تحقيقات وتقارير

قُدّرت بـ(24) مليار جنيه الاحتجاجات .. قراءة في أرقام (الاستنزاف)

رغم مسارعة الحكومة لطرح مُبادرات جادّة لأجل مُواجهة التحديات السياسية والاقتصادية التي تُواجه البلاد، إلا أنّ بعض حالات الاحتجاجات ظَلّت حاضرة في المشهد، مِمّا يطرح تساؤلات من شَاكلة لمَصلحة من تستمر هذه الاحتجاجات رغم المُعالجات التي قامت بها الحكومة وسدّها للثغرات التي صعد المُحتجون وتيرة احتجاجهم عبرها؟ وهل استمرار هذه التظاهرات أمر مقصود منه استنزاف موارد البلاد في ظل تقديرات، تُشير إلى أنّ حجم الأعباء المالية للاحتجاجات يبلغ حوالي (24) مليار جنيه؟ ففي ظل استمرار هذه الاحتجاجات ستتضاعف التبعات المالية على الحكومة خَاصّةً فى حالة الاستنفار والتأهب في صفوف القوات النظامية، بجانب الصرف الإداري في ظل واقع اقتصادي مأزوم وشُح في السيولة.

تكلفة المواجهة

ألقى وزير المالية الأسبق والخبير الاقتصادي التجاني الطيب، حجراً في بركة (تكلفة الاحتجاجات) غير الساكنة بإشارته إلى حجم الأعباء المالية للاحتجاجات التي تشهدها البلاد والتي قدّرها بـ (24) مليار جنيه، وأشار في تصريحات صحفية نقلتها الزميلة (الانتباهة) إلى أنه في حال استمرار الاحتجاجات ستضع موازنة 2019 في خانة عدم الواقعية .التيجاني رسم واقعاً مُظلماً لاقتصاد البلاد خلال العام الجاري، حينما قال: (الوضع الاقتصادي في 2019 سيكون في غاية الصعوبة وانعكاس ذلك على المُوازنة العامة سيكون كارثيّاً)، فيما أشارت تقارير إعلامية سابقة بأنّ الحكومة السودانية ومنذ اندلاع عمليات الاحتجاجات والتظاهرات تتكلّف يومياً ما يفوق الـ(2) مليون دلاور لمُواجهة معالجات الأزمة المتمثلة في الدعم، وقيامها بدورها الأمني البالغ التعقيد للمحافظة على أمن واستقرار البلاد .

استنزاف موارد

الأمر هنا يشبه الكلفة اليومية الباهظة التي ظلت تُسدِّدها الحكومة السودانية طوال حرب الجنوب والحرب في دارفور التي تأكل موارد الدولة كما تأكل النار الحطب، وهو ما يُمكن أن يستشف منه أن هناك جهات وقوى أجنبية لا تزال تُطارد الدولة السودانية وتمنعها من التنمية والتطور باستنزاف مورادها، والحيلولة دُون توجيه هذه الموارد لصالح بناء الدولة وترسيخ التنمية ونشر الخدمات في مختلف أرجاء البلاد.

حل سياسي

في حديثه لـ (الصيحة)، يرى الأمين السياسي لحزب منبر السلام العادل محمد أبو زيد، أنّ الحل في يد الحكومة، ويجب عليها الاعتراف بوجود أزمة حقيقية تتطلب حلولاً سياسية، وقال إنّ المعلومات التي بحوزتنا تُشير إلى أنّ الصرف الإداري والاستعداد الأمني في الخرطوم لمقابلة الاحتجاجات يكلف (10) مليارات جنيه يومياً، مُضيفاً بقوله: (صحيح إنّ الحكومة بدأت في معالجات الأزمة منذ خطاب الرئيس واستشعار الناس بأن الحكومة ماضية في إيجاد حلول)، منوهاً إلى أن الأزمة بالدرجة الأولى هي سياسية، ولتجاوز هذه المرحلة يدعو أبو زيد إلى الإسراع بإنجاز مصالحة لأجل إنقاذ الاقتصاد وعدم إهدار الموارد حتى لايؤدي هذا الأمر إلى سقوط الدولة، مُشيراً الى تحديات أخرى تتمثل في تكالب إقليمي ودولي وحصار غير مُعلن، مُشدداً على أهمية تقديم تنازلات حقيقية وحدوث اصطفاف وطني لمواجهة الأزمة.

غير راشدة

في السياق، شن الكاتب الصحفي والمحلل السياسي فتح الرحمن النحاس، هجوماً عنيفاً على المعارضة، ووصف سلوكها بتصعيد (الاحتجاحات) بغير الراشد، مؤكداً أن استغلال القوى المعارضة للاحتجاجات وإضافة عبء مالي على الحكومة في الصرف على الأجهزة الأمنية يُعتبر استنزافاً ممنهجاً من قبل هذه القوى المعارضة، وهذا يدل على ارتباطها بجهات خارجية تهدف لتدمير مقدرات البلاد، وقال إن استمرار الاحتجاجات يعني تعطيل مساعي الإصلاح الاقتصادي الذي تقوم به الحكومة وتخفيف وطأة المُعاناة المعيشيّة عن كَاهل الشعب السُّوداني، وشَدّد على أهمية الركون لخيار الحوار فقط دون غيره من الخيارات لأجل الوصول الى نقاط تلاقٍ تجنب البلاد المالآت الكارثية.

تقرير: عبد الهادي عيسى
(صحيفة الصيحة)