تحقيقات وتقارير

هدايا الولاة المغادرين .. حديث المجالس .. آخرها (برادو) أيلا و (بوكس) جمَّاع

ضجت مجالس المدينة و الساحة السياسية بالبلاد مؤخراً باحتفالات عند مغادرة بعض المسؤولين لمناصبهم خاصة ولاة الولايات، تحت مُسمى (حفل وداع)، الظاهرة لم تقف عند حد الاحتفالية فحسب، بل تجاوزت ذلك حيث انهالت الهدايا النقدية والرمزية للمسؤول المعفي، ما جعلنا نفتح الباب على مصراعيه لهذه الظاهرة، الجدل الكثيف الذي حظى به تكريم والي كسلا السابق آدم جماع، ووالي الجزيرة السابق رئيس الوزراء محمد طاهر أيلا .

هدايا قيمة

في الجزيرة أقامت عدد من اللجان الشعبية حفل وداع لوالي الولاية السابق، د. محمد طاهر أيلا، وكرمته بعدد من الهدايا القيمة متمثلة في (سيارة تويوتا لاندكروزر موديل 2019 وقطعة أرض رقم 71 بحي الزمالك الراقي بمدينة ود مدني، بجانب مفتاح رمزي للولاية من الذهب الخالص)، وقد قام أيلا بإهداء العربة لمستشفى القلب بالجزيرة، كما قام بإهداء قطعة الأرض لتكون وقفاً لمرافقي مرضى السرطان، وأعلن عن تبرعه بـ(100) ألف جنيه للمساهمة في تشييد هذه القطعة. الخطوة التي أقدم عليها أيلا ليست الأولى من نوعها، وقد سبقه على ذلك والي جنوب دارفور الأسبق، الحاج عطا المنان إدريس، عندما تم تكريمه بمدينة نيالا بقطعة أرض، ليعلن الحاج تحويلها إلى مستشفى .. إلى جانب والي البحر الاحمر السابق الهادي محمد علي الذي أرجع الهدايا التي قدمت له من مواطني الولاية .

مفتاح بوكس

أما كسلا فشهدت احتفالية ضخمة بمسرح تاجوج الذي امتلأ عن آخره وكانت الدموع حاضرة، الوالي السابق آدم جماع، تسلم مفتاح سيارة بوكس ٢٠١٩ .. ‏خطوة تكريم الوالي وجدت استهجان كبير، خاصة وأنها تزامنت مع إعلان المراجع العام لجمهورية السودان عن حجم تجاوزات الولاية والذي بلغ (376) مليار جنيه، في وقت دعا كثيرون جماع لأن يحذو حذو أيلا ويعيد (البوكسي) آخر موديل للخزينة العامة، عله يعيد فاقد المال العام الذي كشفه المراجع العام .

جهات منتفعة

الناقمون على الخطوة يرون أنه كان من الأجدى أن تقدم تلك الهدايا باهظة الثمن للفقراء والمساكين والمرضى فهم أحوج إليها من المسؤولين المغادرين للمنصب، والذين ربما يذهبون إلى منصب آخر، فهم ليس في حاجة إلى كل هذا، فيما اعتبرها كثيرون أنها من أجل (كسير التلج أو الشوفونية)، في وقت اتهم البعض جهات منتفعة من الخطوة هي التي تقوم بترتيبها .

تكريم شكلي
الشاهد أن احتفالات التكريم لم تقتصر على أيلا وجماع فقط، بل إن هناك عدداً من الولاة شملتهم ظاهرة التكريم ولكنه أخذ طابع شكلي، في مقدمتهم عبد الرحمن الخضر عندما غادر القضارف، إلى جانب اللواء حقوقي حاتم الوسيلة، وهو يرتب في حقائبه مغادراً ولاية نهر النيل في احتفال شهدته جموع غفيرة من أهالي الولاية، كما يعتبر والي جنوب دارفور آدم الفكي من بين الذين نصبوا لهم حفل وداع وتكريم، الفكي الذي كان يعمل في التجارة طالبته الغرفة التجارية بنيالا بأن يكون قريباً من الولاية من خلال عمله فيها.

سقوط اللجنة

ويقول المختص بشؤون الولايات، محمد أحمد كباشي، لم يكن أمام رئيس مجلس الوزراء، د. محمد طاهر أيلا، خيار غير الذي اتخذه بالتبرع بالسيارة موديل 2018 لمستشفى السرطان، وأضاف أنها رسالة تقرأ من زوايا متعددة، وقال إن إيلا ادخل اللجنة المعنية بتكريمه في حرج شديد، وإن الرسالة هنا كانت واضحة المعالم (أن لا تفرحوا بهديتكم هذي فلست أحوج بها من أولئك)، وأشار أن أيلا على عكس جماع تماماً الذي ارتضى وفرح بالهدية، واختتم كباشي حديثه بأن اللجنة سقطت ونجح أيلا.

تربية سياسية

أستاذ العلوم السياسية عبد الوهاب عثمان، يقول إن المسألة تعتبر في حد ذاتها بدعة جديدة، لم تكن موجودة في الفترة الماضية، وأنها ثقافة غير متاحة في المشهد السياسي السوداني، وقال عثمان إن تلك الأموال التي تهدى للمسؤول إذا كانت من المواطنين فهي بها نوع من المقبولية رغم أنني لا أحبذها، وأضاف أن المصيبة الأكبر أن تكون من الولاية، مشيراً إلى أنه لا يجوز لجهة أن تأخذ أموال الشعب لتكريم مسؤول أياً كان، وشدد عبد الوهاب للصحيفة على ضرورة أن تحارب مثل هكذا ظواهر، وتأسف لخطوة قبول المسؤول للهدايا، وقال إن خطوة أيلا يكاد تكون فيها نوع من المقبولية باعتبار أنه تبرع بها لمؤسسات الولاية، واقترح عثمان أن يدرس المواطنون تربية سياسية حتى يعرفوا حدودهم في مثل هكذا أمور.

تقرير:جاد الرب عبيد
الخرطوم (صحيفة آخر لحظة)

تعليق واحد

  1. هللا جلس هؤلاء فى بيوت آبائهم أمهاتهم وينتظرون ايهدى لهم ام لا فمثل هذه الهدايا الأولى رفضها وليس قبولها ثم التبرع بها فما نهي عنه الرسول الكريم قدوتنا الالتفاف عليه او تغليفه لا يجوز يا هؤلاء ولكنه عهد وطبع بنى كوز والطبيعة جبل ولو أنهم رفضوا تلك الهدايا صراحة لاعادوا لنا شيئا من الثقة فيهم ولكنه ديدنهم الرياء والنفاق قاتلهم الله جميعا وخلصنا منهم ومن بلاويهم