اقتصاد وأعمال

إرهاصات بتجميد صناع السوق والآلية تنفي

قلل مصرفيون سودانيون من إعلان آلية صناع السوق عبر وسائل الإعلام تجميد نشاطها لأجل غير مسمى.
وهدفت الحكومة السابقة برئاسة معتز موسى من تشكيل آلية مستقلة لصناع السوق في (7) أكتوبر الماضي 2018، تحديد سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية وكانت تضم في عضويتها كل من (بنك الخرطوم، أم درمان الوطني، التضامن، النيلين، فيصل الإسلامي، وممثل للصرافات، (2) من الخبراء (صناع السوق).
ورغم الإيجابيات التي أحدثتها الآلية في بداياتها بالتقليص الجزئي لحركة ونشاط السوق الموازي باحتوائه وتحويل المتعاملين معه واجتذابهم نحوها والتعامل بسعرها الذي أعلنته، إلا أنها لم تتمكن من تقليل جاذبيته لعملائه ولا خفض أسعاره التي تُحدَّد ربحيتها بناءً على ما تعلنه لجنة سعر الصرف من سعر جديد لليوم التالي.
وسارع الناطق الرسمي باسم الآلية عبد الحميد عبد الباقي سراج لنفي قرار التجميد وقال لـ(السوداني) إن البنك المركزي لم يصدر أي قرار بحل أو تجميد عمل الآلية.
وأشار سراج إلى أن التجميد كان مقترحا من الآلية لمحافظ البنك المركزي على ضوء المتغيرات في الساحة الاقتصادية، مبينا أن بنك السودان هو الجهة التي أصدرت قرار إنشاء الآلية وهو الجهة الوحيدة التي تقرر في شأنها.
وقال محللون تحدثوا لـ(السوداني)، إن تجميد الآلية كان متوقعا بسبب انفلات أسعار الدولار بالسوق الموازي مقابل ثبات سعر الآلية وتأرجح أسعار الصرف التي تعلنها الآلية ما بين (46,49) و(47,5) جنيها للدولار.
وأشاروا إلى استمرار الآلية طيلة الأشهر الـ(5) المنصرمة من تكوينها في تحديد أسعارها على موارد غير حقيقية لا وجود لها على أرض الواقع وإنما هي نتاج توقعات فقط بعائد صادر وتحويلات مغتربين لتوفير موارد بالنقد الأجنبي للقطاعات ذات الأولوية والقضاء على تهريب الذهب وغيره من الموارد ومنع التلاعب في حصائل الصادر وإنهاء ظاهرة السوق الموازي بالداخل والخارج.
ووصف عضو آلية صناع السوق د. صلاح أبو النجا لـ (السوداني) الآلية بعديمة القيمة بسبب ثبات سعرها في (47,5) جنيها للدولار منذ فترة طويلة في الوقت الذي يشهد فيه الدولار ارتفاعا مضطردا في السوق الموازي لأكثر من (60) جنيها.
وأشار أبو النجا إلى أن القرار ليس تجميدا وإنما إلغاء كامل لنشاط آلية السوق، متوقعا استمرار العمل بسعر الدولار الذي حددته الآلية إلى حين إعادة تحديد السعر الرسمي الجديد من قبل بنك السودان المركزي، مشيرا إلى أن السعر المعلن غير واقعي ولا محفز للمغتربين والمصدرين والجهات الأخرى التي أبدت تعاونا في التعامل بسعر الآلية.
ولفت لنجاح عمل الآلية في بداياتها وتمكنها من استقطاب موارد من تحويلات المغتربين وعائدات الصادر، الأمر الذي قلل من أسعار السوق الموازي وحجَّمَ نشاطه، مبينا أن المشكلة الرئيسة التي جابهت الآلية هي تحديدها لأسعار غير جاذبة للصرف.
وأشار الأمين العام السابق لاتحاد المصارف السوداني د.مجذوب جلي لـ(السوداني) أن تجميد آلية صناع السوق كان حتميا باعتبارها غير فاعلة ولم تنجح في ضبط انفلات سعر الصرف بالسوق.
وقال جلي إن مالك الدولار هو الذي يحدد سعره، فكيف تحدد آلية صناع السوق سعر دولار لا تملكه وزاد: فاقد الشيء لا يعطيه.
وقال المدير الأسبق لبنك النيلين عثمان التوم إن الآلية سعت لفرض سعر عملة أجنبية يكون محفزا للمواطنين والمغتربين والمصدرين للتعامل به داخل النظام المصرفي سواء الصرافات أو البنوك غير أنها توقفت عن طرح أسعار جاذبة وصار أخيرا سعرها ثابتا في (47,5) جنيها للدولار.
وذهب التوم لاحتمالات لجوء بنك السودان لقرار تجميدها تخوفا من الآثار السالبة من تصاعد سعر الدولار في السوق وعدم قدرة الآلية على مجاراته وتغطية الزيادة الجديدة.
وقطع بوجود خيارين أمام بنك السودان المركزي عقب تجميده لآلية صناع السوق: إما أن يعاود تحديد سعر الصرف الرسمي بنفسه مرة ثانية كما كان يفعل سابقا، أو أن يعلن تحرير سعر الصرف وترك الأسعار لتحددها آليتي العرض والطلب في السوق.
وأشار المسؤول السابق عن آخر آلية فنية لتحديد سعر الصرف بالسودان (قبل 20 عاما) د.عصام الدين الزين في حديث لـ(السوداني) لضعف أداء آلية السوق لقلة احتياطياتها من النقد الأجنبي وهو سوق (يرغب في الشراء أكثر من البيع)، وهو مبني على توقعات فقط، لذلك فإن التجميد كان واردا لعدم قدرته على التعاطي مع السوق الموازي والذي يدار عبر مجموعة محترفة من السماسرة تمكنت من خلق ثقة قوية بينها والمغتربين والمصدرين ومن يملكون النقد الأجنبي.
وكان بنك السودان المركزي قد طبق منذ نحو (20) عاما تجربة آلية سعر الصرف تضم جميع البنوك العاملة بالبلاد أبرز الفروقات بينها والآلية التي تم تجميدها أنها كانت تجتمع لتحدد سعر الصرف وفقا لموارد حقيقية وعائدات صادر محققة فعليا، ونجحت وفقا لمسؤولين سابقين تحدثوا لـ(السوداني) في توفير وضبط حركة النقد الأجنبي وإعادة توظيفه في الاقتصاد واستيراد السلع الضرورية، الأمر الذي عجزت عن تحقيقه الآلية المنحلة.

هالة حمزة
السوداني