسودان أصابها – هبوط – غير ناعم وبدا واضحاً من – الأرقام – التي سنكشف عنها لاحقاً أن هناك العديد من المشكلات المالية التي تواجه أندية القمة والتي كانت سبباً في الفارق المالي الكبير بين اللاعبين الأجانب الذين قدموا خلال السنوات الماضية، والأسماء الموجودة حالياً.
ويحتفظ صانع الألعاب النيجيري الشهير وارغو، لاعب المريخ السابق بمقعد – الصفقة الأغلى – في تاريخ الكرة السودانية.
وتعاقد المريخ مع صانع ألعاب انيمبا النيجري آنذاك في العام “2008” بمبلغ مالي وصل إلى 3 ملايين دولار في صفقة أثارت جدلاً واسعاً داخل وخارج الوسط الرياضي وكانت حديث الناس وقتها لا سيما في ظل المنافسة التي دخل فيها الأحمر وقتها مع أندية من العيار الثقيل أبرزهم النادي الأهلي المصري وقتها.. أما المرتبة الثانية من حيث الصفقات (الدولارية) الأعلى فجلس فيها مناصفة كل من الحارس المصري عصام الحضري الذي تعاقد معه الأحمر بمبلغ وقدره مليون دولار في نهاية العام “2010”. ومعه المهاجم الكاميروني ولاعب نادي الاتحاد السكندري وقتها، اتوبونج والذي سجَّله الهلال إبان فترة الرئيس الأسبق الأمين البرير في العام ” 2011″، بمبلغ مالي وصل مليون دولار وأثارت الصفقة الكثير من الأحاديث خاصة وأن اللاعب لم يقدم المستوى الفني المأمول وغادر سريعاًً.
برازيليون في السودان
يعتبر الظهير الأيسر السابق بالمريخ البرازيلي – ليما – من أغلى المحترفين البرازيليين الذين لعبوا بالسودان، وكان المريخ قد تعاقد معه عام 2012 بمبلغ 600 ألف دولار وقتها، وتبدو الفوارق كبيرة بين الظهير ليما الذي حل مشكلة الرواق الأيسر في المريخ آنذاك وبين زملائه الآخرين الذين لعبوا في الأحمر على أوقات متفاوتة. وسبق للمريخ أن تعاقد مع لاعب الوسط البرازيلي باولينو بمبلغ 300 ألف دولار بينما جاء مواطنه نيتو في بدايات الألفية الجديدة بمبلغ لا يتجاوز 200 ألف دولار وكذلك مواطنه ساندرا آنذاك..
أما في أروقة نادي الموردة الخرطوم فقد تعاقد خلال الأعوام الماضية مع الثنائي البرازيلي جيان وسيرجيو وبحسب مصادر فإن الصفقة لم تكلف الكثير من المال ولم تتجاوز الـ 100 ألف دولار وقتها.
وكان الهلال قد بادر أيضاً بالتعاقد مع عدد من الأسماء البرازيلية بيد أن أشهرهم على الإطلاق هو لاعب الوسط المهاجم روبيرو الذي ارتدى شعار الأزرق في العام 2005 وقتها وقدم مستويات فنية متميزة بخلاف مواطنه ايمرسون الذي فشل في تقديم الإضافة المطلوبة ولم تتجاوز صفقة التعاقد مع روبيرو الـ 1050 دولاراً آنذاك.
المريخ عاد في العام الماضي بمفاجأة لم تكن في الحسبان حيث أبرم عقداً منتصف العام الماضي مع الثنائي البرازيلي، ماركوس ومواطنه فينتورا وكانت المفارقة في أن مقدم عقد اللاعبين لم يتجاوز خمسة آلاف دولار كما أن راتبهم بحسب العقد ألف دولار وهو ما يؤكد الهبوط غير الناعم في أسعار التعاقدات.
تدني مريع في صفقات الأفارقة
يعتبر مهاجم الهلال الأسبق، ولاعب المريخ السابق المالي الأصل، محمد تراوري من أكثر اللاعبين الأفارقة الذين جنوا أموالاً طائلة خلال فترة لعبهم بالكرة السودانية ..
ومثل انتقال تراوري إلى المريخ نقطة تحول كبيرة في مسيرته الاحترافية، وتعاقد الأحمر مع اللاعب بمبلغ مالي كبير يقارب الـ800 ألف دولار..
وبحسب العقد المبرم بين اللاعب ونادي المريخ خلال وقت سابق فإن الأخير كان يمنح تراوري مقدم عقد 100 ألف دولار ومرتباً شهرياً 10 آلاف دولار وهو ما وضعه في أعلى ترتيب للاعبين الأفارقة من حيث الأجور بالسودان ..
ودخل اللاعب في مشكلات كبيرة مع نادي المريخ أجبرت الأخير على الدفع بشكوى ضده إلى الاتحاد السوداني لكرة القدم، ومنها إلى الفيفا ..
ويجلس في المرتبة الثانية من حيث جني أموال طائلة من الكرة السودانية مهاجم الهلال والمريخ السابق كلتشي الذي تعاقد معه الهلال مطلع الألفية الجديدة، قبل أن يعود ويخطفه المريخ في صفقة انتقال حر كلفت خزينة النادي ما يقارب 300 ألف دولار وقتها ..
ولعب كلتشي للمريخ على فترتين وجنى الكثير من الأموال كما تعاقد مع نادي الأهلي شندي بعد ذلك ونال أموالاً من راعي النادي صلاح إدريس ..
ومن الأسماء التي نالت مقابلاً مالياً كبيراً مهاجم المريخ الزامبي ساكواها الذي جلبه النادي بمبلغ 300 ألف دولار ..
ولم تكن صفقة المدافع المونديالي جين أبالو آنذاك بالسهلة على المريخ حيث تعاقد معه الأخير بمقابل مالي يصل إلى 220 ألف دولار وقتها..
وعطفاً على ما سبق وبالرغم من ذهاب تراوري من المريخ قبل فترة ليست بالقصيرة إلا أنه حتى اللحظة لم يتمكن أي لاعب إفريقي من إزاحته من الترتيب الأول الذي يجلس عليه من حيث الأعلى أجوراًً بالسودان..
وللتأكيد علي هبوط القيمة التعاقدية للاعبين الأجانب’ وبالأخص الأفارقة في الكرة السودانية وعلى الرغم من المقابل المالي المذكور سلفاً إلا أن ذات النادي، المريخ مثلاً تعاقد خلال العام الماضي مع بعض اللاعبين وفق قيمة مالية متدنية للغاية حيث تعاقد الأحمر مع المهاجم السيراليوني فوفانا بمقدم عقد 10 آلاف دولار بينما بلغ راتبه 4 آلاف دولار.
وتعاقد الأحمر نفسه مع اللاعب التوغولي كوكو، بمبلغ وقدره 5 آلاف دولار بينما لم يتجاوز راتبه الشهري ألفي دولار..
وأحضر المريخ لاعبه النيجري عبد المجيد سومانا بمبلغ وقدره 5 آلاف دولار وراتب شهري لا يتجاوز ألفي دولار .. وسار على الدرب نفسه في تعاقدات الصيف الماضية واتفق مع مواطنه ماماني بمبلغ وقدره 5 آلاف وراتب شهري ألف دولار ..
النيجيريون .. أسعار متفاوتة
يوصف المحترفون النيجيرون بأنهم الأكثر مجيئاً إلى الدوري السوداني. وبحسب المصادر المقربة من مفاوضات الأندية مع الأجانب فإن الأسماء النيجيرية لا تتوقف كثيراً في التفاوض المالي على الرغم من تعنت بعضها وتمسكها بحقوقها في الكثير من الأحيان.
ويعتبر لاعب الوسط وارغو، صاحب القيمة الأعلى بين أقرانه حيث حضر إلى السودان بمبلغ وقدره 3 ملايين دولار.
وارتدى قرابة 11 لاعباً نيجيرياً شعار نادي المريخ، وتعاقد الأحمر مع المهاجم الراحل إيداهور بمبلغ وقدره 300 ألف دولار بينما نال المدافع النيجيري مالك إسحاق 100 ألف دولار وكذلك الحارس شيكوزي وقتها 100 ألف دولار، وشيكورا 100 ألف دولار.
وارتدى لاعب الوسط جابسون سالمون شعار المريخ في العام 2015 مقابل 200 ألف دولار، وكذلك لاعب الوسط أوجو 100 ألف دولار بينما نال المدافع النيجيري محمد سيلا 100 ألف دولار كذلك..
وكيل أجنبي يشرح الحاصل
ويقول وكيل اللاعبين الموريتاني عبد الحي أدومو لــ(السوداني) إن الكرة السودانية شهدت تراجعاً من حيث التعاقد مع اللاعبين المحترفين مشيراً إلى أنه وبحسب الإحصائيات الموجودة فإن الأرقام كانت كبيرة خلال السنوات الماضية، مشيراً إلى أن هناك بعض الأسباب التي أدت إلى عزوف الأندية عن التعاقد مع اللاعبين الأجانب، أهمها الارتفاع الكبير جداً لسعر الدولار، ثم تمثَّلت الطامة الكبرى في أزمة السيولة التي جعلت حتى تسجيل اللاعبين المحليين أمراً عسيراً.
ويؤكد الوكيل الموريتاني لـ(السوداني) أنه درج على التعامل مع نادي المريخ بصورة مباشرة خلال فترة الانتدابات الماضية وقدم له بعض اللاعبين أبرزهم – سومانا – ومواطنه – ماماني – أيضاً. وأبدا الرجل دهشته من المفارقات في اسعار اللاعبين الأجانب، وقال إنه علم بأن نادي الهلال مثلاً يتعاقد مع لاعبيه الأجانب بأسعار أكبر من المريخ مشيراً إلى أنه لم يتحقق من هذا الأمر لكنه يرى بأن ذلك ممكن في ظل عدم وضوح وثبات الأوضاع المالية بالناديين الكبيرين في السودان.
تحقيق: حسن بشير
صحيفة السوداني